حمود أبو طالب- عكاظ السعودية-
عندما كتبت في 23 أكتوبر مقال (مجلس التعاون الخليجي بدون قطر) لم أكن سوداويا أو مبالغا في التشاؤم، وإنما كنت أقرأ المشهد وفقاً للمعطيات والإرهاصات والمؤشرات الواضحة، خصوصا بعد تسرب أخبار عن احتمال تأجيل القمة الخليجية المقبلة في ديسمبر، وكان رأيي أنه في حالة عدم حدوث مفاجأة قطرية توقظها من الغيبوبة السياسية لتعود إلى الوعي وتسلك درب الخير الذي تسلكه شقيقاتها وتحضر القمة بخليجيتها وعروبتها الصحيحة فإنه لا يجب تأجيل القمة لما ينطوي على ذلك من خطر بانفراط المجلس الذي يمثل التكتل العربي الوحيد المنظم الآن، والذي لو لم يتبق منه إلا رمزية وجوده في هذه الظروف الحرجة فإن ذلك على قدر كبير من الأهمية.
الآن اتضحت الصورة أكثر، فقد أجهز أمير قطر على الأمل الضئيل بعودة رشدها واحتمال حضورها القمة عندما ظهر في مقابلة قناة CBS مؤخراً، وأكد بمغالطاته أنه ماضٍ بقطر إلى المجهول وأنه يوسع الفجوة ويعمق الهوة مع دول مجلس التعاون. ثم تلا المقابلة إعلان البحرين عدم حضورها اجتماع القمة إذا حضرت قطر، رغم أنه أصبح شبه مؤكد عدم حضورها، وذلك ما قد يعني أن بقية دول المقاطعة (السعودية والإمارات) ستتخذ نفس الموقف الذي اتخذته البحرين استنادا إلى التنسيق المشترك بين الدول الثلاث وتضررها من قطر، وربما نسمع إعلان الدولتين لموقفهما قريبا. حسنا، ولكن ما هو موقف الدولتين الباقيتين، أي الكويت وعمان؟ بالنسبة لعمان لن نستغرب إذا اعتذرت عن الحضور أو حضرت بتمثيل أقل من مستوى القمة كتحصيل حاصل وإثبات حضور اسمي ليس إلا دون مشاركة فاعلة في القرارات التي ربما تتخذ ويترتب عليها مواقف جديدة من قطر وربما الداعمين لقطر. عمان تحاول دائما مسك العصا من النصف بهدوء، لكنها على الأقل إذا لم تنفع فلن تضر. أما الكويت فبحكم كونها الدولة المضيفة هذه المرة سيكون وضعها خاصاً، فحتى لو كانت غير راغبة بالمشاركة فإن وجود القمة لديها يفرض عليها أن تشارك، ولو كانت في دولة أخرى ربما ساعدها ذلك على اتخاذ موقف بعدم المشاركة بذريعة الوضع الراهن. الكويت هي الوسيط في الأزمة الذي واجه تعنت قطر، لكن تخويف أميرها لدول الخليج في خطابه بمجلس الأمة من تدخلات خطيرة في الخليج وحدوث فوضى إذا لم تحل الأزمة القطرية لم يكن جيداً لما فيه من تلميح بالدعوة لتقديم تنازلات لصالح قطر لمجرد تفادي المخاطر التي أشار إليها، ولا نعرف ما هي التدخلات الجديدة المحتملة بعد وجود قاعدة أمريكية في قطر، إضافة إلى الوجود العسكري التركي والحرس الثوري الإيراني.
نريد عقد القمة حتى لو كانت بحضور المملكة والإمارات والبحرين، وحتى لو تغير مكانها، وحتى لو انتهى الأمر إلى مجلس تعاون جديد أو تكتل جديد سعودي بحريني إماراتي تحت أي مسمى، لو وصلنا إلى نقطة حرجة وثبت عدم رغبة الآخرين في الاستمرار.