صالح بن عفصان العفصان الكواري- الراية القطرية-
التصريح الذي أدلى به مسيلمة الكذاب وزير الخارجية السعودي وزعم فيه أن الولايات المتحدة لو سحبت حمايتها المتمثلة في قاعدة العديد من قطر فإن النظام سيسقط في أقل من أسبوع، هو استمرار لجهالات هذا الوزير الكاذب الذي جاء لهذا المنصب السياسي، وهو لا يلم بأبجديات العمل الدبلوماسي والسياسي.
لم نندهش لما ظل يردده هذا الكذاب الأشر بحق قطر وشعب قطر، وقد كتبت مقالاً في أقل من عشرة أيام عن كذبه وفجوره، لذا لم نستغرب هطل هذا الوزير الضال،لأن قادته هم أول من كذب بتلفيقهم اتهامات مزورة ضد قطر لحصارها ومحاولة نهب ثروات شعبها وسلب سيادتها وإرادتها، فأصبح الكذب صنيعتهم والتضليل هوايتهم والفجور في الخصومة عقيدة لهم، سعياً منهم لإشانة سمعة قطر ووصمها باتهامات هم أنفسهم يعلمون أنها باطلة ومزيفة،لكن نقول لهم وبكل ثقة لقد «تمخض الجبل فولد فأراً».
لقد ضل الجبير طريقه للخارجية،لغته تحريضية غير دبلوماسية،يكذب كالطفل وله مقدرة فائقة يحسد عليها في التزلف والنكران،وهو يتوهم أن بسلوكه المشين،وتحريضه المستمر على قطر بأمر قادته يستطيع النيل منها ومن قيادتها الجسورة وشعبها الأبي.
السؤال الذي نطرحه على الوزير الضال،هو لماذا يكذب ويتحرى الكذب حتى ظل كل من يسمعه يعرف أن ما يقوله لا يخرج عن حلقات الكذب الذي أصبح ماركة دامغة وعلامة تجارية له ! ما يدعو للسخرية منه والشفقة عليه في نفس الوقت، وهو يلهث ليكذب ويكيل الاتهام لقطر حقداً وحسداً بلغة سوقية تحريضية تنطوي على المرض قبل الغرض !!
لم يحدد الرئيس الأمريكي في تصريحاته بعد مباحثاته مع نظيره الفرنسي ماكرون دولة بعينها عندما قال إن على دول المنطقة أن تدفع كلفة بقاء القوات الأمريكية في سوريا،لكنه كان يقصد بشكل واضح لا لبس فيه بلادك السعودية والإمارات عندما قال في المرة الأولى إن على دول المنطقة التي تتمتع بثراء فاحش دفع ثمن الحماية الأمريكية لها وكلفة القوات الأمريكية في سوريا، وقد رأينا كيف استفز وابتز ترامب ابن سلمان في البيت الأبيض وهو يعرض عليه خريطة البيع والشراء، وعلى كل سلعة منها تسعيرة محددة بما في ذلك تسعيرة حرب القوات الأمريكية في سوريا التي على السعودية دفعها والوفاء بها دون تردد.
ويعلم الجميع أن السعودية هي أيضاً من اقترحت إرسال قوات عربية لسوريا وأن الجبير هو أول من رحب بإعادة هذا الطرح أمريكياً،ما يجعله في موقف صعب وهو يحرج بلاده،فيما وافقت إمارات السوء على المقترح الأمريكي وتسعى حالياً لتجنيد مرتزقة من أفريقيا لإرسالهم إلى سوريا وليحاربوا بالوكالة عنها في اليمن أيضاً،فلماذا يا جبير هذا الإنكار ومحاولة تأويل تصريحات الرئيس الأمريكي وإخراجها عن نسقها وسياقها الذي قيلت فيه ولأجله ؟
ونتساءل هنا كذلك من يخشى السقوط ومِن مَن،هل من بلادك السعودية التي يتفشى فيها «الجرب» وتنتهك فيها الحقوق وتحاصرها الأزمات ومؤامرات وانقلابات القصر والفساد والبطالة وأجواء الغبن والسخط والتذمر من اعتقالات العلماء ورجال الدين والمال والفكر ونشطاء المجتمع والرأي العام وتدني الاقتصاد والفشل المحدق برؤية 2030 وإرهاصات ربيع قادم لا محالة،أم قطر «تميم المجد» دولة المواطنة والعدالة والرفاه الاجتماعي والعطاء الإنساني والتي ليس في سجونها أي معتقل سياسي أو ناشط أو صاحب رأي ؟.
من يسقط،الدوحة بكل كبريائها وشموخها وخيرها وحكمة قيادتها،أم الهشة أبوظبي التي تتخبط وهي تلهث إن تركتها أو حملت عليها، تبحث عن هيبة مفقودة وسمعة ملطخة بدماء الأبرياء،وتركض وراء موطئ قدم وموانئ في اليمن وفي أفريقيا وأرضها وجزرها محتلة، وقد فقدت بريقها المالي وأصبحت دويلة كرتونية طاردة للاستثمارات تلاحقها بمسؤوليها وسفرائها ومستشاريها الفضائح،كمريض الجذام الذي تخشى مجالسته حتى من ذويه خوفاً من انتقال العدوى ونتانة وعفن جروحه !!
قطر بفضل الله وبقيادتها وشعبها ونجاعة سياساتها قادرة على حماية نفسها،فمن يحمي السعودية من شعبها أولاً قبل أعدائها،الزلزال قادم ولن نستغرب في ظل ما يجري بالمملكة خفاء وعلناً،أي مفاجآت، فاحزم حقائبك أيها الكذاب من الآن وروح شوف لك جهة تعوي فيها من جديد.
ما يثير العجب أن السعودية بكبر مساحتها وعدد سكانها،لم تستطع أن تنتصر على نحو ألفي جندي حوثي،فهل بإمكانها حماية نفسها من أي اكتساح خارجي قادم لها مثلاً، وقد لاحظ الجميع ذلك في حرب الخليج الثانية في مطلع التسعينيات،لتظل معركة الخفجي التي حاربت فيها القوات القطرية ببسالة دفاعاً عن المملكة ونظامها،راسخة في الأذهان ومحفورة في ذاكرة التاريخ.
السعودية،دولة شعارها السلاح قبل التنمية،وقد فشلت في كليهما، فلا نصر مبين ولا نماء واضح،دولة يحميها تحالف جندته وحشدته للدفاع عنها ضد ميليشيات معدودة،فهل تخيف قطر «تميم المجد» ؟ كلا وألف كلا، بقيت قاعدة العديد أو رحلت،فإن لم يحمك شعبك لن يحميك غيرك.
الجبير وأشكاله وأولياء نعمته يحسدوننا على استقرارنا السياسي، ورفاهنا الاجتماعي،وعلى التفاف المواطنين حول قيادتهم وحب الشعب الكبير لأميره،وقد قالها الرئيس ترامب مؤخراً،فكيف هم وشعوبهم تئن من الظلم والتهميش والطغيان والصراعات والأزمات التي تنهش أجساد الشعب قبل الوطن المريض.
اسألوا أنفسكم كم دفعتم لأمريكا منذ مجيء الرئيس ترامب للسلطة،بل منذ القمة الإسلامية العربية بالرياض في مايو الماضي،مئات المليارات من الدولارات،ومازلتم تدفعون بلا ثمن وحساب،طمعاً في شراء الموقف الأمريكي والحماية الأمريكية من ميليشيات الحوثي وإيران وليس إسرائيل.
والملاحظ أن الملك سلمان قد أكد في كلمته في القمة العربية الأخيرة بالظهران،دعم المملكة للقضية الفلسطينية وموضوع القدس،وهو ما يختلف تماماً عما ظل يصرح به ويردده ابنه وولي عهده الذي أقر بحق اليهود في وطن لهم على الأراضي الفلسطينية وظل يبشر بصفقة القرن،ولم يجرؤ وهو أمام سيد البيت الأبيض أن يتفوه بكلمة واحدة ضد قراره بنقل السفارة الأمريكية للمدينة المقدسة،ما يثير التساؤلات وعلامات الاستفهام بشأن ما إذا كان الملك مغيباً بالكامل عما يقوله ابنه وخليفته عن السياسات ومجريات تسيير الدولة،فهل بالله عليكم مملكة بهذه التناقضات والأزمات يُخشى منها قبل أن تخشى هي من نفسها وبنيها ؟
ليس لدى قطر ما تخشاه من أي كائن كان،فعلاقتها ولله الحمد مع المجتمع الدولي في أفضل حالاتها،وهي دولة عصرية منفتحة إيجابياً على العالم وشريك في التصدي للتحديات التي يواجهها وعلى رأسها محاربة الإرهاب ودعم الأمن والسلم الدوليين وقضايا التنمية المستدامة ومحاربة الفقر وتقديم المساعدات الإنسانية من بعدها الإنساني وليس لأي أجندة أخرى كما يفعل البعض.
قطر دولة محورية في كل شأن يخص العالم والشعوب المحبة للسلام لفائدة الجميع،ما أكسبها وقيادتها الحكيمة وسياساتها الناضجة العقلانية، الثناء والاحترام والتقدير،لذلك كله فهي لا تخشى أحداً،وعلاقاتها مع أمريكا متينة وعميقة مهما حاول الجبير الكذاب بتصريحاته الجوفاء المعيبة،والسفهاء من الصحفيين والكتاب والمطبلين حوله،التشويش عليها وكأنها علاقات في سوق البورصة تخضع للعرض والطلب كما هو الحال مع الرياض وأبوظبي.
نعلم أن تهديدات دول الحصار المتكررة ضد قطر،للاستهلاك المحلي فقط ومجرد علاقات عامة لصرف الأنظار عما تعانيه وتقاسيه هذه الدول المأزومة من حالات تململ وإخفاقات وأزمات وصراعات بالداخل،لذلك فإن ما يقوله جبير الكذاب ليس بجديد ولا يعنينا في شيء،بل إن ما يصرخ وينبح به،هو دليل أكيد على مدى اليأس والإحباط والخزي الذي أصاب الفئة الباغية بعد فشل الحصار واستحالة تحقيقها لأي من أهدافها جراء استهدافها غير المبرر لقطر العز والخير والشموخ.
نقولها بصراحة إن أردتم حفظ ماء وجوهكم وحلحلة إشكالياتكم مع قطر والخروج من الأزمة التي افتعلتموها وتسببتم فيها،فلذلك طريق باتجاه واحد هو طريق الحوار الجاد والمسؤول،فهل من رجل رشيد بينكم يوافق على هذا الطرح القطري،بعيداً عن عقلية الصلف والتكابر ومجافاة الواقع والحقائق ؟..أو كما نقول نحن بالعامية (انثبر وادفعوا وانتو ساكتين).