ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

حصار قطر يهزّ العلاقات السعودية ـ الكويتية

في 2018/01/31

القدس العربي-

اتخذت الكويت موقفا واضحا من تصعيد السعودية والإمارات والبحرين ومصر ضد قطر ومحاصرتها برّيا وجويّاً وبحرياً، يتوخّى إبعاد الخطر عن الخليج العربي عموماً، وتخفيف التوتّر، وصولاً إلى اتفاق يحترم سيادة الدوحة ويخفض فاتورة المطالب التعجيزية لدول الحصار.

والحقيقة أن للكويت تاريخاً مشرّفاً في دعم القضايا العربية والعالمية، وكان مشهوداً لها دعمها الكبير للفلسطينيين (الذين تعرّضوا، مثل الكويتيين، لكارثة بعد اجتياح العراق للكويت عام 1990)، وكانت تجربتها الليبرالية والديمقراطية ووسائل إعلامها و»ديوانياتها» مثارا للإعجاب في منطقة تشكو من ثقل التقاليد وسيادة الأيديولوجيات المحافظة.

رغم تفرّدها في تجربتها السياسية والإعلامية فإن بنية الكويت الاجتماعية لا تختلف كثيراً عن بنى دول الخليج الأخرى، فأغلب قبائلها، كالعوازم ومطير والعجمان والرشايدة وعنزة وعتيبة وشمر موجودة في السعودية وباقي دول الخليج، بشكل لا يمكن حدّه بالحدود الجغرافية، وهذا قد يفسّر أحد أسباب مواقفها من الصدع الاجتماعي والسياسي الكبير الذي اجترحته دول الحصار على الضدّ من التاريخ والجغرافيا والمنطق وطبائع الأمور.

للكويت دالّة على حكام السعودية حيث وقفوا إلى جانبهم خلال حربهم ضد إمارة رشيد في القرنين التاسع عشر والعشرين، وهو جميل قامت حكومة السعودية بردّه حين شاركت في إنشاء تحالف لقتال القوات العراقية في حرب الخليج.

ولكن هذه العلاقات الوثيقة بين البلدين لم تمنع الكويت من رؤية الخطر الفادح الذي شكّله قرار نظيراتها الخليجيات، في السعودية والإمارات والبحرين، حصار قطر، وهو ما جعل أميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح يقود بنفسه محادثات الوساطة بين الطرفين.

ويبدو أن رؤوساً «حامية» ضمن معسكر الحصار تجد في دعوات الأمن المشترك لمنطقة الخليج، والتعاضد بين دوله، والعلاقات المتشابكة بين مواطنيه، والاحترام المتبادل لسيادة نظمه، خطراً على خطط التأجيج والتحريض والتآمر، فبدأت تتوجه لرموز الكويت بالتعريض على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام.

وما لبث هذا الاتجاه أن كشف عن نفسه بشكل شبه رسمي مع تغريدة لتركي آل الشيخ، المستشار في الديوان الملكي السعودي، رئيس الهيئة العامة للرياضة في السعودية تصف وزير الدولة لشؤون الشباب الكويتي خالد الروضان بالمرتزق.

جريمة الروضان «الموصوفة» كانت لقاءه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وشكر بلاده على ما قدمته من دعم ومساندة للرياضة الكويتية، وهو شكر واجب، لأن ذلك الدعم والمساندة ساهما عملياً في رفع الاتحاد الدولي لكرة القدم إيقاف فريق الكويت عن اللعب عام 2016 لأن تلك الهيئة الدولية وجدت بنودا في قانون الرياضة الكويتي تتعارض مع قوانينها.

الخطوة السعودية أدّت إلى استدعاء السفير السعودي في الكويت، وهي خطوة دبلوماسية تصعيدية، وتلت ذلك زيارة الشيخ ناصر صباح الأحمد، النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع الكويتي إلى قطر، وهي أيضاً نقلة ذات مغزى تتناسب مع الاستفزاز الذي تقوم به دول الحصار ضد الكويت.

الدرس المستفاد مما يحصل أن لجوء دول الحصار إلى هذا النهج الذي يقوم على تهشيم التاريخ والجغرافيا الخليجيتين يستجلب ردود فعل تتناسب مع حجم العدوانية والاستفزاز.

التصريحات الإماراتية والقطرية الأخيرة حاولت وضع حدود للتصعيد لكنّ الطريقة الوحيدة لانتهاء هذا الصدع الكبير هو أن تقتنع دول الحصار بأنها لا يمكن أن تخضع قطر (أو الكويت) لنفوذها.