مجلة "الإيكونوميست"-
"انسحابها لا يتعلق بالاقتصاد".. هكذا أوردت مجلة "الإيكونوميست"، خلاصة تحليلها لإعلان قطر إنهاء عضويتها بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، مشيرة إلى أن دوافع قرار الدولة الخليجية الصغيرة، تستهدف السعودية باعتبارها العضو الأكثر نفوذا في كل من "أوبك" ومجلس التعاون الخليجي.
واستدلت المجلة البريطانية، على خلاصتها بأرقام إنتاج النفط العالمية، التي تؤكد أن قطر منتج ثانوي للنفط، بإجمالي 600 ألف برميل يوميا، تحتل المرتبة 11 من بين 15 دولة عضو بـ"أوبك"، وبنسبة 2% فقط من إنتاج المنظمة.
وأشارت إلى أن دافع قطر السياسي للانسحاب يعود إلى الأزمة بين دول مجلس التعاون الخليجي، الذي طالما مثل أكثر الهيئات فعالية في الشرق الأوسط، على عكس جامعة الدول العربية، خاصة بعدما أنشأ اتحادا اقتصاديا وجمركيا.
فإعلان السعودية والإمارات والبحرين فرض حظر للتجارة والسفر مع قطر تسبب في شل فاعلية المجلس، الذي بات ممثلا لهيئة غير متحدة، الأمر الذي لم يلق بظلاله على قطر وحدها، بل على عمان والكويت أيضا، إذ يتساءل المسؤولون في كلا البلدين عما إذا كانت الإضافة إلى الحصار أو عقاب بلديهم بطرق أخرى أمرا ممكنا.
زيارة الساعتين
من هنا جاءت نتيجة زيارة ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" إلى الكويت في سبتمبر/أيلول الماضي، التي "لم تكن دافئة" رغم إشادة اللوحات الإعلانية في الكويت بالعلاقات الوثيقة بين البلدين.
فالأمير السعودي لم يكن سعيدا بمحاولة الكويت لعب دور الوسيط في النزاع مع قطر، وضغط على الكويتيين للانضمام إلى الحصار، لكنهم رفضوا.
كما رفضت الكويت طلب "بن سلمان" بإعادة إنتاج النفط في "المنطقة المحايدة"، وهي قطاع من الأراضي الحدودية تتقاسم البلدان فيه حقوق استخراج الخام، الأمر الذي قلص مدة الزيارة التي كان مخططا أن تستغرق يومين إلى ساعتين.
وفي نفس الوقت تقريبا، وقعت الكويت اتفاقية تعاون عسكري مع تركيا، التي أصبحت لاعباً مهماً في الخليج، باعتبارها خصم للمعسكر الذي تقوده السعودية، ولديها قوات منتشرة في قطر لحمايتها من أي غزو محتمل.
وقد تدهورت علاقات تركيا مع السعودية منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عندما تم اغتيال الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي" داخل قنصلية المملكة بمدينة إسطنبول.
تحرك عمان
وعلى الجانب الآخر، من غير المتوقع أن تنضم عمان إلى الحصار الذي يفرضه "بن سلمان" على قطر، وفقا لتقاليد تدفعها للبقاء على الحياد دائما، حسبما نقلت "الإيكونوميست" عن أحد المستشارين في بلاط السلطنة.
بل إن عمان استفادت من الوضع القائم عبر شحن البضائع المتجهة إلى قطر، عبر ميناء صحار بدلاً من جبل علي في دبي.
وتشعر الإمارات بالقلق من أن يخطف ميناء الدقم الجديد (قيد الإنشاء على الساحل الأوسط لعمان) المزيد من الأعمال.
وتشير المجلة البريطانية، في هذا الصدد، إلى أن العلاقة بين الإمارات وعمان طالما كانت مضطربة، في ظل نزاعات حدودية لم تحل بينهما، بينما يحاول السعوديون إقناع إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بأن مسقط قريبة جداً من طهران.
من هنا جاءت قراءة "الإيكونوميست"، للتمرين العسكري الذي شارك فيه أكثر من 5 آلاف جندي بريطاني بعمان، في سبتمبر/أيلول الماضي، إذ نقلت عن دبلوماسي غربي في مسقط قوله إن "عمان تريد من جيرانها أن يعرفوا أنها تملك صداقة قوية، وتقيم تحالفات جديدة".
وعلى الرغم من أن أياً من دول الخليج لا تقيم علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل)، إلا أن العديد منها يتسابق الآن للتطبيع معها، وكانت عمان سباقة في ذلك عبر ترحيبها بزيارة رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" بمسقط في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وسمحت تلك الزيارة لسلطان عمان "قابوس بن سعيد" بأن يقيم إقامة علاقات مع إيران في ضوء إيجابي، إذ يمكن أن تكون عمان وسيطًا بينها وبين (إسرائيل)، الأمر الذي أسكت المنتقدين في واشنطن والعواصم الخليجية في الوقت الراهن.