الراية القطرية-
كشفت الهجمات الإرهابية المدانة التي تعرضت لها المملكة العربية السعودية، مؤخراً، عن مفارقات لافتة في سيناريو الحصار الجائر الذي تتعرض له قطر في الوقت الراهن، فيما يؤكد تكرار الكشف عن خلايا إرهابية بالرياض، بالتزامن مع حملات اعتقالات مسعورة ضد العلماء والدعاة وصدمة مجتمعية مع قرارات لا ينقصها التطرف نحو التغريب والتطبيع مع إسرائيل، على أن المملكة مرشحة لاستمرار أزمتها كونها معملاً لتفريخ الإرهابيين الجدد.
وترصد الراية تلك المفارقات بعد إعلان وزارة الداخلية السعودية عن مقتل جنديين من قوات الأمن وإصابة ثلاثة آخرين في هجوم على القصر الملكي في جدة، نفذه شخص سعودي الجنسية. وسبق الهجوم قيام الشرطة السعودية، بثلاث عمليات دهم لمخابئ خلايا مرتبطة بتنظيم الدولة “داعش” في الرياض، وأدت إلى مقتل شخصين وتوقيف خمسة أشخاص، بحسب جهاز رئاسة أمن الدولة في المملكة.
كما دعت السفارة الأمريكية في السعودية رعاياها إلى التزام الحيطة والحذر عند تنقلهم في مدينة جدة، بعد تقارير عن هجوم في محيط القصر الملكي في المدينة الواقعة على البحر الأحمر. ومنذ أواخر 2014، تبنى تنظيم الدولة “داعش” سلسلة من التفجيرات وعمليات إطلاق النار استهدفت قوات الأمن في السعودية فيما تبدو المملكة معملاً لتفريخ الإرهابيين وأصحاب الفكر المتطرف وليس قطر.
تبرز المفارقة الأكبر في الأحداث الجارية، باندلاع الأزمة الخليجية وفرض الحصار على قطر من قبل تحالف السعودية بزعم دعم الدوحة للإرهاب فيما تكشف الأجهزة الأمنية في دول الحصار خاصة في السعودية عن خلايا إرهابية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتنظيم الدولة «داعش» وتعيش هذه الخلايا بين السكان في العاصمة الرياض .
ويرى مراقبون أن الإرهاب لا ينمو خارج بيئته ولا يتكاثر بعيداً عن تربته الخصبة الغنية ببذور الفساد والقهر واليأس والاستبداد.. وأن تكرار هجمات الإرهاب القذرة التي تتعرض لها الأجهزة الأمنية والمواطنين في دول الحصار يعطي مؤشرات مهمة على وجود أرضية خصبة لنمو الفكر المتطرف من إحساس بالاغتراب والحرمان وانسداد الأفق وقمع الحريات وكلها مشكلات أساسية تعاني منها دول الحصار وليس قطر.
دول الحصار مشغولة بملاحقة المعارضين
يشير المراقبون إلى أن دول الحصار تدرك جيدًا أن أزمتها وعدوها في الداخل وليس كما تدعي في مؤامرات خارجية. وأن هذه الدول تتناسى أن عناصر الخلايا الإرهابية في النهاية، هم من أبناء هذه الدول ممن كانوا أفرادًا عاديين تحولوا للتطرف لأسباب منها ما يتعلق بالجهل والفقر ومنها ما يتعلق باليأس والفساد و قمع الحريات. وفشلت أنظمة دول الحصار على مدار عقود في معالجة الأسباب الحقيقية لتفشي الفكر المتطرف على أراضيها حتى أصبحت معملاً لتفريخ الإرهابيين في كل مكان. وتواصل هذه الدول اللعب بالنار مع تجاهل مشكلات شعوبها.
وأكدت قطر أن الإرهاب يتقلص وينكمش مع التنمية الإنسانية، بما فيها التعليم والمشاركة في ثمار التنمية والمساواة أمام القانون، وفي ظروف الحرية وتحمل مسؤولية الحرية. وأن الإرهاب والتطرف ينمو في ظروف الاغتراب عن المجتمع وقيمه، والحرمان واليأس وانعدام الأفق، وإذلال الناس في المعتقلات والسجون، سواء أكان بسبب الاحتلال أم الطغيان، وغياب حكم القانون وتفشي سياسات الإقصاء والتهميش.
انفتاح السعودية ليس حلاً لمواجهة التطرف
أكد مراقبون أن القرارات التي اتخذتها السعودية مؤخرا والخاصة بالسماح للنساء بقيادة السيارات والاختلاط والمشاركة المجتمعية رغم إيجابيتها في تحسين صورة المملكة إلا أنها جاءت متسارعة ومتزامنة مع قرارات قمعية أخرى باعتقال رموز من الدعاة والعلماء وتقارب لافت مع إسرائيل، ما شكل صدمه للمجتمع السعودي.
ويرى المراقبون أن المملكة اتخذت من هذه القرارات المفاجئة، جسرا للتقارب مع الغرب دون مراعاة للداخل السعودي وردة فعله وكيفية التعامل معه من خلال الحوار المجتمعي البناء وتبادل الآراء وبدلاً من ذلك لجأت إلى القمع داخل السجون والمعتقلات.
ويحذر المراقبون من أن التغريب وعلمنة الدولة والتطبيع مع إسرائيل ليست الحل لمعالجة الفكر المتطرف بل إنها قد تسكب المزيد من الزيت على النار وتزيد من حدة العنف وتفريخ المزيد من الإرهابيين الجدد من أرض المملكة.