أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-
تؤكد الاحداث الأخيرة المتعلقة بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده باسطنبول، وما احيط ولا زال بها من اتهامات موجهة للنظام الحاكم بالسعودية وتحديدا ولي العهد، خطورة ارتباط مستقبل الاوطان بسياسة شخص بعينه وارتهان مستقبلها عليه، وخاصة وان هذه السياسة لا تمثل توجها شعبيا او تيارا او ايدلوجية.
فما بالنا وان كانت سياسة شاذة ووافدة على وجدان امة تربت على العداء للعدو الصهيوني واعتادت على منظومة قيمية لا تغدر ولا تغزو الجوار طمعا في السيطرة، وما بالنا بخطورة ارتهان منطقة بأكملها مثل الخليج على شخص!
كشفت الاحداث والتداعيات ولا تزال، ان اعمدة الارتباط بالغرب والاعتماد عليه في الحماية والشرعية، هي اعمدة واهية، وان اي احراج للغرب في منظومته التي يتجمل بها ويتخذ منها واجهة وستارا للاستعمار، وهي منظومة حقوق الانسان، تجعل من هذا الغرب خصما شرسا، ويقدم حلفاءه كباشا للفداء، كما يفعل المستبدون مع رجالهم عند الازمات ويقدمونهم ايضا كباشا للفداء!
والدروس المستفادة خليجيا من هذه الازمة نرى انها كما يلي:
1/ مراعاة القيم الانسانية والشرف العربي وعدم الوقوع في اخطاء وجرائم يزايد بها المستعمرون علينا.
2/ عدم الارتهان للغرب والتعويل عليه في الشرعية والحماية، واكتساب هذه الشرعية من الشعوب ورعاية مصالحها.
3/ السماح بحرية الاراء وحرية المعارضة وفتح ابواب الحوار وسد اي ثغرات ينفذ منها الصراع والذي تتوالى به الاخطاء والردود الخاطئة، ثم التورط في الجرائم.
4/ عدم الاعتماد اقتصاديا على مجتمع المال والاعمال الغربي، وخاصة داوننج ستريت ومنتديات الاستثمار والتي وجهت هزة قوية للمملكة بفعل اعتمادها على الاقتصاد الريعي وغياب الاقتصاد الانتاجي والتنمية المستقلة، وهذا التهديد جاء عند اول خلاف، وهو مرشح لييصبح تهديدا دائما لا ردا على جريمة، ولكنه يأتي عند اي خلاف يمس مصالح الغرب، كما انه مرشح ليصبح تهديدا لاي دولة خليجية اخرى تختلف مع الغرب.
والخلاصة ان اعتماد اقتصاد الخليج على الغرب بهذه الطريقة هو تهديد مؤجل وقنبلة موقوتة باي خلاف لو حاول الخليج اتخاذ قرار مستقل يتعارض مع مصلحة الغرب، وبالتالي يعتبر مروقا يستوجب العقاب!
نعتقد ان الاوان قد حان لاعتماد اقتصاد انتاجي ووجود حد ادنى من التنمية المستقلة التي تعيد للخليج وجهه العربي وقراره المستقل.
والاوان ايضا قد حان لازالة الصورة الذهنية السيئة عن رعاية الخليج للارهاب وقمع مواطنيه، لقد ان اوان الانتقال للدولة الحديثة والتنصل من التبعية لقيادة حمقاء تورط بلدها ومنطقتها وتشوه صورتهم، كما ان الاوان للانفتاح على قوى اخرى تمارس الاستقلال والمقاومة للمشروع الاستعماري.
اذا ما تغيرت التحالفات واعيدت صياغة العقيدة الاقتصادية والاجتماعية، فان الحماية ستتوفر تلقائيا، وهو امن الخليج الحقيقي، لا امنه الصوري القائم على اتفاق كوينسي الهش والمعيب.
اما التمادي في مناصرة نظام منتحر سياسيا كما يحدث حاليا، فهو ربط لمصير الخليج بمصير المنتحرين، وهو خطأ تاريخي لا ينبغي الوقوع به.