ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

الزياني.. "صمت القبور" يوقعه في تهمة خيانة "الأمانة"

في 2017/11/02

الخليج اونلاين-

بعد قرابة 5 أشهر من الصمت على عاصفة الأزمة الخليجية، نطق عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، معلناً عجزه وبراءته من مسؤوليته تجاه حل الأزمة الخليجية، مؤكداً أن حلها بيد قادة دول المجلس.

الزياني لم يلتزم بالحيادية كأمين عام لمنظمة يفترض أنه على مسافة واحدة من جميع أعضائها؛ بل هاجم وسائل الإعلام القطرية دون غيرها، حيث عبَّر عن "استغرابه الشديد من محاولة بعض وسائل الإعلام القطرية تحميل الأمين العام مسؤولية حل الأزمة الخليجية".

وقال إن إلقاء المسؤولية عليه يأتي "رغم أن المسؤولين في الحكومة القطرية والإعلام القطري يدركون تماماً أن حل الأزمة وإنهاء تداعياتها بيد أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، أعضاء المجلس الأعلى، وليس أحداً آخر، وهو ليس من مسؤوليات وواجبات الأمين العام، الذي يتلقى وينفذ قرارات وتوجيهات وأوامر المجلس الأعلى والمجلس الوزاري فقط، ملتزماً بما ينص عليه النظام الأساسي لمجلس التعاون".

وأضاف البيان أن الزياني "عبّر عن استهجانه لما يسعى إليه بعض الإعلاميين في وسائل الإعلام من محاولة ربط موقفه من الأزمة بجنسيته البحرينية وموقف مملكة البحرين المعلن والمعروف منها"، مؤكداً "التزامه التام بأداء المسؤوليات والمهام والواجبات المكلف إياها من المجلس الأعلى"؛ حفاظاً على تماسك منظومة مجلس التعاون وإنجازاتها ومكانتها الإقليمية والدولية، ولكنه في الوقت نفسه سيظل ابناً بارّاً من أبناء مملكة البحرين، وفيّاً لقادتها الكرام، محافظاً على وطنيته".

ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية، لم يصدر عن الزياني أي تصريح وكان ملتزماً الصمت، وهو ما أثار استهجان القطريين على وجه الخصوص، الذين وجدوا فيه الرجل الأولى بالحفاظ على المنظومة الخليجية، على الرغم من أن الكويت تقود جهوداً منفردة الوساطة لحل أزمة كبيرة تعصف بالخليج منذ 5 يونيو الماضي، بعدما قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها إجراءات عقابية؛ بدعوى "دعمها للإرهاب".

وللحفاظ على أركان "التعاون الخليجي" الذي كانت المشاورات قبل الأزمة تصب في ضرورة تحوله لاتحاد خليجي كونفدرالي، تقود الكويت وسلطنة عُمان مساعي الوساطة لحل الخلاف الذي أثار موجة من ردود الفعل العالمية والإقليمية؛ بل وعلى مستوى الشارع العربي عموماً والخليجي خصوصاً.

لكن الظروف الحالية جعلت محللين وخبراء يطلقون جرس إنذار، معتبرين أنها مؤشر خطير على مستقبل مجلس التعاون، الذي لم يقوم بدوره في مثل هذه الأزمة، لا سيما أن قوانينه القائم عليها وتشريعاته تحدد آليات لاحتواء الخلاف الخليجي، لكنها تحولت إلى حبر على ورق، حسب قولهم.

وفي حديث سابق مع "الخليج أونلاين"، أرجع الدكتور محمد المسفر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر، صمت الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إلى كونه يحمل الجنسية البحرينية، "فالمنامة أحد أطراف الأزمة الخليجية؛ ومن ثم يعتقد أنه أيضاً طرف في هذا الأمر، ولا بد أن يسير فيما سارت إليه بلاده".

وأضاف: "منذ أن وصل الزياني إلى منصبه عام 2011، لم يقدم شيئاً خلال أزمة عام 2014، ولا لأي أزمات أخرى كان الخليج طرفاً فيها".

ووصف المسفر صمت الزياني بأنه "صمت القبور"، مرجعاً ذلك إلى أنه "ربما لا يعرف ما يجري، أو ربما مورست عليه ضغوطات لعدم التدخل"، داعياً إياه إلى "تقديم استقالته في ظل هذه الظروف".

وشدد على أن "مجلس التعاون فقدَ هيبته محلياً وإقليمياً وعالمياً؛ لكونه لم يسهم في حل أي مشكلة خليجية أو إقليمية على الإطلاق، وآثر الصمت؛ ومن ثم فلا قيمة لمنظمة لا تحمي ولا تصون سيادة إحدى الدول الفاعلة ضمن الأعضاء فيها".

وكان لافتاً كسرُ الزياني صمته بالتزامن مع دعوات سعودية لإنشاء مجلس تعاون جديد يضم السعودية والإمارات والبحرين فقط، مع استبعاد عُمان والكويت؛ لموقفهما الوسيط لحل الأزمة الخليجية ولدفاعهما عن وحدة المجلس، بالإضافة إلى دعوة وزير خارجية البحرين، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، لتجميد عضوية قطر في المجلس.

الكاتب السعودي حمود أبو طالب، كتب في مقال بصحيفة "عكاظ" السعودية، في 1 نوفمبر 2017، أن "إعلان البحرين عدم حضورها اجتماع القمة إذا حضرت قطر، أصبح شبه مؤكد، ما قد يعني أن السعودية والإمارات ستتخذان الموقف نفسه الذي اتخذته البحرين استناداً إلى التنسيق المشترك بين الدول الثلاث.

وطالب أبو طالب، الكاتب المقرب من الحكومة السعودية، بعقد القمة "حتى لو كانت بحضور المملكة والإمارات والبحرين، وحتى لو تغير مكانها"؛ بل ذهب إلى عقدها "حتى لو انتهى الأمر إلى مجلس تعاون جديد أو تكتل جديد سعودي بحريني إماراتي تحت أي مسمى"!

وفي هذا السياق، يبدر إلى الأذهان تساؤل، مفاده: هل يُعِدُّ الزياني نفسه لترؤُّس أمانة المجلس الجديد، خاصة أنه بدا في بيانه اليتيم أكثر حدَّة تجاه قطر، من دون أن يستنكر تصرفات من أشعل أزمة في منطقة مشتعلة أصلاً.

فهذه الأزمة، التي يراها البعض نهاية لكل أحاديث الوحدة الخليجية، أعادت إلى الأذهان مجدداً مشهد اجتياح القوات العراقية جارتها الكويت في الساعات الأولى من 2 أغسطس 1990. وإن كان الفارق في طبيعة الاجتياح، فإن الآثار النفسية والجراح تبدو متشابهة إلى حد كبير، بما يجعل الحديث عن امتداد آثار هذا الزلزال وفداحة خسائره أمراً لا يمكن تجاهله.