وكالات-
اتّهم وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الدول التي تحاصر بلاده بالوقوف وراء الإرهاب بالمنطقة، مؤكداً أن المملكة العربية السعودية تتدخل في شؤون لبنان الداخلية من خلال رئيس وزرائه المستقيل، سعد الحريري.
وفي كلمة خلال ندوة لمركز "ناشيونال إنترست"، بالعاصمة الأمريكية واشنطن، الاثنين، أكد آل ثاني أن الحصار المفروض على قطر "غير قانوني"، وأنه "مجرد نموذج من إجراءات سوء استغلال السلطة"، لافتاً إلى أن المنطقة تحولت إلى مركز للقلاقل.
وأكّد الوزير القطري أنه "لا يعرف الوجه الخفي لاستقالة الحريري من الرياض؛ لأنه لا توجد علاقات سعودية قطرية حالياً".
وتابع: "بقدر ما سمعته من لبنان وتابعته، يمكنني القول إن ما حدث يعتبر تدخّلاً في شؤون بلد آخر، إذ تم منع رئيس وزراء دولة من العودة لبلاده دون علم ودراية دولته بالشكل الذي شاهده الجميع".
كما اتهم آل ثاني المملكة العربية السعودية بـ "ممارسة هذا الأسلوب مع الحريري، حتى يتسنّى لها وضع دول أخرى صغيرة (لم يسمها) تحت سيطرتها وضغطها".
وكان الحريري قد أعلن استقالته من منصبه بشكل مفاجئ، قبل أسبوعين، في خطاب بثّه من الرياض، متهماً إيران وحزب الله بالسيطرة على القرار في لبنان، الأمر الذي أثار تكهنات حول تعرّضه لضغوط من المملكة.
واعتبر آل ثاني أن "هذا هو الخطر الذي نواجهه في المنطقة؛ أن الدول القوية تريد أن تفرض الوصاية والسيطرة على قرارات دول أخرى"، مؤكداً أنه "لا يمكن في العالم العربي أن تجتمع القوة في يد دولة أو دولتين، فهذا أمر غير مقبول في القرن الحادي والعشرين".
ولفت وزير الخارجية إلى أن "بعض الدول في الشرق الأوسط تعاني من مآسٍ ونزاعات"، مضيفاً: "المنطقة تشهد عصراً من الظلام تسيطر عليه الشمولية والعدوان وضيق الأفق. اللاعبون (لم يحددهم) في المنطقة يلعبون بحياة شعوب الدول بشكل غير مسؤول".
وأوضح أن "المساعدات الموجّهة للأطفال الذين يموتون جوعاً باتت تُستخدم كوسيلة سياسية؛ ففي سوريا بينما يتم التسامح مع المجازر بحق المواطنين، وصل الوضع في اليمن لطريق مسدود".
والآن، يضيف الوزير القطري: "بدأت نفس القوى تطلّ برأسها في لبنان، وهذا الأسلوب الممنهج بمثابة نموذج على سعي طائش للقوة لا يكترث لما يسببه من آلام، ولا شكّ أن السعي للقوة بهذا الشكل يضرّ بالمنطقة، ويمهد الطريق لظهور الجماعات المتطرّفة".
وقال آل ثاني: إن "دول الحصار هي من ساعدت الإرهاب بسياساتها في المنطقة"، مضيفاً: "هناك لاعبون إقليميون يقومون بلعبة خطرة دون استراتيجية واضحة. أزمة الخليج كانت ولا تزال تهدف لخنق قطر لتغيير سياساتها".
ونفى دعم بلاده لحركة حماس، موضحاً أنها "قدمت مساعدات إنسانية لسكان قطاع غزة"، وقال: "قطر لم ولن تدعم حماس، ولكن تدعم سكان غزة التي دُمّرت بسبب الحرب".
وفي حين حذر الشيخ محمد بن عبد الرحمن من تحوّل الشرق الأوسط "من منطقة تنوير إلى مركز للقلاقل"، قال: إن "قطر قررت أن أفضل طريق للسلام هو طريق التعاون الدولي والمشاركة".
وتابع قائلاً: إن "أزمة الخليج هي في حقيقتها حصار على بلادي لخنق جهود عدم السماح بمركزية السلطة"، لافتاً النظر إلى أن "الحكمة بدأت تزول، وهناك من يقامر بحياة شعوب المنطقة".
وأضاف: "أدخلنا تغييرات واسعة في قطر خلال العشرين سنة الماضية، والإصلاحات لا تزال متواصلة".
وشدد الوزير القطري على أن "عدم احترام القانون الدولي جعل منطقتنا حقل تجارب للمغامرين وللساعين إلى السيطرة"، مستطرداً: "قطر لها الحق في أن تكون لها سياسة خارجية مستقلّة عن دول الجوار".
ولفت الشيخ محمد بن عبد الرحمن إلى أنه "يمكن تجنّب الحروب والمعاناة بالحوار والطرق السلمية"، موضحاً أن "رؤية قطر للشرق الأوسط هي التعايش السلمي، ويمكن أن تكون بلدي جسراً للسلام".
وأشاد بجهود البيت الأبيض والخارجية الأمريكية لحل الأزمة الخليجية، مبيّناً: "تعاطينا بشكل إيجابي مع جهود البيت الأبيض والخارجية الأمريكية".
وحول العلاقة القطرية المصرية قال الوزير القطري: "كنّا منفتحين على مصر، ونحن نعتبرها دولة مركزية مهمة". وأضاف: "من مصلحتنا أن تبقى مصر آمنة ومستقرة"، ونفى تحمل بلاده مسؤولية "توتر العلاقات مع مصر".
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر علاقاتها مع قطر، في الخامس من يونيو الماضي، وفرصت عليها حصاراً خانقاً؛ بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة واعتبرته محاولة للسيطرة على قرارها الوطني.