ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

هكذا نجت قطر من الحصار

في 2017/11/13

بيل لو - إنترناشيونال بوليسي دايجيست-

أثر الحصار الجوي والبري والبحري، المفروض على قطر، من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، فيما يعرف بدول الحصارر، بشكل كبير على اقتصاد قطر، ولكن ليس بنفس القدر الذي كانت تلك الدول تأمل فيه. وفي أعقاب الصدمة الأولية، استجابت قطر للحصار بحذر. وتكفي نظرة على إحدى الشركات الرئيسية في قطر، وهي الخطوط الجوية القطرية، لإعطائنا نظرة عميقة عن الكيفية التي أظهر بها القطريون قدرتهم على الصمود.

ومنذ عدة أعوام قبل الحصار، حققت الخطوط الجوية القطرية معدل نمو سنوي قدره 20%. وطلبت شركة الطيران طائرات جديدة أكبر حجما وأكثر تطورا، بما في ذلك صفقة لشراء 100 طائرة بقيمة 18 مليار دولار من بوينغ، أعلنت عنها العام الماضي. وفي هذا السياق، هددت الخطوط الجوية القطرية هيمنة طيران الإمارات وطيران الاتحاد على السوق. وفي نظر المديرين التنفيذيين للخطوط الجوية القطرية، فقد تم تنفيذ الحصار بحيث يلحق ضررا بالغا بأعمالهم، في الوقت الذي كانت فيه شركات طيران الإمارات والاتحاد يشعران بتصاعد المنافسة التجارية من منافستهما الخليجية.

إدارة الأزمة

وخلال اجتماع مع البرلمانيين البريطانيين أواخر سبتمبر/أيلول، وصف كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة كيفية تعاملهم مع الرحلات الجوية التي كانت في الجو، في 5 يونيو/حزيران، التي حرمت من الحصول على تصريح بالهبوط في مطارات دول الحصار. ومع أكثر من 100 رحلة يوميا إلى 18 مدينة مختلفة في البلدان الأربعة، كان القلق الأول على الركاب الذين كانوا في الهواء بالفعل، أو أولئك الذين كانوا ينتظرون على متن الرحلات الجوية.

وقد تم حظر الموقع الإلكتروني لشركة الخطوط الجوية القطرية، لذلك أوصت الشركة الركاب باستخدام فيسبوك كوسيلة لاتخاذ الترتيبات. وخلال اليوم، أعيد حجز عدة آلاف من الرحلات الجوية. وفي الوقت نفسه، كانت مكاتب شركات الطيران في دول الحصار مغلقة. وكان على الشركة أن تتعامل بسرعة مع 500 موظف منعوا دون سابق إنذار من الوصول إلى مكاتبهم وأعمالهم. وتم منح المواطنين القطريين أسبوعين للرحيل، في حين وجدوا أنفسهم دون وظائف ولا يعرفون مصائرهم. وواصلت شركة الطيران دفع أجور المتضررين، مع وضع استراتيجية طويلة الأجل لموظفيها في بلدان الحصار.

وقد تعاملت الخطوط الجوية القطرية على الحصار المفروض على الغذاء، حيث كان ما يقرب من 40% من الإمدادات الغذائية اللازمة للبلاد تدخل عبر الحدود البرية مع السعودية، حيث استخدمت أسطول الشحن الجوي لديها، البالغ 22 ناقلة جوية. ومن خلال العمل عن كثب مع الأتراك والإيرانيين، تمكنت قطر من تفادي خطر حدوث نقص حاد في الأغذية، في غضون 48 ساعة من تنفيذ الحصار. وقد اختفت بسرعة الصور المبكرة للأرفف الفارغة في المتاجر وحالات ذعر الشراء، التي تم بثها كثيرا من قبل وسائل الإعلام الخاصة بدول الحصار.

العمل كالمعتاد

وخلال الاجتماع مع البرلمانيين البريطانيين، اعترف المديرون التنفيذيون للشركة بأن الأزمة قد ألحقت ضررا بالشركة. فقد فقدت الخطوط الجوية القطرية 20% من حركة المسافرين. وتستغرق رحلات رجال الأعمال وقتا أطول، لأن الطائرات قد حرمت من المجال الجوي، ويجري إعادة توجيهها فوق عمان وإيران وتركيا، مما يجعلها خيارات أقل جاذبية. ومع ذلك، لم يكن الضرر هائلا. فقد عملت قيادة الشركة على بعض التعديلات. وبعد أن تمكنت من التعامل مع التأثير المبكر بشكل جيد، يجري العمل الآن، إلى حد كبير، كالمعتاد.

وقد تم التأكيد على هذه الثقة في وقت لاحق من اليوم نفسه، عندما أعلنت الخطوط الجوية القطرية أنها حصلت على حصة 49% في شركة الطيران الإيطالية ميريديانا. ومن الواضح أن المفاوضات التي استمرت منذ عام لم تتأثر بالحصار. وقالت الخطوط الجوية القطرية إنها تعتزم نشر 20 طائرة من طراز بوينغ 737 ماكس الجديدة إلى ميريديانا عام 2018.

وميريديانا هي ثاني أكبر شركة طيران في إيطاليا بعد أليطاليا، والتي تملكها جزئيا شركة طيران الاتحاد، منافسة القطرية. وقد دخلت أليطاليا في جولة جديدة من الاستحواذ على الإدارة (التي تواجه الإفلاس) للمرة الثانية، في مايو/أيار من هذا العام، ويمكن أن تغلق في غضون أشهر. وإذا حدث ذلك، فستكون أكثر من هزيمة لطيران الاتحاد. وسيحدد الوقت ما إذا كان القطريون قد قاموا باستثمار تجاري جيد مع شركة ميريديانا، ولكن الاستحواذ يؤكد على المزاج الواعي والثقة الكبيرة من قبل المديرين التنفيذيين في الشركة برفع الحصار، على الرغم من استمرار الخسائر الاقتصادية.

وفي قطاعات أخرى، كانت الرسالة هي نفسها إلى حد كبير. وقد أظهر الاقتصاد مرونة وأظهرت البلاد أنها قادرة على البقاء على قيد الحياة في هذا الحصار. وفي حين تباطأ النمو في قطر في المقام الأول بسبب الحصار، إلا أن الانخفاض من 2.5% على أساس سنوي في الربع الأول إلى 0.6% على أساس سنوي في الربع الثاني، قد يفسره إلى حد كبير انخفاض أسعار النفط، وبرامج التقشف التي أصابت جميع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي.

ويعد السبب الرئيسي وراء عدم إلحاق الحصار أضرار جسيمة بالاقتصاد، هو استمرار تدفق صادرات النفط والغاز بحرية. وفي الواقع، من بين الأمور التي تدعو إلى السخرية في هذا النزاع أن دولة الإمارات لا تزال تتلقى الغاز من قطر عبر خط أنابيب دولفين. وقد صرح المديرون التنفيذيون للبترول في قطر بأنهم، على الرغم من أن للشركة الحق في ممارسة القوة القاهرة وتعليق التسليم، إلا أنها لن تفعل ذلك. وترى الشركة أن هناك عقد قائم وستحترمه. وبالنسبة لقطر للبترول، فإنها تسير أعمالها، فيما يبدو، بالفعل كالمعتاد.

وبالنظر إلى المأزق وانعدام الحوار الجاري، يبدو أن النزاع سيظل مستمرا في المستقبل. وقد أثبتت قطر براعتها وذكاءها ومرونتها في التعامل مع التداعيات الاقتصادية. ويرى المحللون الاقتصاديون المستقلون أن المرحلة الأسوأ قد مرت بالنسبة للاقتصاد القطري. وينبغي أن يكون ذلك بمثابة رسالة إلى دول الحصار للعودة إلى طاولة المفاوضات، والعمل على إنهاء الخلاف الذي يضر دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا بجميع المعنيين.