محمد صالح المسفر- الشرق القطرية-
الخليج العربي تقوده بعض قياداته السياسية إلى كارثة لا يعلم نتائجها إلا الله عز وجل، ووسائل الاعلام في دول الحصار تؤجج الخلافات بين الأشقاء وتعمق الجراح باستدعاء أحداث ووقائع تعود إلى القرن التاسع عشر، وأخرى تنهش في الأعراض والقيم الأخلاقية في واقعنا اليوم.
إعلام "التغريدات" أخطر من الإعلام المنشور على وسائل الإعلام المقرؤة والمشاهدة والمسموعة.
فالأول لا تعرف الكاتب الحقيقي ولو أن هناك دلائل لا يخطئها الحدس عن صاحب التغريدة ذات الرائحة العفنة مفرقة المجالس،
والثاني تعرف الكاتب وتعرف توجهاته واهمها البحث عن مكان إلى جوار الحاكم لعله يكسب مالا أو حظوة عند صانع القرار ولو أدى ما يفعل وما يكتب إلى تعميق الخلاف بين النخب السياسية في خليجنا العربي الموبوء بحفنة من الانتهازيين والمتملقين ومقتنصي الفرص في بيئة إعلام الأزمات.
أستطيع القول بكل ثقة بأن الإعلام القطري بكل مستوياته بما في ذلك إعلام التواصل الاجتماعي لم ينزلق إلى المس بالقيم الأخلاقية أو نهش الأعراض في دول الحصار، ولم يتناول فيما يتناول الشأن العائلي سواء كان من العائلات الحاكمة أو من في جوارها.
في الأسبوع الماضي على سبيل المثال نشرت إحدى الصحف البريطانية واسعة الانتشار خبرا مؤداه المساس بسمعة أنثى تنتمي إلى اسرة حاكمة من دول الحصار، وكان ذلك الخبر يشكل مادة إعلامية خصبة للاعلام القطري، ولو على مستوى إعلام التواصل الاجتماعي للتشهير بتلك الأسرة الحاكمة.
لكن التوجيهات السامية إلى كل وسائل الاعلام القطرية كانت بعدم تناول الأعراض أو المساس بسمعة الرموز الوطنية لدول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص، والعربية على وجه العموم رغم ما نعانيه من أفعالهم ونهش أعراضنا. أليست تلك التوجيهات تعبر عن سمو خلق القيادة السياسية القطرية؟
الكل في هذا العالم يدرك أن هناك فُجرا في الخصومة مع دولة قطر وليس هناك أسباب جوهرية تدعو الى ذلك الفجر والبهتان، وتعمل الادارتان السياسيتان في أبوظبي والمنامة على التحرش عسكريا بدولة قطر، إذ قامتا باختراقات لمجالها الجوي ثلاث مرات في الفترة الواقعة من الربع عشر من يناير إلى الثامن والعشرين من فبراير الماضي من العام الحالي.
ولم يقف الأمر هنا عند الاختراقات الجوية بطيران له الصفة العسكرية، بل تعداه إلى ممارسة قرصنة بحرية، الأمر الذي ادى إلى اختطاف قارب صيد يحمل العلم القطري من مياه قطر الاقليمية وسحبه عن طريق القوة والإكراه الى داخل المياه الاماراتية.
وتطالب دولة قطر مجلس الامن والمنظمات الدولية بانذار الامارات والبحرين بعدم تكرار تلك الخروفات الجوية والبحرية واطلاق سراح البحارة المحتجزين في الامارات وقاربهم المخصص لصيد الاسماك وتعويض البحارة عن ما لحق بهم جراء تلك العملية الارهابية.
وزارة الخاجية القطرية أبلغت الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن بتلك الخروقات التي قد تقود إلى مواجهة عسكرية قد تدمر المنطقة برمتها، الأمر الذي سيؤدى الى صراع اقليمي شامل، وبعض القوى الدولية والاقليمية تترقب تلك اللحظة.
فهل يدرك العقلاء في الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ما يفعلون. لقد مارست دولة قطر أعلى درجات ضبط النفس والالتزام بالمواثيق الدولية في حل أي نزاع بين دول الجوار بالطرق السلمية وبالحوار الصادق الذي يؤدي إلى النأي بمنطقة الخليج العربي عن أية صراعات مسلحة قد تحدث نتيجة قرار صبياني أحمق.
أوفدت الإدارة الأمريكية الجنرال المتقاعد انتوني زيني والدبلوماسي تم لندركنغ لزيارة دول الخليج العربية بدءا بالكويت والدوحة ومرورا ببقية العواصم الخليجية ليستطلع آخر المواقف لقيادات هذه الدول من الأزمة الخليجية الراهنة بغية رسم استراتيجية أمريكية لاجتماع قمة كامب ديفيد المنتظرة مايو القادم.
ولعل الوفد الأمريكي قد أوحي اليه من دول الحصار الخليجية باشراك مصر في قمة كامب ديفيد المنتظرة.
الكاتب يعتقد أن هذا الاقتراح لن يكون مقبولا من دولة قطر ومن عمان والكويت لانه يشكل سابقة وهو إدخال دول ليست خليجية في شأن خليجي بحت. إن الزج بمصر في هذا الصراع الخليجي من شأنه أن يعقد المسألة بدلا من حلها.
والشاهد أن مصر الحالية لم تدخل في شأن من شؤون الساعة إلا عقدته، مثالا على ذلك المصالحة الفلسطينية الفلسطينية وقضية مياه النيل مع اثيوبيا والصراع في ليبيا وغير ذلك، ومن هنا يقتضي الامر ان تمعن الادارة الامريكية في إيجاد حل مرة وإلى الأبد في شأن الخلافات الخليجية الراهنة.
لقد انطلقت شرارة الفتنة التي تعصف بخليجنا اليوم بواسطة "تغريدة" أمريكية أطلقها الرئيس الامريكي ترامب إبان زيارته للعاصمة السعودية الرياض العام الماضي، وعليه أن يعيد الأمور إلى نصابها بعد أن تأكدت الولايات المتحدة الامريكية ببراءة دولة قطر من كل التهم التي ألصقت بها من قبل دول الحصار الفاعلة.
آخر القول: الخليج في خطر، وأخشى أن يكون العقل الخليجي والحكمة قد دفنتا في صحراء الربع الخالي، وأن هناك من يعتقد بأن صفقات التسلح بمبالغ خيالية يمكنها شراء مواقف الدول الكبرى بتلك الصفقات والحال ليس كذلك.