د. محمد صالح - الشرق القطرية-
أصر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح مشكورًا على عقد قمة خليجية بأي مستوى كان، وقد بذل جهودا مضنية لتحقيق القمة على مستوياتها العليا، لكن ثالوث السعودية والإمارات والبحرين خيب آمال مواطني دول مجلس التعاون بعدم اجتماعهم في دورة اجتماعاتهم الثامنة والثلاثين.
في المقابل، حضر أمير دولة قطر اجتماع الكويت دون ترفّع أو تعالٍ على من حضر من دول الحصار الثلاثة وكان بإمكانه أن يحضر إلى الكويت مرضاة وعرفانا بجهود الشيخ صباح لإيجاد حل للأزمة الخليجية وعدم دخول قاعة الاجتماع، لأن نظراءه في مستوى أدنى من الدرجات السياسية ولا يملكون تفويضا بمناقشة أي موضوع كان.
من المؤسف جدا أن يتحدث إعلان الكويت عن أن "قادة مجلس التعاون شددوا على ضرورة مواصلة العمل لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، والتطبيق الشامل لبنود الاتفاقية الاقتصادية، وتذليل العقبات في طريق السوق المشتركة".
وإذا دل هذا القول على شيء فإنما يدل على غباء وبلادة الأمين العام الذي قرأ ذلك الإعلان أمام العالم على الهواء مباشرة، لأنه يعلم أن دولا ثلاثا من دول مجلس التعاون في حالة حرب اقتصادية وإعلامية مع دولة عضو في المجلس.
هذه الدول الثلاث تفرض حصارا ظالما على قطر وتحاول العبث بنظامها النقدي لتقودها إلى كارثة اقتصادية، وأن هذه الدول المعنية تبذل قصارى جهودها على المستوى الدولي لإلحاق أضرار باقتصاد الدولة القطرية وبرجال أعمال قطريين بوضع بعضهم على قائمة الإرهاب.
وتطلب من المؤسسات المصرفية العالمية عدم التعاون مع هؤلاء، لأنهم حسب دعوى الثلاثي الظالم يمولون الإرهاب دون تقديم سند قانوني وبدون إثبات مادي على ما يقولون. حقا هذا النص الوارد أعلاه مجتز من بيان القمة الماضية دون تبديل.
الأمر الآخر أن الرياض وأبوظبي عقدتا حلفا ثنائيا عسكريا اقتصاديا ثقافيا سياسيا، هذا معناه الخروج من مجلس التعاون عمليا، والغريب في الأمر أن شريكهم الثالث في الحصار على قطر (البحرين) لم تضم إلى ذلك الحلف الثنائي، والأسباب معروفة. والحق أن مجلس التعاون لا يحتمل التحزب والانشقاقات لقلة عدد الأعضاء والتداخل الأسري على المستوى الشعبي.
سؤال إلى كل عاقل في هذه المنطقة من العالم، هل يعقل أن تجتمع مجموعة من النخب السياسية الخليجية دون أن يكون على جدول أعمالهم الأزمة الخليجية الراهنة، يا للهول كيف يكون ذلك؟!
هل التنسيق الاقتصادي والأمني والجمركي وغير ذلك أهم من العمل لحل هذه المعضلة السياسة للوصول إلى تحقيق غايات مجلس التعاون التي قام من أجلها.
بودي القول إن القيادات التاريخية عبر العصور تجتمع في الأزمات لتبحث عن حلول لتلك الأزمات تكون مرضية لكل الأطراف، والحزن يعتصرنا نحن الشعب في الخليج العربي لأنه لم يعد بيننا قيادة تاريخية يسمع لها.
إذ أن معظم القيادات الخليجية يعتصرها الغرور والكبرياء والجهل ولا ينظرون إلا عند أقدامهم. ولهذا فإنهم يقودون المنطقة برمتها إلى الهاوية بوعي أو من دون وعي، وهذا زلزال يهز أرض الخليج العربي.
ثلاث دول خليجية تخوض حربا ضروسا في اليمن تحت شعار "قوات التحالف العربي لنصرة الشرعية اليمنية" ثلاث سنين والحرب دائرة على مدار الساعة دون تحقيق انتصار لا عسكريا ولا سياسيا.
ازدادت أزمات اليمن ومصائبه، بينما الجوع والأمراض وانعدام الأدوية والغذاء تنهش الشعب اليمني، وازدادت الانشقاقات بين مكونات الشعب اليمني السياسية.
يذهب بعض دول التحالف لتحقيق أهداف ذاتية لا تحمل خيرا للشعب اليمني، فلم تعاد الشرعية ولم يسمح لها بممارسة مهامها على الأرض اليمنية وبقيت القيادة برمتها في عاصمة التحالف.
بالأمس جرى اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح—رحمه الله—من قبل حلفائه الحوثيين الذين خرجوا جميعا عن الشرعية اليمنية، وبكل وقاحة راح بعض كتاب أعمدة الصحافة في دول الحصار يتهمون قطر بالقول:
«إن قطر تؤيد الحوثيين في حربهم ضد اليمن والسعودية، وإن قطر أيدتهم عندما قتلوا علي عبدالله صالح لأنه انضم للتحالف مع السعودية"»، ولا أستغرب هذا القول من كاتب حديث المهنة يتعلم الكتابة في زمن الأزمات، لكني أنكرها على شخص مرموق له باع في الصحافة السعودية.
أستطيع التأكيد من موقعي كباحث أكاديمي بأن لا علاقة لقطر بالحوثيين منذ عام 2011 وكذلك علي عبدالله صالح، ولا علاقة لها فعلية بالأحزاب اليمنية على اختلاف عقائدها. والزلزال السياسي الذي يهز أرض اليمن اليوم هو عدم وضوح أهداف قوى التحالف في اليمن، خاصة بعد مقتل علي عبدالله صالح.
فهل تستبدل ابنه وهذه كارثة سياسية لن تكون عاقبتها خيرا على السعودية؟
الحل عندي هو دعم الجيش اليمني وتوحيد صفوف القوى السياسية المعادية للحوثي ومنهجه دون تمييز، وعدم استخدام القبيلة، فقد أثبت فشل هذا الأسلوب، ولا بد من جهد سعودي خالص لجمع أنصار صالح مع الحكومة الشرعية اليوم قبل أن يستفحل الأمر ونكون من النادمين.
فلسطين والكارثة التي حلت بها اليوم إلى جانب الكوارث التي حلت بها منذ توقيع اتفاق أوسلو الملعون وما سبقه. إنها اعتراف أمريكا بأن القدس عاصمة إسرائيل، رغم قرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة ووكالات دولية متعددة تعتبر القدس مدينة محتلة ولا يجوز تغيير معالمها.
القرار الأمريكي الجديد زلزال سيهز عروشا عربية كثيرا ما لم يتصدون لذلك القرار لا بالاستنكار والشجب والإدانة وإنما بغير ذلك. المضحك المبكي أن محمود عباس يقول إنه سيرد على أمريكا بمزيد من الانضمام إلى منظمات دولية، بدلا من القول سينهي التنسيق الأمني مع إسرائيل وإلغاء اتفاق أوسلو. ناصر القدوة يقول: إنه سيقدم شكوى إلى مجلس الأمن ضد أمريكا"، وخير يا طير " فيتوا أمامك".
تلرسون وزير خارجية أمريكا يقول: "إن الإعلام بشأن القدس اتخذ بالتشاور مع كثير من الأصدقاء والحلفاء في المنطقة وسنباشر فورا بنقل السفارة.
آخر القول: زلازل فوق زلازل يتبعها طوفان لا نعرف حدوده، والخاسر أولا دول الخليج، ولا عاصم لهم اليوم إلا بالوحدة وحساب كل تصرف سياسي بدقة ولا تعبثون بالقدس، والتاريخ لن يرحم أحدا حيا وميتا.