فاينانشيال تايمز- ترجمة شادي خليفة -
تعمل مصر و«حماس» (الحركة الفلسطينية المسلحة) على وضع اللمسات النهائية على اتفاق من شأنه أن يعيد فتح معبر «رفح» الحدودي الحيوي لغزة، ما يسمح للمعونات بالعبور إلى القطاع الفقير الذي هو في حاجة ماسة إليها، وتمكين المزيد من سكانها من السفر.
ويعكس الاتفاق تغير الديناميكيات في المنطقة، ويأتي بعد تحرك مصر ودول الخليج لكبح جماح قطر، أكبر مانح للمشاريع في غزة والداعم القوي لـ«حماس».
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد فرضت حصارا إقليميا على قطر واتهمتها برعاية الإرهاب ودعم الجماعات الإسلامية مثل «حماس».
وقد تم التوصل إلى اتفاق خلال محادثات توسط فيها «محمد دحلان»، رئيس الأمن السابق في قطاع غزة، الذي أطيح به بعدما اندلع صدام عنيف بين «حماس» و«فتح»، منافستها الفلسطينية، قبل عقد من الزمان.
وكان «دحلان»، وهو رجل قوي في حركة فتح، يعيش في المنفى في دولة الإمارات العربية المتحدة التي أيدت أيضا الاتفاق بين القاهرة و«حماس».
وجاء ذلك بعد أن تعهد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» بالتوسط في «صفقة القرن»، لإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وسيكون مصير غزة وسكانها، البالغ عددهم 2 مليون نسمة، عاملا حاسما في أي اتفاق.
ومن المقرر أن يزور «جاريد كوشنر»، صهر الرئيس الأمريكي، رام الله في الضفة الغربية المحتلة هذا الأسبوع، في إطار الجهود الدبلوماسية التي تبذلها واشنطن.
وتظهر تفاصيل الصفقة التي سيتم بموجبها فتح معبر «رفح» مع مصر، بعد إغلاقه خلال معظم الأعوام الأربعة الماضية، في تصريحات أدلى بها سياسيون فلسطينيون.
وقد زار مسؤولون من «حماس»، من بينهم الزعيم الجديد للحركة في غزة، «يحيى السنوار»، القاهرة 3 مرات في الأشهر الأخيرة للاتفاق على التفاصيل.
وأكد «محمود الزهار»، عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، اللقاءات بين أعضاء «حماس»، و«دحلان»، الذي يقسم وقته بين أبوظبي والقاهرة.
وتحدث مسؤولون فلسطينيون آخرون عن إعادة فتح معبر رفح، وبينوا تفاصيل إضافية عن الصفقة، بما في ذلك التعويض المحتمل لعائلات القتلى في الاشتباكات بين «حماس» و«فتح» عام 2007.
ومع ذلك، لا يزال الفلسطينيون متشككين، لأن المنطقة لديها تاريخ حافل من الاتفاقات التي تنهار قبل أن تبدأ.
وكان لدى «حماس» علاقة متوترة مع القاهرة منذ أن أطاح الرئيس «عبد الفتاح السيسي» بالرئيس الإسلامي «محمد مرسي» عام 2013، واتخذ خطوات لعزل الحركة الفلسطينية، التي تعتبر فرعا من جماعة «الإخوان المسلمون»، التي ينتمي إليها «محمد مرسي».
ثم قامت مصر بتجريف الأنفاق الواقعة على الحدود التي تستخدمها «حماس» لنقل الناس والبضائع، وأغلقت معبر «رفح» الحدودي فوق الأرض أمام الجميع، إلا عددا هزيلا بشكل متفرق من الفلسطينيين الذين سعوا إلى مغادرة غزة.
تحول في العلاقات
ومع ذلك، يبين عقد اجتماعات القاهرة تحولا في العلاقات الإقليمية، كما أصبحت حماس أكثر عزلة، وتحتاج إلى رعاة جدد، تريد الإمارات التي أصبحت أكثر حزما في سياستها الخارجية، ومصر مواجهة نفوذ الجماعات الإسلامية وتحقيق الاستقرار داخل الحدود، وقال محللون إنهم يريدون أيضا أن يبدؤوا التمهيد لخليفة زعيم السلطة الفلسطينية «محمود عباس»، البالغ 82 عاما.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن مصر تقوم حاليا بتحسين جانبها من معبر رفح الحدودي، بإضافة كاميرات مراقبة ومعدات أمنية أخرى قبل إعادة فتحه.
وقال المسؤولون إن الإمارات ستقدم تمويلا بقيمة 15 مليون دولار شهريا لخدمات الصحة والتعليم والكهرباء وغيرها من الخدمات في القطاع.
ومن شأن الترتيبات الجديدة أن توفر الإغاثة لـ«حماس» وسكان غزة، بعد أن توقف عباس عن دفع مقابل الكهرباء إلى القطاع، وخفض رواتب موظفي الخدمة المدنية في فتح، وضيق على تصاريح السفر للأشخاص الذين يحتاجون إلى المغادرة لتلقي العلاج الطبي.
وسيمثل إعادة تأهيل «دحلان» في دور رسمي أو شبه رسمي ضربة قوية لـ«عباس»، الذي اتهم من قبل رئيس الأمن السابق بالتآمر للإطاحة به، وقد طرد «دحلان» من الضفة الغربية عام 2011 بعد تلك الادعاءات.
فى المنفى، كان «دحلان»، البالغ من العمر 55 عاما، يمول المشروعات الإنسانية في غزة، فى خطوة اعتبرت محاولة لبناء قاعدة لمحاولة مستقبلية للوصول إلى الرئاسة الفلسطينية، وقد سمح لزوجته بزيارة القطاع عبر مصر، وقد طرح المسؤولون المقربون من «دحلان» فكرة عودة بعض مساعديه قريبا.