النهار-
تبدي الإمارات حماسة شديدة في جميع التحركات التي من شأنها التضييق على قطر وعزلها، فقد أشارت تقارير عديدة إلى أن أبوظبي هي التي دفعت الرياض لقيادة الحصار المفروض على الدوحة منذ يونيو/حزيران الماضي.
وبخلاف الدوافع السياسية، فقد مثل التنافس الاقتصادي محركا مهما في السياسة الإماراتية التصعيدية تجاه قطر والتي بلغت ذروتها بفرض الحصار على الدوحة، وخاصة أن اقتصاد الدولتين يعد الأقوى خليجيا وعربيا، ويحقق نسب نمو تعتبر الأعلى عالميا؛ بسبب التنوع وارتفاع نسبة التنافسية.
ويعتبر ميناء «جبل علي» في دبي أكبر ميناء بحري في منطقة الشرق الأوسط والتاسع عالميا، وقد أولت الإمارات ذلك الميناء اهتماما خاصا للتغلب على قلة مواردها الطبيعية، حيث إن الميناء والمنطقة الحرة يسهمان بنحو ربع الناتج المحلي لدبي.
لكن هذا الوضع المهيمن لميناء «جبل علي» في دبي قد يتزعزع في المدى المتوسط والطويل، نتيجة المنافسة بين موانئ المنطقة، وتأتي هذه المنافسة بالدرجة الأولى من ميناء «حمد» الدولي حيث يحتل حاليا المرتبة الثامنة خليجيا من حيث الطاقة الاستيعابية لمناولة الحاويات النمطية، ومن المرشح صعود الميناء خلال السنوات امقبلة بعد إنجاز كافة مراحله وارتفاع طاقته الاستيعابية إلى نحو 7.5 مليون حاوية.
هذا الوضع، في حال حصوله، من المتوقع أن يعيد ترتيب خريطة الملاحة في الشرق الأوسط، وقد يتسبب في اشتعال المنافسة بين موانئ دول الخليج.
ويعتقد العديد من المحللين الاقتصاديين أن ميناء «غوادر» في باكستان أحد بواعث القلق لدى الإمارات، وقد تسبب في حرب اقتصادية صامتة في خليج عمان بين مجموعتين من البلدان؛ هم باكستان والصين وقطر من ناحية، والهند والإمارات من ناحية أخرى.
فميناء «غوادر» يعد منافسا خطيرا لميناء دبي، كما يعتبر موقع الميناء استراتيجيا، حيث يمنح الصين ووسط آسيا إمكانية الوصول إلى منطقة الخليج والشرق الأوسط، مما يرشحه ليصبح البوابة الرئيسية البحرية لآسيا الوسطى، حيث سيجعل الأمر أسهل في إرسال المنتجات من دول آسيا الوسطى إلى مناطق أخرى.
ويدرك المسؤولون القطريون أهمية «غوادر» كمتغير كبير في اللعبة بالمنطقة، لذا تعتزم الدوحة استثمار 15% من قيمة الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، الأمر الذي يضيف إلى الضغط على الإمارات، ويزيد من خصومتها مع قطر .
كما يعتبر ميناء «بورتسودان» السوداني أحد الملفات الساخنة بين الإمارات وقطر، فقد أعلن وزير النقل السوداني «مكاوي عوض» أمام جلسة للبرلمان أن الخرطوم اتفقت مع قطر على إنشاء ميناء في مدينة «بورتسودان» ليكون أكبر ميناء للحاويات على ساحل البحر الأحمر.
وتشكل هذه الخطوة تحديا كبيرا للإمارات، فالميناء السوداني الجديد، حال إنشائه، سيكون مركزا اقتصاديا حيويا ومهما، يؤثر على ميناء «جبل علي» في دبي، وبقية الموانئ التي تسيطر عليها الإمارات في القرن الأفريقي.
وإضافة إلى التنافس الاقتصادي، فإن الميناء الجديد سيعزز نفوذ قطر على ساحل البحر الأحمر، ما يعني تحقيق تفوق سياسي جديد للدوحة على حساب الدول المحاصرة لها والتي لطالما سعت إلى عزلها عن العالم.