ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

براءة الشيخ علي سلمان تكشف سوءة دول الحصار

في 2018/06/23

وكالات-

سقوط أحد أهم التهم عن قطر حول دعمها زعزعة الأمن بالمنطقة انتصار آخر تحققه الدوحة وهي تواجه جدار الحصار المفروض عليها منذ عام، وفي الأفق يبدو أن لا وجود له، لا سيما مع تحرك دبلوماسي قطري مدروس.

فتهمة التخابر مع دولة قطر أُسقطت الخميس 21 يونيو 2018 عن رجل الدين البحريني الشيخ علي سلمان، زعيم حركة الوفاق الشيعية، أبرز قوى المعارضة في المملكة، وبرأ القضاء البحريني سلمان من هذه التهمة، وشمل حكم البراءة أيضاً اثنين من مساعدي سلمان حوكما في القضية نفسها.

وكانت النيابة البحرينية قد وجهت للثلاثة تهمة "التخابر مع دولة قطر" من أجل "القيام بأعمال عدائية داخل مملكة البحرين، والإضرار بمركزها الحربي والسياسي والاقتصادي ومصالحها القومية، والنيل من هيبتها واعتبارها في الخارج"، إضافة إلى "قبول مبالغ مالية من دولة قطر".

زعزعة استقرار المنطقة المتهمة بها قطر من قبل الرباعي: السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بدت مجرد اتهام يخلو من التوثيق بعد تبرئة سلمان، وهي تهمة من بين مجموعة تهم موجهة للدوحة فرض الرباعي بسببها حصاراً على الأخيرة منذ 5 يونيو 2017.

قطر التي بدت متفاجئة من قرار الرباعي بمقاطعتها وفرض الحصار عليها، بعد تعرض وكالتها الرسمية للقرصنة، وبث تصريحات مفبركة لأمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، سلكت طريق الدبلوماسية لمواجهة الحصار سياسياً من جهة، ومن جهة أخرى وجدت طرقاً وأسواقاً جديدة بديلة حيث كانت تعتمد بشكل شبه كامل على السعودية والإمارات في هذين المجالين.

وفي الوقت الذي كان إعلام دول الحصار يعمل على تشويه صورة قطر، كانت الأخيرة تعتمد تحركات دولية لتبيان حقيقة التهم الموجهة إليها وتأثير الحصار على شعوب الخليج بشكل أكبر، حيث منعت دول الحصار أعداداً كبيرة من العوائل من الاتصال بذويهم؛ إذ يرتبط المجتمع الخليجي في دوله المختلفة بأواصر وثيقة.

صمود قطر ونجاحها في مواجهة الحصار أدهشا الصحافة العالمية، التي شهدت تحولاً في آرائها حول الأزمة الخليجية، من توقعات بإذعان الدوحة لدول الحصار وعدم تمكنها من الصمود، إلى نجاح في كسر الحصار ومواصلة البناء وتنفيذ المشاريع العملاقة.

فمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية تصف الأزمة الخليجية بأنها "معركة دبلوماسية" بين قطر ودول الحصار.

وأكدت "فورين أفيرز" في فبراير الماضي، أن الدوحة نجحت في كسب هذه المعركة بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها لتجاوُز الحصارَين الاقتصادي والسياسي المفروضين عليها من قِبل دول الجوار، خاصةً مع تأكيد أمريكا دعمها الواضح لها ودعوتها بقية الأطراف للتوصل إلى حل توافقي، بحسب رأيها.

نجاح قطر دبلوماسياً بدا واضحاً من خلال لقاء أمير قطر نظيره الأمريكي بواشنطن في أبريل الماضي، الذي رأته كبرى الصحف الأمريكية تحولاً لافتاً للنظر في موقف الرئيس الأمريكي إزاء الأزمة الخليجية.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الرئيس ترامب أثنى في خلال اللقاء على أمير قطر، واصفاً إياه بأنه "صديق عظيم، وهو يتمتع بشعبية كبيرة في بلده، شعبه يحبه".

وتضيف الصحيفة: "لم يكن هذا موقف ترامب من الأزمة الخليجية، فقد أعلن في حينها موقفاً مؤيداً لدول الحصار، وقال إن قطر ممولة للإرهاب؛ وهو ما أدى إلى خلاف بينه وبين وزير خارجيته المقال ريكس تيلرسون، الذي كان يرفض هذه الاتهامات، وتدخَّل من أجل إيجاد حلٍّ للصراع الخليجي".

- براءة سلمان تسبقها اعترافات بفشل الحصار

في مايو الماضي بعثت دول الحصار برسالة غير مباشرة إلى قطر، مفادها أنها قد تتراجع عن شروطها الثلاثة عشر التي طرحتها في يونيو 2017، وتعيد العلاقات إلى ما كانت عليه قبل هذا التاريخ "إذا قطعت الدوحة علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين".

جاء ذلك في خلال جلسة نقاشية نظَّمها مركز الإمارات للسياسات في أبوظبي، بحضور رئيسة المركز ابتسام الكتبي، وعلي راشد النعيمي رئيس دائرة التعليم والمعرفة في الإمارات، ونبيل الحمر مستشار ملك البحرين لشؤون الإعلام، والإعلامي السعودي المقرّب من دوائر القرار في الرياض عبد الرحمن الراشد، وهم كبار منظري الحصار.

وأقر المجتمعون بأن الحصار الاقتصادي المفروض على قطر منذ عام "فشل في تحقيق الغاية منه"؛ بسبب قوة الدوحة الاقتصادية والمالية، على الرغم من إشارتهم إلى أن الحصار سيؤثر على قطر اقتصادياً على المدى البعيد.

وبحسب التوصيات التي ألقتها رئيسة المركز في نهاية الجلسة، فإنه "يمكن لقطر بهذه الأدوات أن تتغلب على آثار المقاطعة في الأجل القصير"، في إقرار ضمني بفشل الحصار في عامه الأول.

ومن بين السيناريوهات التي طرحتها الكتبي، والتي تمثل الرسالة غير المباشرة التي أرادت دول الحصار إرسالها من خلال هذا النقاش، التوصل إلى "مقايضة" بين الدول الأربع وقطر؛ تقوم على تقليص هذه الدول مطالبها مقابل قطع قطر علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين.

في المقابل، أضافت الكتبي: "ستقوم الدول الأربع برفع العقوبات، والعودة إلى علاقات ما قبل الأزمة تقريباً"، وذلك في إشارة إلى تراجع دول الحصار عن مطالبها الـ13 التي أعلنت قطر رفضها بشكل كامل.

وكان من أبرز هذه الشروط قطع العلاقات مع جماعة الإخوان وإيران، وإغلاق قناة الجزيرة والقاعدة العسكرية التركية في قطر.

ويبدو أن دول الحصار اهتمت بالتوصيات التي خرجت بها الجلسة، وبدأت بإسقاط التهم عن قطر، بدءاً ببراءة البحريني الشيخ علي سليمان من تهمة التخابر مع قطر.

وتأتي هذه الخطوة في وقت يشارك تحالف تقوده السعودية ودول الحصار في معارك باليمن، يدعم من خلالها الجيش الرسمي لمواجهة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.

وتدعم واشنطن هذا التحالف وتسعى من خلاله لإضعاف نفوذ طهران، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يطالب الدول الخليجية بإنهاء الأزمة التي يرى أنها تصب في مصلحة إيران.

ضغوط ترامب هذه واعترافه الصريح بالدور القطري في مجال مكافحة الإرهاب، ظهرا جلياً في خطوتين كبيرتين على مستوى الشرق الأوسط، كانت واشنطن فاعلة فيهما.

حيث دُعيت قطر إلى مشاركة في تمرين "درع الخليج 1"، المقام على أرض السعودية في أبريل الماضي، وهو ما عكس بوضوح تناقُض تصريحات الدول المقاطعة وتعاملاتها.

ويهدف التدريب إلى رفع الجاهزية العسكرية للدول المشاركة، وتحديث الآليات والتدابير المشتركة للأجهزة الأمنية والعسكرية، وتعزيز التنسيق والتعاون والتكامل العسكري والأمني المشترك.

مشاركة قطر في رفع جاهزية قواتها، جنباً إلى جنب مع نظيراتها الخليجية، جاءت رغم محاولة دول الحصار القيام بعمل عسكري ضد الدوحة مع بدء الأزمة، وهو ما كشفه أمير الكويت، الشيخ صباح الصباح، ما يضع تساؤلات كثيرة على طاولة الأسباب الموضوعية لافتعال الأزمة، خصوصاً من الرياض وأبوظبي.

الخطوة الثانية التي عكست الدور القطري الفاعل في مكافحة الإرهاب كان مشاركتها إلى جانب واشنطن ودول الخليج الأخرى في فرض عقوبات جديدة على قيادة مليشيا "حزب الله" اللبنانية، شملت أمينها العام حسن نصر الله ونائبه نعيم قاسم.

- مغردون

براءة الشيخ علي سلمان تناقلها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أنها تكشف أن اتهامات دول الحصار لقطر باطلة.

فهد بن عبد العزيز قال في تغريدة له على "تويتر": إن "كذبة تدخل قطر بشؤون البحرين" احترقت، وذلك "بعد تبرئة قضائية لعلي سلمان من تهمة التخابر مع قطر".

عبد الله محمد الصالح وصف براءة الشيخ علي سلمان بأنها براءة قطر.

محمد البوفلاسة تفاعل في عدد من التغريدات حول براءة الشيخ سلمان، وأكد أيضاً أنه كان واثقاً من براءة قطر من التهم التي وجهت إليها من دول الحصار.