أحمد شوقي- خاص راصد الخليج
المصالحة الخليجية، مصطلح انضم الى عناوين الإعلام كمصطلحات متشابهة مثل المصالحة الفلسطينية.
وكما أن للمصالحة الفلسطينية عدة أغراض ورؤى تتباين بين المعسكرات المختلفة فللمصالحة الخليجية كذلك هذا التعدد.
فهناك رؤى مخلصة ترى خطورة هذا الانقسام وتبتغي انهائه عبر صفحة جديدة مضمونها التخلي عن دعم الجماعات التكفيرية وتغليب المصالح العربية عن المصالح الذاتية التي تنفذ اجندات امريكية لمجرد الحفاظ على العروش وللاستقواء بالغرب ضد اخطار موهومة من هنا أو من هناك.
وهناك رؤى أمريكية صهيونية تريد للمصالحة أن تكون تشييعا للجثمان العربي والانخراط التام في المشروع الصهيو امريكي وتشكيل حلف ناتو عربي لمحاربة قوى المقاومة.
ولعل الكاتب ماثيو ليفيت، مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن، قد القى الضوء على النوايا الامريكية في مقال نشر مؤخرا بمعهد واشنطن، حيث جاء تحت عنوان "كيف يمكن لمبادرة جديدة أن تمهّد الطريق أمام المصالحة الخليجية"، وهو عبارة عن مجموعة من المعلومات ممزوجة بالنصائح وتخلص لتوصية مفادها انه يتعين على واشنطن أن تقترح قيام "مركز استهداف تمويل الإرهاب" باتخاذ إجراءات مشتركة لاحقة قد تعزّز بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة.
وهذه التوصية قائمة على خطوة قامت بها قطر تناولها المقال وهي ان أن ممثّلي الادعاء القطريين يحاولون الآن، بعيداً عن الشوشرة، رفع دعاوى جديدة متعلّقة بتمويل الإرهاب ضد النعيمي، الذي حوكم وتمّت تبرئته من هذه الاتهامات في عام 2016، ولكنه ما زال يخضع للمراقبة المنتظمة. وفضلاً عن ذلك، وقّعت قطر للتو على إدراج الحميقاني الوارد اسمه على لائحة الإدراج العلنية المشتركة من قبل كافة أعضاء "مركز استهداف تمويل الإرهاب"، وهو شخصية ذات روابط قوية مع قطر ومواطنين قطريين بارزين ومؤسسات خيرية قطرية.
وفي هذا الإطار، نشرت وزارة الداخلية في قطر، كما فعل أعضاء "مجلس التعاون الخليجي" الباقين وأعضاء "المركز"، بياناً صحفياً يعدّد التسميات المشتركة لما وصفته بـ "القادة والممولين والميسّرين" لتنظيم "الدولة الإسلامية في اليمن" وتنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية".
ويشكّل استخدام مثل هذه المصطلحات الصريحة لوصف شخص مثل الحميقاني خطوةً هامة إلى الأمام بالنسبة إلى قطر.
وقد يتساءل البعض عن دلالات ذلك، ونقول ردا على ذلك وايضا من خلال المعلومات الواردة بالمقال ان العمل الرسمي الأول لـ "مركز استهداف تمويل الإرهاب" تركز على الكيانات اليسيرة المنال في الغالب، بحيث تم تسمية سلسلة من الأشخاص والكيانات اليمنية المرتبطة بتنظيم "الدولة الإسلامية في اليمن" وبـ تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية".
اما الاختبار الحقيقي لهذا التعاون سيكون عندما يقترح الأعضاء أهدافاً أكثر حساسيةً تشمل المواطنين السعوديين أو الإماراتيين أو القطريين.
بالتأكيد ومن خلال السوابق ستبرز خلافات وصدامات اكبر اذا سارت الامور وفقا للرؤية الامريكية، حيث فضح الكاتب في سياق مقاله بعضا من هذه الخلافات، فقبل أيام قليلة من قمة الرياض، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية أسماء كبار قادة تنظيم "الدولة الإسلامية" و"حزب الله" [إلى لائحة الإرهاب].
وبينما انضمت السعودية إلى الولايات المتحدة في إدراج أحد زعماء "حزب الله" البارزين هاشم صفيّ الدين، لم تذكر اسم زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" في سيناء محمد العيساوي.
وفي الأسبوع نفسه، عرقل مسؤولون سعوديون بسرية تامّة جهود الولايات المتحدة في الأمم المتحدة الرامية إلى فرض عقوبات على الفرع السعودي لـ تنظيم "الدولة الإسلامية". وقال مسؤول أمريكي لصحيفة "واشنطن بوست"، "إنهم لا يريدون أن يعترفوا بوجود مشكلة في عقر دارهم".
بصرف النظر عن استخلاصات الكاتب الامريكي وتوصياته لبلاده، فاننا نرى ان المصالحة على هذه القاعدة ستقود الى مزيد من الصدامات والاخطر انها لو تمت تسويات تتجاوز الصدامات وسارت الامور الى اهداف المركز الخفية، فان المصالحة هنا ستورط دول الخليج في حرب مع المقاومة لان اهداف المركز قائمة على محاصرة اعداء اسرائيل فعليا وتحت لافتة شكلية كبيرة اسمها "الارهاب" ولا يتم استهداف الارهابيين الحقيقيين بها الا بعض الكيانات او الافراد ممن لا يشكلون حساسيات او مكانة كبيرة في تنفيذ الاجندات الصهيو امريكية بالمنطقة.
من يطلع على الفكر الامريكي والتآمر المعلن بلا خجل لا بد وان يتحسس حقيقة المصطلحات والتوجهات ويقرأ من خلالها ما هو معد سلفا ليواجهه ان رغب او توفرت له الارادة.