ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

كيف أعطت الأزمة الخليجية زخما للعلاقات القطرية الأمريكية؟

في 2018/01/27

وكالات-

«قطر شريك استراتيجي» للولايات المتحدة.. تلك العبارة التي وردت على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، «هيذر نويرت»، قبل ساعات قليلة، تعبر بشكل واضح عن الزخم الذي أعطته الأزمة الخليجية للعلاقات القطرية الأمريكية.

زخم تدرج من إبرام اتفاقيات ومذكرت تفاهم سياسية وعسكرية ودفاعية، إلى تنفيذ مناورات وتدريبات مشتركة، ثم زيارات متبادلة لمسؤولين سياسيين وعسكريين، لينتهي به المطاف، أمس الخميس، بإعلان «نويرت» في مؤتمر صحفي، عن إطلاق «الحوار الاستراتيجي القطري الأمريكي» الثلاثاء المقبل، بمقر وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن.

حوار سيترأسه، وفق «نويرت»، وزيرا الخارجية «ريكس تيلرسون»، والدفاع «جيمس ماتيس»، مع نظيريهما القطريين، «محمد بن عبد الرحمن»، و«خالد بن محمد العطية»، بهدف تعزيز التعاون بين الدوحة وواشنطن في العديد من المجالات.

وحسب المسؤولة الأمريكية، فإن هذا الحوار سيناقش «العديد من مجالات التعاون بين البلدين بما فيها مجالات التجارة والاستثمار والدفاع والأمن والقانون ومكافحة الإرهاب وتنظيم حركة الطيران، وسيركز أيضاً على مسألة هزيمة تنظيم داعش (الدولة الإسلامية)، والأزمة الخليجية التي ما زالت قائمة، وملفات سوريا وإيران والعراق وأفغانستان».

وسبق الإعلان عن موعد إطلاق الحوار الاستراتيجي، اتصال هاتفي، تلقاه أمير قطر «تميم بن حمد»، الإثنين الماضي، من الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، استعرضا خلاله العلاقات الثنائية، وسبل تعزيز مجالات التعاون المشترك بين البلدين، خصوصا في مكافحة الإرهاب؛ حيث أشاد الأخير بالدور الذي تلعبه الدوحة في مكافحة الإرهاب.

تحركات قطرية مدروسة

ويعد هذا الحوار الاستراتيجي، أبرز ثمار التحركات القطرية التي تكثفت منذ الوهلة الأولى للحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر، على الدوحة بحجة دعمها للإرهاب وهو ما نفته قطر شكلا ومضمونا واتخذت على إثره، خطوات عملية عدة من شأنها توسيع شبكة علاقاتها السياسية والعسكرية مع دول عدة بينها أمريكا.

تلك التحركات لم تلفت إلى الكثير من التقارير الغربية التي تحدثت عن أن ما جرى لم تكن إدارة «ترامب»، غائبة عنه، وما يملك رباعي الحصار أن يفعل ذلك دون الحصول على الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي، الذي تتناغم شخصيته وتوجهاته ومصالحة مع من يقودون دفة الأمور بالدول الأربع، غير أن الدوحة حددت هدفها، وانطلقت إليه بصرف النظر عن العديد من الشواهد التي تشير إلى صحة هذه التقارير.

فمع هذا وذاك بات التعاون العسكري بين الدوحة وواشنطن أمر تحتمه اللحظة التي تمر بها البلاد، وبالفعل لم تكد شمس الأسبوع الثاني من اندلاع الأزمة تغيب، حتى تم تنفيذ تمرينين عسكريين بين واشنطن والدوحة، جنوبي قطر.

وبعد ذلك توالت المناورات الأمريكية القطرية المشتركة لتعزيز التعاون العسكري بين الجانبين.

كما وقعت قطر في 14 يونيو/حزيران، أي بعد أقل من 10 أيام من اندلاع الأزمة، اتفاقية لشراء طائرات مقاتلة من أمريكا من طراز «إف 15» بتكلفة مبدئية تبلغ 12 مليار دولار.

ولم تكد تمر بضعة أيام على انقضاء الشهر الأول من عمر الأزمة، حتى وقع وزير الخارجية القطري مع نظيره الأمريكي، في الدوحة مذكرة تفاهم تعزز جهود مكافحة الإرهاب ومنع تمويله.

وفي تصريحاته حينها بالدوحة، أشاد «تيلرسون» بموقف قطر، وقال إنها أول من استجاب لقمة الرياض العربية الإسلامية الأمريكية في مايو/أيار الماضي.

وبعد أسبوعين من توقيع تلك الاتفاقية، شكر قائد القيادة المركزية الأمريكية الوسطى الجنرال «جوزيف ليونارد فوتيل»، أمير قطر، على دور الدوحة المحوري في مجال مكافحة الإرهاب.

جاء ذلك، خلال استقبال الأمير «تميم» للجنرال الأمريكي والوفد المرافق له بمناسبة زيارتهم للبلاد؛ حيث استعرض الجانبان العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين البلدين، لاسيما في مجال التعاون الدفاعي وأوجه دعمها وتعزيزها.

وتناول الحديث العمليات المشتركة للقوات المسلحة القطرية والقوات الأمريكية في مجال مكافحة الإرهاب، التي تستهدف دعم جهودهما في المساهمة في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، كما تم تبادل الطرفان وجهات النظر حول عدد من الموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

الدوحة ومكافحة الإرهاب

وسبق تلك الزيارة، إشادة من التقرير السنوي للخارجية الأمريكية بشأن الإرهاب لعام 2016، بالشراكة بين واشنطن والدوحة في مكافحة الإرهاب.

وقالت الخارجية الأمريكية إن قطر شريك كامل وعضو فاعل في «التحالف الدولي» ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، مؤكدة أن قطر تعاونت وعملت على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي ضد الإرهاب.

وأشار التقرير إلى أن الوكالات الأمنية الأمريكية ونظيراتها القطرية تربطها علاقة قوية وبناءة ولا سيما على صعيد تبادل المعلومات، وبأنها كانت شريكا كاملا وعضوا فاعلا في «التحالف الدولي» للحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية»؛ حيث قدمت دعما وتسهيلات للعمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة.

كما افتتحت وزارة الدفاع القطرية، في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، المقر الجديد لمكتب الملحقية العسكرية لدولة قطر بالعاصمة الأمريكية واشنطن، فيما تعد مقاربة للعلاقات الدفاعية مع الولايات المتحدة تعزز التأكيد على التعاون والتكامل بين القوات المسلحة القطرية ونظيرتها الأمريكية.

وفي الشهر ذاته، ظهر التقارب الأمريكي القطري بوضوح، في إعلان القيادة المركزية الأمريكية، أنها جمدت مشاركتها في مناورات عسكرية مع دول خليجية (حسم العقبان) بسبب الأزمة الدبلوماسية المستمرة مع قطر.

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن المتحدث باسم القيادة المركزية للقوات الأمريكية، الكولونيل «جون توماس» قوله: «قررنا عدم المشاركة في بعض المناورات العسكرية» مع دول خليجية (لم يذكرها) احتراما لمبدأ مشاركة الجميع في تحقيق المصالح الإقليمية المشتركة.

وأضاف «توماس»: «سنستمر في حث كل شركائنا على العمل معا لإيجاد حلول مشتركة تحقق الأمن والاستقرار في المنطقة».

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على مبيعات عسكرية لقطر بقيمة 1.1 مليار دولار، تشمل توفير خدمات دعم لبرنامج مقاتلاتها من طراز «إف 15 كيو إيه».

وتتضمن الصفقة خدمات تصميم وإعمار، ومحطات وقوف جديدة، ومناطق لتخزين الأسلحة، ومنصات تعبئة المواد شديدة الانفجار، وخدمات الأمن السيبراني، وخدمات الحماية والدعم، وغيرها من الخدمات المتعلقة بهذا النوع من المقاتلات.

والأحد الماضي، بحث قائد القوات البرية القطرية، اللواء الركن «محمد بن علي الغانم»، مع مساعد قائد الجيش الأمريكي بالقيادة المركزية، اللواء «تيرنس مكندريك»، سبل التعاون في التمارين العسكرية المشتركة.

وناقش الجانبان، خلال اجتماعهما بالدوحة، العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في التمارين العسكرية المشتركة، حسب بيان لمديرية التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع القطرية.

كل هذه التحركات والتطورات في العلاقات، يعضدها بما لا يدع مجالا للشك، تمركز حوالي 11 ألف عسكري أمريكي، غالبيتهم من سلاح الجو، في قاعدة «العديد» العسكرية الجوية على بعد 30 كيلومترًا جنوب غربي العاصمة القطرية الدوحة.

وتستخدم أمريكا القاعدة، التي تضم أكبر تواجد عسكري لها بمنطقة الشرق الأوسط، في حربها على تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق.