وكالات-
يهدد تصاعد التوتر بين قطر والإمارات المصالح الاستراتيجية الأمريكية في الخليج وقد يصب في مصلحة إيران.
وتقول أبوظبي إن طائرات من القوات الجوية القطرية اعترضت طريق طائرتين مدنيتين إماراتيتين خرجتا في رحلتين تجاريتين إلى البحرين الشهر الماضي، فيما تقول الدوحة إن طائرات عسكرية إماراتية انتهكت مجالها الجوي يومي 21 من ديسمبر/ كانون الأول و3 من يناير/ كانون الثاني.
ونفي كل جانب اتهام الآخر وسعى البلدان لنزع فتيل النزاع، فيما يقول خبراء إقليميون إن خطر حدوث مواجهة بين البلدين زاد لكن من غير المرجح أن تنشب حرب بينهما، بحسب «رويترز».
والخليج منطقة مهمة استراتيجيا بالنسبة للولايات المتحدة إذ يتمركز الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين، وتوجد قاعدة «العديد» الجوية في قطر وهي مركز لعمليات واشنطن الجوية ضد «الدولة الإسلامية».
وقال متحدث باسم القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية في قطر للتعقيب على هذه الحوادث: «تعتبر الولايات المتحدة كلا من قطر والإمارات شريكا إقليميا مهما»، داعيا لإيجاد «حلول حقيقية لتقليص التوترات».
وستلعب القاعدة الأمريكية بقطر دورا محوريا إذا دخلت الولايات المتحدة في حرب مع إيران التي تتهمها واشنطن برعاية الإرهاب وتقول إنها تشكل خطرا على الاستقرار والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وتنفي طهران هذه الاتهامات.
وثار قلق واشنطن بسبب تصاعد حدة التوتر بعد سبعة أشعر من فرض الإمارات والسعودية والبحرين ومصر عقوبات في مجالي السفر والتجارة على قطر بسبب اتهامات للدوحة بأنها تدعم الإرهاب وإيران غريمتهم في المنطقة، وتنفي قطر هذه الاتهامات.
وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه: «عندما يُدفع بطائرات قطرية (عسكرية) قرب طائرة مدنية فإن هذا يهدد، ولو بشكل غير مقصود، بحدوث واقعة يمكن أن تؤدي إلى سقوط قتلى وتصعيد الأمر إلى وضع لم تشهده دول الخليج فيما بينها من قبل».
وقال «غابرييل كولينز» وهو خبير في العقوبات الاقتصادية بجامعة رايس في تكساس إن «استعراض العضلات العسكري» في ظل توتر قائم بسبب العقوبات الدبلوماسية والتجارية «ترك مجالا لسوء التقدير».
وأضاف: «في أسوأ الأحوال يمكن أن تؤدي شرارة صغيرة إلى إشعال حريق كبير».
وقال وزير الدفاع الأمريكي «جيمس ماتيس» إن تدهور العلاقات بين الحلفاء العرب في الخليج يعيق حرب واشنطن على تنظيم «الدولة الإسلامية» و«التصدي لانتشار نفوذ إيران الخبيث».
وانتقدت إيران القيود المفروضة على قطر ودعت إلى حل الخلاف من خلال الحوار، وأعرب وزير الخارجية «محمد جواد ظريف» عن أسفه لما وصفه بأنه «عجز في الحوار» بالمنطقة.
خصومة إقليمية
ترى السعودية أن إيران تشكل تهديدا لاستقرار المنطقة وتعتبر الجمهورية الإسلامية منافستها الرئيسية في المنطقة.
لكن الإمارات، أكثر من أي دولة قاطعت قطر، تتخذ موقفا متشددا من الدوحة بسبب مزاعم أنها تدعم الإسلاميين في المنطقة، وتنتهج الإمارات أيضا سياسة صارمة ضد جماعة الإخوان المسلمين، التي تدعم الدوحة فروعها في بعض البلدان.
وبالإضافة للمخاطر الأمنية فإن هناك مخاطر تجارية على الغرب.
وقال دبلوماسي غربي آخر: «التنافس على أشده بين السعودية وحلفائها الخليجيين من جهة وإيران من جهة، هؤلاء شركاء رئيسيون للغرب منذ عقود في مجالي التجارة والأمن، وإذا ساد الانقسام بينهم واقترب من الضربات العسكرية فستكون إيران الرابح وستكون الولايات المتحدة الخاسر في أجواء المعادلة الصفرية هذه».
وقال مسؤول عربي طلب عدم نشر اسمه، إن الإمارات تريد زيادة الضغط على الدوحة، بسبب رؤيتها الإقليمية المنافسة لقطر، في مؤشر على أن المصالحة لا تلوح في الأفق والمقاطعة لن تنتهي في القريب العاجل.
وأضاف: «السعودية وباقي الدول الأربع ليست لديها ما تخشاه على اقتصاداتها من الأزمة لكن قطر لديها».
وتابع قوله: «ولأن الإمارات مهتمة بفرض مطالبها على قطر وتحجيم أنشطتها في المنطقة فهذا يجعل البلدين يرغبان في تلك المرحلة في أن يثبتا أنهما لن يستسلما قريبا وبوسعهما التصعيد إذا اقتضت الضرورة».
ويبدو أن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» خفف موقفه من الدوحة.
وأيد «ترامب» في بادئ الأمر المقاطعة واتهم الدوحة بدعم الإرهاب «على أعلى المستويات»، لكنه عرض في سبتمبر/ أيلول الوساطة واتصل مؤخرا بأمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» ليشكره على مساعيه في مكافحة الإرهاب.
ويأتي هذا التغير في أعقاب سياسة انتهجتها قطر حيث استضافت في الشهور الأخيرة عددا من المحللين اليمينيين المقربين من «ترامب» وقادت مساعي دبلوماسية مشابهة للإمارات للضغط في واشنطن.
وقال أحد الدبلوماسيين الغربيين إن هذا التغيير يعكس فيما يبدو تقييما سياسيا بين الشركاء الغربيين للدول الخليجية بأن قطر لن تخاطر بتصعيد الأزمة مع الإمارات.