الخليج أونلاين-
في اعتراف ضمنيّ من السلطات السعودية الرسمية بمخالفتها للقوانين والحقوق الحصرية في عالم "الإعلام الرياضي"، دشّنت الرياض حملة لمصادرة جهاز يُقرصن المحتوى الخاص بقنوات "بي إن سبورت" القطرية ذائعة الصيت، ويعيد بثه مع وضع "لوغو" جديد.
ويأتي تحرّك السلطات السعودية قبل أقلّ من شهر ونصف على انطلاق نهائيات كأس العالم لكرة القدم، التي تستضيفها روسيا في الفترة ما بين 14 يونيو و15 يوليو المقبلين، بمشاركة 32 منتخباً من بينها 4 منتخبات عربية.
وكانت السعودية فرضت، برفقة الإمارات والبحرين، حصاراً خانقاً على قطر، في 5 يونيو 2017؛ بزعم دعم الدوحة للإرهاب، وهو ما تنفيه الأخيرة جملة وتفصيلاً.
وغضّت الرياض الطرف عن قناة تُطلق على نفسها "beoutq" الرياضية، تزامناً مع انطلاق الدوريات الأوروبية الكبرى، مطلع أغسطس المنصرم.
وجاء ظهور القناة التي تعتمد على البثّ المقرصن كلياً بعد هجوم متعمّد وممنهج على قنوات "بي إن سبورت" القطرية، وذلك بعد أيام قليلة من اندلاع الأزمة الخليجية، إذ تم سحب التراخيص منها في الرياض وأبوظبي والمنامة، كما تم حظر بيع واستيراد أجهزة الاستقبال الخاصة بـ "بي إن سبورت"، فضلاً عن حجب الموقع الإلكتروني الخاص بـ "البنفسجية".
- انكسار سعودي
وفي هذا الإطار ذكرت صحيفة "عكاظ" السعودية، الاثنين 7 مايو 2018، أن السلطات المختصة في البلاد شرعت بحملة مكثّفة لتنظيف السوق من جهاز بث يقوم بقرصنة إحدى القنوات الرياضية.
وتشير الصحيفة السعودية إلى جهاز "بي أوت كيو"، الذي يعتمد كلياً على بث قنوات "بي إن سبورت"، في سرقة علنيّة "فاضحة" وتعدٍّ سافر على حقوق القناة القطرية ذائعة الصيت، وفقاً لمراقبين ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي.
ووفقاً للصحيفة نفسها، فإنه "طبقاً لإحصاء أوّلي فقد تمت مصادرة 5 آلاف جهاز، وتم إتلافها بحضور ممثّل عن كل الجهات المشتركة في هذه الحملة".
ولفتت إلى أن السلطات المختصة التي تقود هذه الحملة "اتّخذت الإجراءات النظامية بحق البائعين؛ لمخالفتهم الأنظمة المتعلّقة بالحماية الفكرية"، مشدّدة على أن الحملة "ستواصل أعمالها الرقابية على جميع منافذ البيع التي قد تصدر منها مثل هذه المخالفات".
- تدخّل رسمي
المستشار في الديوان الملكي السعودي، سعود القحطاني، حاول الظهور بثوب المدافع عن الحقوق والحقوق الحصرية للقنوات الرياضية؛ إذ كتب عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أنه "تفاجأ" من وجود قناة تبثّ بثاً مقرصناً لفعاليات الدوريات العالمية، بما في ذلك كأس العالم القادم.
وأبدى القحطاني، الذي يُطلق عليه وزير "الذباب الإلكتروني" بالسعودية، استنكاره الشديد، مطالباً السلطات القطرية بإيقاف التعدّي الحاصل؛ لكونهم الناقل الحصري بمليارات الدولارات، مشدّداً على ضرورة الدفاع عن مصالح من أعطاهم الحقوق.
لفت انتباهي تعليقات بأن هناك قناة تبث بثًا مقرصن لفعاليات الدوريات العالمية بما في ذلك كأس العالم القادم.
— سعود القحطاني (@saudq1978) May 7, 2018
أعلن استنكاري الشخصي لهذا الموضوع ومن واجب سلطات #شرق_سلوى إيقاف ذلك لكونهم الناقلين بمليارات الدولارات وهذا التجاوز مضر، ومن واجبهم الدفاع عن مصالح من أعطاهم الحقوق.
ويبدو أن المسؤول السعودي، الذي يشغل أيضاً منصب "رئيس اتحاد الأمن الإلكتروني والبرمجيات"، قد "نسي أو تناسى" تغريدته الشهيرة في 12 يونيو 2017، حين أشار ضمنياً إلى وجود بديل "قريباً" لقنوات "بي إن سبورت" القطرية بشكل وصفه بـ "المجاني أو الرمزي"، بعد حجبها من قِبل السلطات السعودية في إطار الإجراءات التي اتخذتها الرياض ودول الحصار ضد قطر.
وبعد أقل من شهر ونصف من تغريدة القحطاني، الذي يُعدّ مقرّباً من وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، ويعتمد الأخير عليه بشكل كبير في عمليات "الإطاحة بالخصوم"، ظهرت قنوات "بي أوت كيو"، ومن ثم بدأ الترويج لها على نطاق واسع، قبل أن تضع رسوماً مالية وصفتها بـ "الرمزية"، مقابل الحصول على جهاز القناة.
- موافقة سعودية "ضمنية"
انطلاق قنوات "بي أوت كيو" جاء بموافقة سعودية من أعلى المستويات؛ بعدما تبنّت صحيفة "الرياض" الرسمية، في أغسطس 2017، مهمّة الإعلان عن شبكة القنوات الرياضية، التي زعمت –آنذاك- أنها جاءت لتُخرج "البنفسجية" من الساحة، بالقرصنة وسرقة البث بشكل فاضح وتغطية "اللوغو".
وربط محللون تدشين القناة السعودية التي ترتكز على البث المقرصن لمحتوى "البنفسجية" بسلسلة الخطوات التي اتخذتها دول حصار قطر منذ اندلاع الأزمة الخليجية، علاوةً على وجود مطلب من ضمن المطالب الـ 13 الشهيرة بضرورة إغلاق قنوات "الجزيرة" وما يتفرّع عنها من قنوات أخرى، ومن ضمنها القنوات الرياضية.
وأشارت الصحيفة السعودية إلى أن هذه الخطوة -إطلاق قنوات beoutQ الرياضية- تُعدُّ خطوة أولية في طريق "إنهاء احتكار القنوات القطرية حقوق بث المباريات العالمية"، على حدّ زعمها، موضّحة في الوقت ذاته أن أسعار الاشتراك بالقنوات الجديدة تبدأ من 320 ريالاً سعودياً مع الحصول على جهاز الاستقبال، في حين سيكون التجديد سنوياً بمبلغ مالي أقلّ؛ يُقدَّر بـ 130 ريالاً.
- نهاية الدوريات وقرب كأس العالم
ويبدو أن "بي أوت كيو" تسير بخُطا متسارعة نحو مصيرها المحتوم؛ إذ انطلقت مع بداية الدوريات الأوروبية الكبرى، وقد "تندثر" مع نهاية بطولات القارة العجوز، خاصة أن العالم يترقّب انطلاق "العرس الكروي الكبير" في نسخته الـ 21.
بدوره أكّد الإعلامي الرياضي القطري علي المسلماني، مقدّم النشرات الرياضية في قناة "الجزيرة" الإخبارية، أن العرض المجاني لباقة كأس العالم للمشتركين الجدد في "بي إن سبورت" ينتهي اليوم (7 مايو)، لافتاً إلى أن مونديال 2018 لن يُبثّ إلا على "البنفسجية".
ونوه المسلماني بأن كلّ من كابَرَ وتغنّى ورقص بجهازه وطبّل لقناة "بي أوت كيو" سوف يستيقظ على حقيقة أن افتتاح المونديال بين روسيا والسعودية لن يكون سوى على قنوات "بي إن سبورت"، التي يرأسها القطري ناصر الخليفي.
اليوم ينتهي ( العرض المجاني ) لباقة كأس العالم للمشتركين الجدد في @beINSPORTS وأقول لكل من كابر وتغنى ورقص بجهازه ( الرخيص ) وطبل لـ #بي_اوت_المجد بأنك غاف الآن وستصحى و( تتجحفل ) يوم مباراة السعودية وروسيا والتي لن تشاهدها أبدا إلا على بين سبورتس القطرية وسنقول حينها #صياحهم_طرب
— علي المسلماني (@AliAlmslmani) May 7, 2018
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد أعلن، في وقت سابق، أن قنوات "بي إن سبورت" هي من تمتلك الحقوق الحصرية لبث مونديال روسيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رداً على محاولة "إسرائيلية" لبث كأس العالم على إحدى قنواتها الناطقة باللغة العربية.
وكانت المجموعة الإعلامية الرائدة في مجال البث التلفازي الرياضي والترفيهي قد أصدرت، إلى جانب مجموعة من المؤسسات الرياضية والتلفزيونية؛ على غرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ورابطة الليغا الإسبانية، وهيئة القرصنة السمعية البصرية، في 31 أغسطس 2017، بياناً رسمياً دعت من خلاله إلى ضرورة إغلاق بث "القناة القائمة على البث المقرصن" للمضامين الإعلامية المملوكة حصرياً لـ "بي إن سبورت".
وأشارت المجموعة الإعلامية في بيانها إلى أنها أحاطت السلطات السعودية علماً بهذه الممارسات غير القانونية، وطالبت الحكومة السعودية بالتحقيق في هذه القضية واتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع استغلال مضامينها الإعلامية من طرف هذه القناة أو غيرها من القنوات غير المرخص لها في المملكة العربية السعودية.
وشدّدت المجموعة في بيانها على أن أي محاولة لبثّ مضامينها دون إذن مسبق منها تعدّ عملاً غير قانوني وغير مقبول وفق كل التشريعات. كما أكّدت في الوقت ذاته أنها تحتفظ بكل الوسائل القانونية المتاحة لضمان احترام حقوقها الفكرية، خاصة أنها ملتزمة أمام مشتركيها بضمان تأمين أفضل تغطية لأعظم البطولات الرياضية العالمية.
بدورها قالت هيئة الإعلام المرئي والمسموع في السعودية إنه لم يثبُت لديها وجود أي أجهزة غير مصرّح بها في منافذ البيع النظامية كافة، وإنها لم تُعطِ أي تصاريح ببثّ قنوات فضائية مخالفة للأنظمة، وفقاً لما أوردته صحيفة الشرق الأوسط.
- حقوق حصرية
وتملك شبكة قنوات "بي إن سبورت" حقوق البث الحصري لمختلف بطولات الاتحاد الدولي لكرة القدم، علاوةً على أعرق البطولات الأوروبية، ولا يُمكن التعدّي على حقوقها في منطقتي "الشرق الأوسط" و"شمال أفريقيا" فضائياً أو من خلال الإنترنت، وسواء كان النقل بقناة أو بـ "streaming"، فإن "البنفسجية" لديها الحق الكامل في الملاحقة القانونية لكل معتدٍ على حقوقها.
ومنذ دخول "البنفسجية" عالم النقل التلفازي للبطولات الرياضية بدا واضحاً لجميع رواد مواقع التواصل والشبكات الاجتماعية الفارق الشاسع بين أسعارها وأسعار شبكة راديو وتلفزيون العرب (ART)، كما يقرّ هؤلاء بالجودة الكبيرة التي تُبثّ بها قنوات "بي إن سبورت"، علاوةً على وجود كوكبة لامعة من أبرز المحللين والمذيعين والمقدمين؛ ما يجعل تغطيتها "استثنائية" و"لا مثيل لها".