ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

حل أزمة الخليج ليست مستحيلا.. وهذا ما يمكن لواشنطن أن تفعله

في 2017/10/16

سايغرد نيبوير - سايبر بريف - ترجمة أسامة محمد-

انقضت خمسة أشهر منذ أن قطعت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في 5 حزيران / يونيو بسبب مزاعم بأن الدوحة تدعم الإرهاب و تتضامن مع إيران وأجندتها الاقليمية.

هذا النزاع ليس فقط الأكثر أهمية من نوعه منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981، لكنه يهدد نجاح الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» في ميدان السياسة الخارجية، فقد دعا في خطابه التاريخي أمام القمة الأمريكية العربية الإسلامية في الرياض، إلى الوحدة العربية ضد الأجندة الإقليمية لإيران وتكثيف الجهود المشتركة لهزيمة التطرف.

وسعى «ترامب» إلى حل الأزمة شخصيا، حيث التقى مع أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» في نيويورك على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة في أيلول / سبتمبر حيث أكد أن الأزمة «ستحل بسرعة» دون تقديم تفاصيل إضافية. وقبل ذلك مباشرة، وبعد استضافة أمير الكويت الشيخ «صباح الأحمد الصباح» مباشرة، توسط «ترامب» في مكالمة هاتفية بين «تميم» وولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» في إطار محاولة لحل المواجهة .

واستمر الانفراج الذي ولدته مكالمة هاتفية بين قطر والسعودية لمدة ساعة تقريبا قبل أن ينهار بناء على تفسير بيان قطري حول من بادر بالاتفاق وكيفية المضي قدما في عملية المصالحة.

تجدر الاشارة إلى أن جهود واشنطن لحل الازمة قادها وزيرا الخارجية والدفاع اللذان سعيا إلى دفع عملية دبلوماسية من شأنها أن تؤدى إلى إنهاء الأزمة مع ضمان أن لا تواجه العمليات العسكرية الامريكية فى المنطقة تراجعا بسببها.

ويشير تدخل «ترامب» الشخصي إلى أن المواجهة بين شركاء الخليج الرئيسيين في واشنطن تعطل جدول أعمال الولايات المتحدة الإقليمي، مما يفسر قراره بالتدخل.

وتعتبر قطر موطنا للقاعدة الجوية، وهي المقر الرئيسي للقيادة المركزية، التي تشرف على حملة القصف التي تشنها الولايات المتحدة على تنظيم الدولة في العراق وسوريا، وتعد البحرين هي موطن الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية.

من وجهة نظر الولايات المتحدة، فإن دول مجلس التعاون الخليجي ليست فقط شريكا استراتيجيا، ولكن أيضا تكتل لديه إمكانات كبيرة عندما يتعلق الأمر بتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني على حد سواء. ويمكن للدول الست أيضا أن تعزز التعاون في مكافحة الإرهاب وتساعد على جمع الأموال للجهود الاستراتيجية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في العراق في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة.

مجلس معلق

منذ اندلاع الأزمة لأول مرة، علقت اجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي حيث لم تعقد أي اجتماعات منذ يونيو/ حزيران. لم يصدر بيان واحد عن الأزمة من قبل الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية «عبد اللطيف بن راشد الزياني»، الذي لا يتوقع أن يكون قادرا على إنشاء آلية تنظيمية لحل المسألة، أو أي نزاع في المستقبل. ويمكن أيضا اعتبار قرار الكويت بالوساطة النشطة بين الطرفين ضمن سياسة التأمين الخاصة بها ضد إرغامها على اختيار الأطراف. وفي الوقت نفسه، لا تزال عمان خارج سياق الأزمة وتدعم الدور الكويتي.

وعلى الرغم من إلغاء اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي المقرر عقده على هامش قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن هناك تقارير غير مؤكدة تشير إلى أن الكويت تمضي قدما في توجيه دعوات لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي المقبلة في ديسمبر/كانون الأول المقبل. ومن المفهوم جيدا أنه لن تعقد قمة ما لم يلتزم جميع قادة دول مجلس التعاون الخليجي بالحضور.

وغني عن القول إن كيفية إيجاد حل للأزمة من شأنه أن يؤثر على ديناميات الخليج لعقود قادمة: ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» يبلغ من العمر 32 عاما، الأمير «تميم» حاكم قطر يبلغ 37 عاما، وولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» يبلع 56 عاما، وكلهم شباب ومن المتوقع أن يحكموا في المستقبل، ربما لعقود قادمة.

وما لم تعالج القضايا الجوهرية لهذه الأزمة والتي تركز على دور الإسلام السياسي، والمشاركة السياسية، والرؤى المتنافسة للأمن إقليمي، يمكن للتوترات بين أبوظبي والدوحة على وجه الخصوص أن تؤدي مرة أخرى إلى أعمال قتالية.

 البحث عن حل

وكان وزير الدفاع الأمريكي «جيمس ماتيس» قد قام بزيارة مفاجئة إلى الدوحة في 28 سبتمبر/أيلول حيث التقى مع الأمير «تميم» ونظيره القطري في قاعدة العديد الجوية. وعقب زيارته، أفادت وكالة أنباء أسوشيتد برس في 6 أكتوبر / تشرين الأول أن الجيش الأمريكي أوقف بعض التدريبات مع شركائه الخليجيين بسبب الأزمة الدبلوماسية الجارية و على وجه التحديد العملية الأمريكية الإماراتية الجارية تحت عنوان «الصقر الحديدي». ومن المتوقع أيضا أن ذلك سيؤثر على عملية «النسر الحازم» السنوية التي تعمل فيها الولايات المتحدة وشركاؤها في دول مجلس التعاون الخليجي معا كقوة متعددة الجنسيات في محاكاة لمعركة .

ويأتي قرار واشنطن بإلغاء المناورات المشتركة بعد فشل أطراف النزاع في الاستجابة لمبادرات «تيلرسون» الدبلوماسية وإلى تصريحات «ترامب» خاصة للتفاوض على إنهاء الأزمة.

ومن خلال تقليص التدريبات العسكرية مع شركائها الخليجيين، تشير واشنطن إلى أنها قادرة على القيام بضغط ملموس على مختلف الأطراف لإنهاء المواجهة، وهي مستعدة لذلك. وإذا أخفقت الأطراف المتعارضة في اتخاذ تدابير للتخفيف من حدة التصعيد، فمن الممكن تصور خفض التعاون الاستخباراتي والعسكري الأمريي في اليمن مع السعودية والإمارات العربية المتحدة وهو ما يمكن اعتباره تصعيدا تدريجيا من جانب واشنطن ويمكن أن يعمل بالتوازي مع تعليق التدريبات المستقبلية.

وقال مسؤول البنتاغون السابق والأستاذ المشارك في جامعة الدفاع الوطني «ديفيد روشيس»: «هناك إجراءات أخرى يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة، مثل تعليق المحادثات والزيارات، ولكن من المرجح أن هذه الإجراءات قد تلحق الضرر بالمصالح الأمريكية بقدر ما تستهدف الدول».

وفي حالة فشل هذه التدابير في تحقيق انفراج دبلوماسي، يمكن لـ«ترامب» تعليق الاجتماعات الثنائية رفيعة المستوى، بما في ذلك اجتماعات رؤساء الدول، ولكن من غير المرجح أن يكون هذا الخيار المفضل له كما أنه قد أعلن عن زيارات مرتقبة للملك «سلمان» (الذي من المقرر أن يزور البيت الأبيض في يناير 2018)، وكذلك الحال مع الأمير «تميم»، والشيخ «صباح» .

وحول ما إذا كان البنتاغون سينظر في حجب مبيعات الدفاع الأمريكية إلى الخليج كجزء من محاولة للضغط على الأطراف، فقد أشار «روشيس» إلى زيارة الملك «سلمان» الأخيرة لموسكو، ملاحظاأن «الأيام القليلة الماضية أظهرت أن قدرة الولايات المتحدة على فرض التسوية في دول مجلس التعاون الخليجي محدودة للغاية». وكانت أقوى أداة ممكنة لدى واشنطن هي القدرة على الاحتفاظ بمبيعات الأسلحة. وحين أشارت السعودية إلى أنها ستشتري نظام الدفاع الجوي الروسي، تم رفع الحظر الذي وضعه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي بشأن بيع منظومة الدفاع الأمريكية «ثاد».

طريقة أفضل

ولكن هناك طريقة أفضل لصياغة المصالحة في دول مجلس التعاون الخليجي تتمثل في استضافة مؤتمر مشترك بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة تنظيم الدولة مع التركيز على قيمة التعاون، وأن فشل مجلس التعاون الخليجي الموحد لن يفيد إلا انتشار الجماعات المتطرفة في المنطقة.

وبدلا من استخدام العصي لحل الأزمة، تشير تقارير غير مؤكدة إلى أن الإدارة الأمريكية - بالتعاون مع الكويت - تدفع إلى قمة لمجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد في ديسمبر / كانون الأول. غير أنه من غير الواضح ما اذا كان هذا اللقاء سيعقد بدلا من قمة مجلس التعاون الخليجي في الكويت او ما اذا كان اجتماع كامب ديفيد سيعهد رسميا إلى قمة الكويت.

وخلال زيارته للخليج، قدم تيلرسون في يوليو/تموز، مجموعة من المبادئ التي توحد مجلس التعاون الخليجي، والتي تشمل عدم التدخل وحماية السيادة وومنع سائل الإعلام الممولة من الدولة من مهاجمة البلدان الأخرى.

ومن خلال تقديم «مبادئه الستة» التي يمكن أن توافق عليها جميع الأطراف، والتي بنيت أيضا على مجموعة منفصلة من المبادئ التي وضعها «ترامب» في قمة الرياض، سعى تيلرسون إلى تفكيك القائمة الأولية للطلبات الـ 13 التي أصدرتها اللجنة الرباعية قطر لإنهاء الأزمة.

وبغض النظر عن ذلك، من خلال دفع حل للأزمة، فإن قمة أمريكية خليجية في كامب ديفيد ستتيح أيضا فرصة لتسوية النزاع الخليجي الذي طال أمده، حيث يمكن لواشنطن أن تنشئ لجنة فرعية تتعامل مع كل مبادئ تيلرسون الستة.

ويمكن أن يرأس كل لجنة فرعية إما مبعوث كويتي أو عماني، ويوفر ذلك محفلا للأطراف المتنازعة للتفاوض مباشرة.

وبمجرد التوصل إلى حل توفيقي لجميع القضايا المعلقة، سيتعين على واشنطن أن تقدم تأكيدات بأن أي إجراء من جانب واحد من جانب عضو مجلس التعاون الخليجي ضد دولة أخرى لن يتم التسامح معه. وتحقيقا لهذه الغاية، يمكن لـ«ترامب»، جنبا إلى جنب مع ملوك وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي، وضع إطار لكيفية معالجة النزاعات في المستقبل.