ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

قرصنة "بي إن سبورت".. ثقة قطرية بعقوبات رادعة ستهز السعودية

في 2018/06/22

الخليج أونلاين-

تصاعدت ممارسات القرصنة التي انتهجتها قناة سعودية تعتمد كلياً على بث المحتوى الكامل لشبكة قنوات "بي إن سبورت" القطرية ذائعة الصيت، وذلك مع انطلاق صافرة نهائيات كأس العالم لكرة القدم، التي تستضيفها روسيا ما بين 14 يونيو الجاري و15 يوليو المقبل.

ومنذ أغسطس 2017، ظهرت قناة رياضية تُدعى "بي آوت كيو"، عملت على نقل مختلف البطولات والمسابقات التي تمتلك حقوقها الحصرية مجموعة "بي إن" الإعلامية الرائدة في مجال الرياضة والترفيه، مستغلة الأزمة الخليجية التي عصفت بالمنطقة وتركت آثاراً سلبية على شعوبها.

وتبنى مسؤولون سعوديون فكرة الترويج لـ "beoutQ" عبر حساباتهم الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء في مقدمتهم المستشار في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، الذي وعد متابعيه بعد أسبوع من الأزمة الخليجية وفرض الحصار على قطر بإيجاد "البديل" في أقرب وقت ممكن، عقب إقدام بلاده على حجب قنوات "البنفسجية" وحظر بيع أجهزة الاستقبال.

كما عملت وسائل إعلام سعودية على الترويج لـ "بي آوت كيو" منذ اللحظة الأولى، أبرزها جريدة "الرياض" الرسمية، إلى جانب إعلاميين سعوديين مقربين من دوائر صنع القرار، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها عملية قرصنة لحقوق القنوات الرياضية القطرية، "برعاية كاملة وممنهجة" من قبل السلطات الرسمية في البلاد.

- قرصنة الأصوات

القرصنة لم تتوقف عند حاجز نقل الفعاليات والمسابقات الرياضية العالمية فحسب؛ بل عملت القناة السعودية، التي تعتمد كلياً على بث "إمبراطورية الإعلام الرياضي"، على جلب معلقين سعوديين وإماراتيين بارزين عملوا سابقاً في قنوات "بي إن سبورت"، قبل أن يستقيلوا بأوامر عليا إبان اندلاع الأزمة الخليجية في 5 يونيو 2017، من أجل التعليق على المباريات المونديالية.

وفي التفاصيل، فوجئت الجماهير بتعليق الإماراتي فارس عوض على مباريات كأس العالم 2018، باسم جديد يُدعى "عبد الله العبد الله"، إضافة إلى السعودي فهد العتيبي الذي علّق على المباريات باسم مستعار هو "جابر الغفراني المري"؛ خشية ملاحقتهما بسبب الترويج والعمل في قناة تقرصن حقوق الآخرين بشكل "فاضح" و"في عز النهار"، كما يقول مراقبون.

وبتلك الخطوة فقد المعلقان عوض والعتيبي ثقة شريحة كبيرة من المتابعين والجماهير بعدما أصبحا "ألعوبة" في يد القائمين على قناة "بي آوت كيو"، وفقاً لرواد مواقع التواصل، إضافة إلى أنهما ارتضيا أن تسجل في تاريخهما "نقطة سوداء" بالعمل مع قناة تسرق حقوقاً ليست لها، في مخالفة قانونية وشرعية، فضلاً عن كونها خطوة غير أخلاقية.

- بيان الفيفا

وإزاء حجم القرصنة الذي فاق التوقعات على مختلف المستويات، أصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بياناً شديد اللهجة، بعد يوم من افتتاح مونديال روسيا، أكد من خلاله أنه "على دراية بأن قناة مقرصنة تحمل اسم (BeoutQ) قامت وبشكل غير قانوني ببث المباريات الأولى من كأس العالم 2018 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

وأشار في بيانه إلى أنه "يأخذ بمنتهى الجدية مسألة انتهاكات ملكيته الفكرية، ويدرس حالياً كل الخيارات المتاحة لوقف خرق حقوقه، ولا سيما اتخاذ خطوات بحق المؤسسات الشرعية (الرسمية) التي يُنظر إليها بأنها تدعم مثل هذه الأنشطة غير القانونية".

وشدد الاتحاد الدولي للعبة، في ختام بيانه، على أن قناة "بي آوت كيو" لم تحصل على أي حقوق من طرفه لبث أي من بطولاته ومسابقاته، كما زعم البعض.

وعقب بيان الفيفا، لوحظ بشكل كبير قيام مسؤولين ووسائل إعلام سعودية بحذف تغريدات تُروج لـ "بي آوت كيو"، كما رصدها "الخليج أونلاين".

- ثقة قطرية.. ورعب سعودي

وفي هذا الإطار، قال مدير إدارة الأخبار بقنوات "الكأس" الرياضية القطرية، عبد الله المري، إن عملية قرصنة حقوق "بي إن سبورت" واضحة وضوح الشمس، وتمت أمام الكل وتحت مرأى ومسمع الجميع.

وأشار، في تصريحات خاصة لـ "الخليج أونلاين"، إلى أن قرصنة حقوق الشبكة الرياضية القطرية يقف خلفها جهات سعودية رسمية، مستنداً إلى عمليات الترويج التي تكفل بها وزراء ومستشارون ينتمون إلى حكومة معروفة (السعودية)، إضافة إلى أن الإعلام الحكومي وليس الخاص هو من روّج لهذا المنتج.

وشدد "المري" على أن القائمين على قناة "بي آوت كيو" يدركون تماماً أنهم على خطأ بشكل كامل، مستشهداً بجلب القناة السعودية معلقين معروفين عربياً من المحيط إلى الخليج، للتعليق على المباريات تحت "أسماء وهمية".

وأبدى أسفه من عمليات القرصنة التي تتم؛ لأنها "تعلم الصغار الكذب والسرقة والتعدي على حقوق الآخرين والتشجيع عليه"، متمنياً لو تم استثمار تلك الأموال في البشر والتنمية والتطوير، مشيراً إلى أن قطر تستند إلى القوانين واللوائح.

- عقوبات مرتقبة

وأكد أن "بي إن سبورت" قدمت شكوى للاتحاد الدولي للعبة تحتاج إلى وقت لكي يتم النظر فيها وإصدار حكم فيها، مبدياً في الوقت نفسه ثقته الكاملة بأن القناة القطرية ذائعة الصيت ستأخذ حقوقها كاملة نتيجة الضرر الذي لحق بها وبمشتركيها.

وحول العقوبات المتوقع فرضها من قبل الفيفا، أكد "المري"، في تصريحاته لـ "الخليج أونلاين"، أنها ستنقسم إلى قسمين؛ عقوبات مالية ضخمة، وأخرى إدارية ستطال الاتحاد السعودي للعبة، وقد تُحرم منتخباته من المشاركة في المحافل القارية والدولية مدة ليست بالقصيرة.

وأشار إلى أن توقيع العقوبات "مسألة وقت ليس إلا"، مستدلاً بما حدث مع مصر على خلفية قيام التلفزيون الحكومي ببث مباراة غانا ضمن التصفيات المؤهلة لمونديال 2014، وتغريمها لاحقاً بمبلغ مالي ضخم بسبب امتلاك "بي إن سبورت" حقوق البث الحصري.

- تصعيد سعودي.. ما السبب؟

"ضربني وبكى.. سبقني واشتكى"، هكذا ردّ الإعلامي القطري البارز على الشكوى السعودية التي قُدمت إلى الفيفا بزعم قيام "بي إن سبورت" بـ "تسييس الرياضة"، لافتاً إلى أن بيان الفيفا الأخير كان واضحاً بخصوص هذه المسألة، إضافة إلى أن الاتحادات القارية على غرار "اليويفا" و"الآسيوي" و"الأفريقي" لن تقبل بهذه المزاعم والادعاءات.

وحول التصعيد السعودي الأخير على الصعيدين الرياضي والسياسي، شدد "المري" على أن هذه الضغوط المستمرة منذ سنة "لم تحرك شعرة في القطريين"، مشدداً على أنهم تعودوا على ذلك، وكل ما يحدث يندرج ضمن "الفرقعات الإعلامية" و"لا نلتفت إليها".

وأكمل موضحاً: "ما يحدث مؤخراً من ضغوط يهدف للتغطية وتحويل أنظار السعوديين من الفشل الداخلي إلى أماكن أخرى"، مستبعداً أن ينطلي كل ذلك على الناس الذين باتوا يعرفون الحقيقة كاملة.

وطالب المري، في ختام تصريحاته لـ "الخليج أونلاين"، عشاق "الساحرة المستديرة" بالاستمتاع بكأس العالم عبر شاشة "البنفسجية" في ظل كوكبة المحللين والمذيعين والمراسلين المنتشرين في جميع ملاعب البطولة والدول المشاركة.

وقارن في الجهة المقابلة بسوء الخدمة التي تقدمها "بي آوت كيو" وشكوى مشتركيها المستمر على مواقع التواصل الاجتماعي من الخدمة السيئة المقدمة، وعدم وضوح الصورة وتقطيعها بشكل مزعج.

-" البنفسجية".. إمبراطورية الإعلام الرياضي

تجدر الإشارة إلى أن "بي إن سبورت" تسيطر على حقوق البث الحصري لمنافسات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) كافة؛ ومنها نهائيات كأس العالم عامي 2018 و2022، علاوة على منافسات "الكرة الشاطئية" و"الكرة الخماسية" بمختلف الفئات والمراحل السِّنيّة، فضلاً عن أبرز الدوريات الأوروبية؛ على غرار "البريميرليغ" و"الليغا" و"الكالتشيو" و"البوندسليغا" و"الليغ1".

34858682944_ab45e559fc_o

وتضم الباقة الرياضية القطرية كوكبة لامعة من أبرز المذيعين والإعلاميين والمحللين والمعلقين العرب، على غرار أيمن جادة، وهشام الخلصي، وخالد ياسين، ولخضر بريش، ومحمد سعدون الكواري، ومعز بولحية، والمعلقين البارزين: عصام الشوالي، ورؤوف خليف، وحفيظ دراجي، ويوسف سيف، وعلي محمد علي، والمحللين: طارق ذياب، ونبيل معلول، وطارق الجلاهمة، وحاتم الطرابلسي، ومحمد أبو تريكة، وآخرين.

وبعد هيمنتها المطلقة على السوق العربية، وسّعت "beIN" نفوذها ونشاطها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وفرنسا وتركيا وشرقي القارة الآسيوية، ولها أكثر من 17 قناة رياضية بمختلف اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية وغيرها، وتبث بتقنية عالية الجودة "HD" و"4K"، كما أنها فتحت قنوات إضافية للأفلام والمسلسلات والعائلة والأطفال؛ لتصبح "إمبراطورية إعلامية شاملة لا مثيل لها".