ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

قدمت نفسها كداعم.. الإمارات تتنصل من دورها بحصار قطر!

في 2018/07/10

الخليج أونلاين-

بعد هزائم دبلوماسية منيت بها دولياً، غيرت دولة الإمارات لهجتها حول الأزمة الخليجية، مُحاولة إبعاد التهم عنها وتبرير اشتراكها في حصار جارتها قطر، بقولها إنه جاء دعماً لدولتي السعودية والبحرين، وذلك بالتزامن مع تحقيقات دولية حول انتهاكات تعرض لها مواطنون قطريون وخليجيون بسبب الأزمة المتواصلة منذ أكثر من عام.

وقدمت الإمارات نفسها كداعم للحصار بدلاً من شريك، بعد وقوعها في ورطة قضائية إثر الدعوى التي رفعتها قطر ضدها أمام محكمة العدل الدولية، وحمّلت فيها أبوظبي مسؤولية أذى تكبَّدته عوائل قطرية، وحصول انتهاكات بسبب إجراءات الحصار الذي فُرض على البلاد.

وقالت أبوظبي في بيان لوزارة خارجيتها، صدر الخميس (5 يوليو)، إن الحصار جاء "دعماً للقرارات الصادرة من السعودية والبحرين"، وإنها لم تتخذ أي تدابير إدارية أو قانونية لإبعاد القطريين. وجاء البيان مناقضاً لما نشر سابقاً عبر وسائل إعلام إماراتية من بيانات رسمية عن منح القطريين مهلة 14 يوماً، أسوة بباقي دول الحصار ،للخروج من البلاد.

تورّط موثق دولياً

وعلى الرغم من تورط الإمارات في تدبير الحصار، وقرصنتها لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، ونشر تصريحات ملفقة نسبت لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والتي أشعلت الشرارة الأولى للأزمة الخليجية، فإنها تتملص الآن من ضلوعها في ذلك.

وتعليقاً على موقف الإمارات قال حواس الشمري، الحقوقي القطري وعضو مجلس إدارة جمعية المحامين القطرية: "بلا شك أن البيان الإماراتي ما هو إلا محاولة للتنصل والتملص من قراراتها اللاإنسانية، التي اتخذتها ضد المواطنين القطريين والمقيمين على أرض قطر، والتي تخالف الاتفاقية الدولية المعنية بالقضاء على كل أشكال التمييز العنصري".

واعتبر الشمري في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "هذا البيان لن يجدي نفعاً؛ فالحالات الإنسانية التي انتهكت الإمارات حقوقها قد وثقتها قطر، من خلال اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وبمشاركة منظمات دولية".

الإمارات قادت الحصار

الإمارات لم تكن شريكة فحسب، بل قادت حصار قطر منذ الوهلة الأولى "من خلال تصدر مسؤولين إماراتيين بارزين للمشهد بوسائل الإعلام، للتحريض على خطاب الكراهية ضد قطر ومواطنيها والمقيمين فيها، وتجييش وسائلها الإعلامية، وبقراراتها المتمثّلة بالطرد الجماعي للمواطنين القطريين من أراضيها ومنعهم من الدخول إليها"، بحسب الحقوقي القطري.

وفي تعليق على تصريحات الإمارات قالت سارة بريتشيت، الباحثة في المرصد الأورومتوسطي: إن "قول أبوظبي بأنها دعمت السعودية فقط لا يغير شيئاً"، وأوضحت أنه "من المبادئ الأساسية في القانون الدولي مبدأ سيادة الدول؛ والذي يعني أن كل دولة حرة في تصرفاتها، ولا يمكن القول إن دولة ما غير مسؤولة عن تصرف قامت به إلا في حالة واحدة؛ وهي أن تثبت أنها أكرهت على ذلك، وهذا ما لم تقله الإمارات".

وبينت بريتشيت في حديثها لـ"الخليج أونلاين"، أن "الاستجابة لرغبة دولة أخرى تأتي في سياق المجاملات الدولية والعلاقات الدبلوماسية، لكنها إذا ما أدت إلى انتهاكات لحقوق الإنسان وإضرار بالغير، فإن الدولة تتحمل مسؤولية ذلك الفعل، إلا أن تقول الإمارات إن القرار اتخذ بالإكراه، وتحت تهديد جدي وقابل للوقوع من قبل البحرين أو السعودية بصورة لم يكن لها ملجأ منها إلا أن تقوم بذلك".

وأكدت أن الإمارات تبقى مسؤولة من الناحية القانونية عن الإجراءات التي اتخذتها، وما شابها من "عدم مشروعية، وما نتج عنها من أضرار تستحق التعويض"، مبينة أن دور أبوظبي في الأزمة "أساسي"، وأن "هناك عشرات الشكاوى التي وصلتنا حول إجراءاتها ضد مواطنين قطريين، بمنعهم من السفر إليها؛ ما حرمهم من استكمال تعليمهم بالجامعات، وعدم قدرتهم  على الوصول إلى ممتلكاتهم وتشتت عائلاتهم، إضافة إلى تجريم من يتعاطف مع قطر".

قرار المحكمة ومعاقبة دول الحصار

وقالت الدوحة في بيان رسمي سابق، إن الدعوى المقدَّمة للمحكمة الدولية تنص على أن الإمارات قادت هذه الإجراءات التي أدت إلى تأثير "مدمر" على حقوق الإنسان، بالنسبة للقطريين والمقيمين في قطر.وأشارت إلى أن الإمارات سنَّت سلسلة من التدابير التي ترمي إلى التمييز ضد القطريين، وضمن ذلك طردهم من البلاد ومنعهم من الدخول أو المرور عبرها، كما طالبت مواطنيها بمغادرة قطر، وأغلقت المجال الجوي والموانئ البحرية.

وجاء مثول أبوظبي وحدها أمام محكمة العدل الدولية، لكون قطر والإمارات من بين الدول الموافقة على اختصاص هذه المحكمة، بموجب المادة الـ22 من اتفاقية القضاء على التمييز العنصري (CERD) بالبت في النزاعات المتعلقة بالاتفاقية. في حين أن الدول الثلاث الشريكة في حصار قطر (السعودية والبحرين ومصر) لم توافق في الاتفاقية على هذا الاختصاص، وعليه رفعت قطر الدعوى على الإمارات دون دول الحصار الأخرى.

المحامي القطري أكد أن عدم موافقة السعودية والبحرين على اختصاص محكمة العدل في هذا البند "لا يعني أن هذه الدول بمنأى عن سيف العدالة الدولية"، وتابع: إن "أي إدانة قضائية للإمارات تصدر من محكمة العدل الدولية فهذا يعني أيضاً إدانة سياسية لشركائها لانتهاك الحقوق الإنسانية، والتي أقرتها اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز العنصري".

في حين علقت بريتشيت قائلة: "إذا قررت المحكمة إدانة الإمارات، واعتبرت أن الإجراءات التي اتخذتها بحق القطريين تعدّ تمييزية بالمخالفة للاتفاقية، فإن للمحكمة، بموجب المادة الـ36 من نظامها الأساسي، صلاحية التحقيق في الوقائع التي ثبت أنها كانت خرقاً للالتزام؛ ولها أن تحدد نوع التعويض المترتب على أبوظبي".

وطلبت قطر من محكمة العدل اتخاذ إجراء فوري لحماية القطريين من أي ضرر مستقبلي لا يمكن إصلاحه.بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء القطرية (قنا). وأكدت الحكومة القطرية أن مسؤولي الإمارات شاركوا في حملة إعلامية واسعة النطاق ضد قطر والقطريين، محرِّضِين على تبني خطاب الكراهية بشكل مباشر.

وذكرت أن الإمارات تدخلت في العقارات المملوكة للقطريين، وميّزت ضد طلاب قطر الذين يتلقون تعليمهم فيها، وجرّمت أي خطاب يُنظر إليه على أنه "دعم" لقطر، وأغلقت مكاتب قناة "الجزيرة" لديها، وحظرت الدخول إلى المحطات والمواقع الإلكترونية القطرية.

ودعت قطر محكمة العدل إلى "أن تأمر الإماراتِ باتخاذ جميع الخطوات اللازمة للامتثال لالتزاماتها بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، من خلال وقف الإجراءات التمييزية وإلغائها واستعادة حقوق القطريين".وطالبت أيضاً الإماراتِ بتقديم تعويض كامل عن الأضرار التي لحقت بها.