وكالات-
اعتبرت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية أن فريضة الحج طالما كانت جزءا من السياسة السعودية، ووسيلة لتعزيز مكانتها في العالم الإسلامي، ونكاية في خصومها إيران وسوريا ومؤخرا قطر.
فعلى مدار نحو 100 عام، كانت أسرة «آل سعود» الحاكمة تقرر من يدخل «مكة المكرمة» ومن يخرج منها ووضعت السعودية حصصاً معينة لتحديد عدد الحجاج الوافدين من مختلف البلدان الأخرى، وسهَّلت إجراءات تأشيرات الدخول عن طريق السفارات السعودية في الخارج، ووفَّرت أماكن لإقامة مئات الآلاف من الحجاج في مكة المكرمة وحولها.
وكانت السعودية تحصل على الإشادة لحسن إدارتها الحشود الهائلة التي تتوافد على مكة سنويا، لكنَّها كانت تتعرَّض للوم حين تسوء الأمور في أثناء الحج.
ونقلت الوكالة عن «علي الشهابي»، مدير «المؤسسة العربية للأبحاث»، (وهو مركز بحثي موال للسعودية في واشنطن) قوله: «أيا كان من يسيطر على مكة المكرمة والمدينة والمنورة، فإنَّه يحظى بقوة ناعمة هائلة، وكانت المملكة السعودية حريصةً كل الحرص منذ اليوم الأول على عدم منع أي مسلم من أداء فريضة الحج، حتى لا تُتَّهم باستغلال الحج لأغراضٍ سياسية».
ولفتت الوكالة في تقرير لها إلى أن حكومة النظام السوري تقول إن السعودية تواصل فرض قيود على المواطنين السوريين الذين يتطلعون لأداء فريضة الحج.
ولا توجد علاقات دبلوماسية بين السعودية وحكومة بشار الأسد، ومنذ عام 2012، تطالب السعودية جميع السوريين المتطلعين لأداء فريضة الحج بالحصول على تأشيرات دخول في بلدان ثالثة، عن طريق لجنة الحج العليا السورية الخاضعة لسيطرة «الائتلاف الوطني السوري» المعارض.
وأوضح التقرير أن التداخل بين الحج والسياسة تزايد عقب الخلاف بين السعودية وقطر عندما قطعت المملكة والإمارات والبحرين ومصر جميع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الخليج الصغيرة هذا العام.
وفي خطوةٍ مفاجئة هذا الشهر، أغسطس/آب، أعلنت السعودية أنَّها ستفتح حدودها أمام الحجاج القطريين الراغبين في أداء فريضة الحج، وأنَّ الملك «سلمان بن عبدالعزيز» سيوفر رحلات طيران وأماكن إقامة للقطريين في أثناء الحج.
ومع ذلك، أعلن السعوديون هذه الإجراءات من جانبٍ واحد، وقال «غيرد نونمان»، أستاذ العلاقات الدولية ودراسات الخليج بجامعة «جورج تاون» في قطر، إن الخطوة السعودية كانت حيلة دعائية واضحة.
وأضاف: «نظراً إلى أن الحضور القطري في الحج قد تأثَّر حتماً بالمقاطعة، فإن الحج كان مسيسا بحكم الأمر الواقع، وما من وسيلة لتفادي ذلك».
وأعلنت حكومة قطر ترحيبها بهذه الخطوة لتسهيل أداء فريضة الحج، لكنها دعت السعودية كذلك إلى الكف عن استغلال (الحج) كأداة تلاعب سياسي.
ونقل التقرير عن محللين قولهم إن جلوس السعوديين مع شخصية قطرية غير معروفة للتباحث بشأن تسهيل دخول الحجاج القطريين هو محاولة لإحداث انقلاب سياسي ونزع الشرعية عن قيادة قطر.
كانت السعودية أعلنت، في 16 أغسطس/آب الجاري، قبولها وساطة من الشيخ «عبدالله بن علي آل ثاني» المنتمي لأحد أفرع الأسرة الحاكمة في قطر، والمقيم بالسعودية، لتسهيل عبور حجاج قطر إلى المملكة، وقالت إن الملك «سلمان» وجه بفتح منفذ «سلوى» البرى أمام الحجاج القطريين دون الحاجة لتأشيرات مسبقة؛ وهي خطوة رحبت بها الدوحة لكنها قالت إن لها «مآرب أخرى».
ورسميًا حاولت قطر في العلن إبداء عدم الاعتراض على استقبال المملكة للشيخ القطري، لكنها أكدت أن تواجده في السعودية جاء لإنهاء أمور شخصية.
وإثر ذلك، سلطت وسائل الإعلام السعودية الرسمية بشكل مبالغ فيه الأضواء على الشيخ القطري، وركزت على «إنجازات» 3 من أسرته أثناء حكمها قطر، ووصفته بأنه «الحاكم الشرعي لقطر»، لتثير مصادر عدة تكهنات بأن الرجل كان جزءا من مخطط جرى إفشاله في بدايات الأزمة الخليجية، للإطاحة بأمير قطر.
وكانت «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان» في قطر قد قدَّمت من قبل شكوى إلى المُقرِّر الخاص التابع للأمم المتحدة المعني بحرية الدين والعقيدة بسبب القيود المفروضة على مواطنيها الراغبين في أداء فريضة الحج هذا العام.
وقال وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» إنَّ الشكوى القطرية بمثابة إعلان حرب ضد إدارة المملكة للأماكن المقدسة، واتهمت المملكة قطر بمحاولة تسييس الحج.
وقبل عامين، تسبَّب تدافع حجاجٍ وتزاحمهم في مقتل 2426 شخصاً على الأقل عام 2015.
واستغلت إيران التي فقدت 464 حاجَّاً في التدافع هذه الكارثة للدعوة إلى تشكيل هيئة مستقلة تتولى إدارة الحج.
لكن هذه المطالب قوبلت برفضٍ قاطع من المملكة التي اتهمت إيران بتسييس الحج.
أما العام الماضي، 2016، قد أُقيمت مناسك في ظل التنافس بين الدولتين حيث قطعت المملكة وإيران العلاقات بينهما عام 2016، ولذلك، لم يذهب الحجاج الإيرانيون لأداء فريضة الحج آنذاك.