الخليج أونلاين-
أثارت زيارة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى الولايات المتحدة، للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، العديد من التساؤلات حول مبادرات حل الأزمة الخليجية، وقضايا أخرى عالقة في الشرق الأوسط.
ففي يوم السبت (1 سبتمبر 2018)، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي يلتقي أمير دولة الكويت، الأربعاء (5 سبتمبر 2018)، وذلك في إطار الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها الأخير للوساطة في حل الأزمة الخليجية التي فرضت بموجبها الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة حصاراً برياً وجوياً وبحرياً على دولة قطر، بدعوى دعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة وتؤكد أنها تتعرض لحملة للسيطرة على قرارها الوطني.
وأبدت قطر استعدادها لتجاوز الأزمة بالطرق الدبلوماسية منذ اللحظات الأولى لكن تعنت دول الحصار نقل هذا الخلاف إلى المجتمع الدولي وأمريكا على وجه الخصوص، وهو ما تعرقل أيضاً بسبب تعنت الدول الأربع في الجلوس على طاولة حوار واحدة، وبوساطة أمريكية.
بيان البيت الأبيض لم يشر صراحة إلى أن الزيارة تأتي ضمن وساطة الشيخ صباح بشأن إيجاد حل للأزمة الخليجية، وقال إن اللقاء يأتي في إطار زيارة عمل يجريها أمير الكويت لواشنطن، يتناول خلالها العلاقات الثنائية بين الكويت والولايات المتحدة، فضلاً عن التطورات الإقليمية بشكل شامل.
لكن تسارع الوقائع، واستمرار آثار الأزمة على المجتمع الخليجي، عكس مغزى توقعه مراقبون لزيارة الشيخ صباح، في أنها تأتي تحت إطار تحرُّك دبلوماسي كويتي لعقد اجتماع قمة بين أطراف الأزمة الخليجية، في سبتمبر الجاري.
سابقاً، أكد وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في حديث لقناة "الجزيرة"، أن واشنطن تعمل على عقد هذه القمة، في حين تلتزم دول الحصار الصمت حيالها.
- هل يجمع التوتر مع إيران قادة الخليج؟
ولا يعرف فيما إذا كانت إدارة ترامب تمارس ضغوطاً لجمع أطراف الأزمة ومواجهة العدو التقليدي المتمثل في إيران ونفوذها.
وينظر مراقبون إلى أن الرابح الوحيد من هذه الأزمة هي إيران التي تبدو بمظهر المنتصر، فهي كما سبق أن ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، "بمنزلة صداع استراتيجي في رأس واشنطن، التي تريد تحجيم إيران، وهي بحاجة إلى مساعدة حلفائها في الخليج العربي الذين يجب أن يكونوا متحدين".
كما أن الأزمة أدت إلى تهميش دول مجلس التعاون الخليجي كمنظمة فعالة يمكن أن تعمل أمريكا معها، بحسب ما كتب سابقاً جيرالد فييرستين، الدبلوماسي السابق والخبير في شؤون الخليج بمعهد الشرق الأوسط للدراسات الأمريكي، مضيفاً، في مقال له بصحيفة "وورلد فيو"، أن "الأزمة كشفت انقسامات يمكن أن تستغلها إيران".
ويرغب ترامب- كما يرى مراقبون- أن يجمع شتات البيت الخليجي من جديد قبيل موعد دخول العقوبات الأمريكية على قطاع النفط في نوفمبر المقبل، خاصة أن طهران رفعت من وتيرة تهديداتها بأنه إذا أضر بصادراتها النفطية فإنها ستغلق "مضيق هرمز".
ومنذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في مايو الماضي، تدعم دول الخليج عموماً الاستراتيجيات الأمريكية ضد طهران، كما شدد وزير الخارجية مايك بومبيو، في يونيو الماضي، على أن "توحيد الجهود الخليجية - الأمريكية هو الطريق الصحيح لتدرك طهران عبثية تغولها وتمددها في منطقة الشرق الأوسط".
وعموماً تراجع إجمالي حجم التبادل الإيراني مع دول مجلس التعاون الخليجي، بعد قطع السعودية علاقتها الدبلوماسية مع إيران في يناير 2016.
وأدى قطع العلاقات الدبلوماسية إلى تدهور العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وكذلك بين إيران والبحرين، فيما انخفضت بشكل واضح مع سلطنة عمان والكويت.
وتمتلك الإمارات علاقات تجارية مع إيران بلغت نحو 11 مليار دولار عام 2017، كما تشترك قطر مع إيران في أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، وترتبط معها بعلاقات اقتصادية زادت بسبب الأزمة الخليجية منذ يونيو 2017.
- مسار الأزمة وتعريض المنطقة للخطر
وفي ظل التحركات الأمريكية والكويتية التي تهدف إلى وضع حد للأزمة التي اندلعت منذ 5 يونيو 2017، تؤكد الدوحة أن نجاح هذه الجهود أو فشلها يقع على عاتق دول الحصار، بحسب المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية القطرية، لولوة الخاطر، التي تشير إلى انفتاح قطري لعقد القمة ووضع حد للحصار الذي هزّ البيت الخليجي منذ أكثر من عام.
وأضافت الخاطر، في تصريحات للصحفيين خلال ندوة عقدتها جامعة قطر يوم 4 يونيو الماضي، بعنوان "عام على الحصار.. الواقع والمآلات"، أن "هناك تحركات لدولة الكويت الشقيقة في اتجاه لقاء يجمع المسؤولين بالخليج في سبتمبر، لكن هل سيسير في اتجاه الفعل أم لا؟ هذا كله يعتمد على دول الحصار، وللأسف سلوكها في الفترة الماضية لم يكن سلوكاً يمكن التنبّؤ به".
ومنذ اندلاع الأزمة بين قطر من جهة ودول الحصار من جهة أخرى، تبذل الكويت، إلى جانب الولايات المتحدة، جهوداً دبلوماسية لعقد قمّة بين قادة قطر والإمارات والسعودية بالولايات المتحدة لحل الأزمة الخليجية، وسبق أن حدّدت مصادر رسمية قطرية وأمريكية موعد هذه القمة في سبتمبر، بمجمع "كامب ديفيد" الرئاسي الشهير.
ودفعت الإجراءات التعسفية التي مارستها دول الحصار ضد قطر إلى رفع الملف إلى محكمة الجنايات الدولية، وصدر الحكم لصالح الدوحة، وألزمت المحكمة أبوظبي بلم شمل الأسر القطرية لحين البت في قضية تمييز رفعتها دولة قطر، حيث تقود الإمارات إجراءات تمييزية ضد المواطنين القطريين، وهو ما ساعد -فيما يبدو- على تفكيك عقدة الترابط بقرارات دول الحصار.
واستعداد الدوحة لإنهاء الأزمة انطلاقاً من حرصها على الأمن الإقليمي، حيث تعبِّر الخارجية القطرية عادة عن قلق دولة قطر من المآلات الخطيرة للأزمة على الأمن الإقليمي، "حيث كان يُنظر إلى منظومة مجلس التعاون على أنها الأكثر استقراراً في حالة السيولة الشديدة بالوطن العربي. لكن هناك دول آيلة للفشل، وهناك حروب ومشاكل وحرائق مشتعلة في أكثر من مكان، وكانت المنظومة الخليجية هي الأمل في إعادة الاستقرار، ولكن هذه المنظومة تشهد حالة من عدم الاستقرار، ما يفاقم من الوضع الإقليمي المتأزم"، بحسب الخاطر.
وتضيف أن "الأزمة الخليجية أسهمت في استمرار الأزمات بالمنطقة وتعميقها، والأمن الإقليمي مِن تدهور إلى آخر، لكن يحدونا أمل كبير لوقف هذا التدهور"، في ظل التحركات التي يجريها أمير الكويت، الذي أكد خلال آخر زيارة له إلى واشنطن وقف العمل العسكري ضد قطر، حيث كانت دول الحصار تجهز لعملية عسكرية لتغيير النظام في قطر.
وتبذل الكويت، إلى جانب الولايات المتحدة، جهوداً دبلوماسية لعقد قمة بين قادة قطر والإمارات والسعودية بالولايات المتحدة لحل الأزمة الخليجية، وسبق أن حددت مصادر رسمية قطرية وأمريكية موعد هذه القمة في سبتمبر المقبل، بمجمع "كامب ديفيد" الرئاسي الشهير.