دانيا العقاد - ميدل إيست آي-
يحتفل الإماراتيون علنا، ويضمر القطريون حدادهم الخاص، لكن من غير المرجح أن تؤدي إقالة «دونالد ترامب» لـ«ريكس تيلرسون» إلى تغيير سياسة الولايات المتحدة بشأن الخلاف بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة، وقطر من جهة أخرى، وفقا للمحللين.
وكان «ترامب» قد أعلن الثلاثاء على تويتر إقالة «تيلرسون»، مشيرا إلى رغبة وزير الخارجية السابق في الإبقاء على الاتفاق النووي الإيراني «الرهيب» كأحد الأسباب. واقترح آخرون أن الأمر كان يتعلق بالتحقيق المستمر في التواطؤ الروسي.
لكن محللين خليجيين أشاروا أيضا إلى التوقيت، حيث جاء بعد أيام فقط من ظهور رسائل بريد إلكتروني مسربة أظهرت جهود مدعومة من دولة الإمارات لإقالة «تيلرسون» بسبب دعمه المتصور لدولة قطر والرغبة في الوساطة.
ويقول «إياد البغدادي»، مؤسس «كواكيبيا»: «يعتقد كل شخص بأن إقالة تيلرسون يتعلق بروسيا، وقد يكون كذلك، لكنني لا أعتقد أن هذه هي القصة الكاملة».
وأضاف: «أعتقد أنها ضربة كبيرة من قبل الإمارات والسعودية، وفي وقت مناسب للغاية».
وقد احتفى البعض بهذا القرار، وقال «عبد الخالق عبد الله»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات القريبة من الأسرة الحاكمة: «إنه أسوأ وزير خارجية على الإطلاق».
وأضاف: «وسيذكر التاريخ وجود دور لدولة خليجية في طرد وزير خارجية قوة عظمى».
لكن على الرغم من كل التخمينات، يقول محللون إن الخلاف الخليجي ربما لا علاقة له بمغادرة «تيلرسون»، ولن يغير بديله، مدير وكالة الاستخبارات المركزية «مايك بومبيو» سياسة الولايات المتحدة فيه.
معسكر الدوحة
وبغض النظر عن صحة هذه التخمينات، سوف تشعر قطر على الأرجح بخسارة «تيلرسون»، الذي كان مسؤولا تنفيذيا سابقا في «إكسون موبل»، وكان لديه علاقات وثيقة مع الدوحة، وظل بمثابة عامل التهدئة ضد تهور «ترامب».
وكان «تيلرسون» هو الذي دفع بالحلول الدبلوماسية مع اندلاع الأزمة في يونيو/حزيران الماضي، في حين أيد «ترامب» الحصار.
وبحلول شهر سبتمبر/أيلول، مع ذلك، كان «ترامب» يتوسط في اتصالات بين قادة قطر والسعودية.
وقال «ديفيد دي روش»، وهو وزير دفاع سابق: «لو كنت قطريا، سأكون سعيدا بوجود تيلرسون في موقع السلطة والمسؤولية، وسأكون غير سعيد برؤيته خارج الإدارة».
وقال «ديس روشس» إن «بومبيو سيكون مداهنا أكثر من تيلرسون».
لكن السياسة الأمريكية، كما أكد، لا تتوقف على الشخصيات، ومن المرجح أن تغير وزارة الخارجية «بومبيو»، وليس العكس.
أكبر قدر من المكاسب
وتميل سياسة الولايات المتحدة بشأن الانقسام الخليجي في الوقت الراهن إلى تشجيع المصالحة، وهو الأمر الذي بذلت الكويت، التي تعمل كوسيط وحيد في الأزمة، الجهود لأجله لعدة أشهر دون نجاح.
وقال «أنتوني كوردسمان»، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «الموقف الأمريكي بصراحة واضح جدا بشأن هذا، إننا نريد أن نرى نهاية للتوتر بين قطر والسعودية والإمارات، ويستدعي ذلك ألا ننحاز إلى أي جانب ... وأن ندرك أن هناك حاجة حقيقية لإيجاد حل وسط».
وأضاف: «لا أعتقد أن هناك أي شخص في الولايات المتحدة على مستوى السياسة لا يشعر أن هذا الخلاف لا طائل من ورائه، وأنه يساعد إيران».
ودعا «ترامب» الأطراف المتصارعة إلى عقد قمة في «كامب ديفيد» في شهر مايو/أيار، وهو ما سيكون إنجازا بحد ذاته، ناهيك عن إمكانية تحقيق مصالحة، وهو أمر مشكوك فيه.
وقال «كوردسمان» إن «المشكلة في جميع اجتماعات القمة في الواقع هي أنه إذا لم تستطع حل الأمور قبل اجتماع القمة، فإنك لن تفعل ذلك خلال القمة».
لكن قد يشكك البعض في رغبة الأميركيين في شفاء الصدع، بالنظر إلى الفوائد الاقتصادية والأموال التي يضخها حلفاؤهم الخليجيون في الصفقات الأميركية ولشركات العلاقات العامة منذ الأزمة.
وبعد أن حصلت الولايات المتحدة على خطابات نوايا للحصول على صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار مع السعودية في مايو/أيار الماضي، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي على مبيعات عسكرية بقيمة 467 مليون دولار إلى قطر والإمارات.
ووجد تحقيق أجرته «بوليتيكو» العام الماضي أن الحكومة القطرية كانت تنفق أقل من 300 ألف دولار شهريا على جماعات الضغط، قبل أن يقفز الرقم إلى 1.4 مليون دولار شهريا بعد الأزمة. وكانت السعودية تنفق ما يقرب من 250 ألف دولار شهريا على 3 شركات، لكنها أنفقت 6.2 مليون دولار على شركة واحدة فقط في عام 2017.
وقال «ديفيدسون» إن القمة ستكون «لعبة أمريكية لمحاولة استخلاص أكبر قدر ممكن من المكاسب من جانبي الأزمة».
وأضاف: «رأينا بالفعل هذه العروض التي يقدمها ولي العهد السعودي. وكان عليه أن يتعهد بكل نوع من التعهدات، مثل الاستثمار في الاقتصاد الغربي، والاستثمار في السلع العسكرية الغربية، في وقت لا تستطيع فيه بلاده تحمل ذلك».
وتابع: «إن الولايات المتحدة في موقف عظيم. ويجب على الخليجيين أن يكونوا حذرين للغاية بشأن نية الدول التي يعتقدون أنها حليفة لهم وتحميهم».