الخليج أونلاين-
بعد عام ونصف العام من الحصار الجائر لدولة قطر، جاءت دعوة العاهل السعودي الملك سلمان أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لحضور القمة الخليجية الـ39 التي ستعقد في الرياض، قبل أن تعلن الدوحة أن الأمير لن يشارك، واكتفت بتكليف وزير الدولة للشؤون الخارجية ليتولى رئاسة الوفد.
انتهاكات صارخة طالت قطر ورموزها منذ بدء الحصار في 5 يونيو 2017، من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر؛ بدعوى دعم الدوحة للإرهاب، وهو ما تنفيه الأخيرة وتؤكد أن غاية هذه الدول التأثير على قرارها السيادي.
وعقب هذه الجرائم التي مسّت الشعب القطري خاصة، وشعوب الخليج عامة، جاءت دعوة العاهل السعودي أمير قطر لحضور القمة الخليجية التي ستعقد يوم الأحد المقبل، والتي تعد الدعوة الأولى منذ بدء الحصار.
البعض رأى أن هذه الدعوة مؤشر على قرب انتهاء الأزمة الخليجية، في حين سارع مسؤولون في دول الحصار محسوبون على ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى التقليل من شأنها.
وبعد هذه الدعوة التي أثارت الجدل في الشارع الخليجي ما بين مؤيد ورافض لها، طالبت قطر بأن يتم الكشف عن برنامج القمة، لتكشف السعودية عن برنامج لا يتطرق إلى الأزمة التي طالت الخليج، والتي أكد أمير قطر سابقاً أن استمرارها يعكس "إخفاق مجلس التعاون الخليجي في تحقيق أهدافه".
وعلى الرغم من إعلان الكويت أن القمة الخليجية ستعقد في ديسمبر بحضور جميع الأعضاء، فإن المعطيات المتوفرة تأخذ طريقاً مختلفاً عن هذه التصريحات، وأهمها تجاهل دول الحصار للأزمة التي تضرب الشارع الخليجي.
-جرائم بحق الإنسانية
وفي اللحظات التي تسبق القمة الخليجية، تبرز الانتهاكات التي تم ممارستها من قبل دول الحصار الأربعة ضد قطر بشكل صارخ وجليّ، وفي مشهد يعيد للذاكرة حجم المعاناة التي تكبدتها الشعوب إثر هذه الإجراءات التعسفية.
وعلى مدار فترة الحصار الذي لم يحترم الإنسان وطال الحيوان أيضاً، اتخذت العديد من الإجراءات ضد قطر وشعبها، والتي بدأت بطرد المعتمرين القطريين من فنادقهم فور إعلان الحصار، وإغلاق المنفذ البري سلوى وقطع المواد الغذائية والأدوية.
كما حُرم الطلبة القطريون من إكمال دراستهم، ورفضت جامعاتهم في دول الحصار التعاون معهم، بالإضافة إلى حرمان مستثمرين قطر من أملاكهم.
واتهمت قطر بالإرهاب في أغلب القضايا التي تحدث بالعالم، وتم التهكّم على الدوحة وشعبها والقول بأنها "زقاق من أزقة الرياض وأن احتلالها لا يكلف كثيراً".
كما تم استخدام الوازع الديني من خطباء وعلماء دين للتحريض ضد قطر، وتم تسييس الحج والعمرة، وتسخير خطب الجمعة بشكل مكثف لتشويه قطر ورسم صورة قاتمة عنها.
وحاولت دول الحصار خلق انقسام داخل المجتمع القطري، ودعمت ونظمت الندوات التحريضية ضد قطر في أوروبا والولايات المتحدة.
كما أخرجت مظاهرات مدفوعة الأجر في العواصم الغربية، وحاولت الضغط على الدول الفقيرة لحشد أكبر عدد من الدول المناهضة لقطر في بداية الحصار.
وسُمح لمواطني دول الحصار باستخدام وسائل التواصل للتحريض على القتل ضد مواطني قطر، خاصة خلال فترة الحج والعمرة.
وأنتجت أغان وشيلات شعبية تبث الكراهية ضد شعب قطر، بالإضافة إلى أعمال درامية تعزز خطاب الكراهية بُثت في شهر رمضان المبارك ولم تراع حرمة الشهر الفضيل.
وكان ممَّا تم إنتاجه وبثه حلقات خاصة وجهت للأطفال، كما تم التطاول على الرموز ، والتطرق للأعراض من خلال نشر صور مُفبركة وتناولها في برامج ساخرة، واستدعاء الشعراء لإلقاء قصائد وإبراز مواقفهم ضد قطر.
-استياء شعبي ورفض للقمة
جميع هذه المواقف الدولية والشعبوية ضد قطر خلقت أزمة كبيرة وفجوة بين الشعوب الخليجية، وعلى الرغم من محاولات الدوحة الحثيثة خلال الفترة السابقة ومطالباتها بالجلوس على طاولة الحوار لحل الأزمة، فإن دول الحصار رفضت ذلك وتعنّتت.
والآن بعد مضي عام ونصف العام من الحصار، لا زالت الدول الأربعة تتجاهل الحال الذي وصلت إليه دول مجلس التعاون الخليجي إزاء الحصار والتفكك غير المسبوق الذي مسّها، وتغض الطرف عن الأزمة ولا تتطرق إليها في القمة الخليجية.
الشعب القطري عبر عن استيائه من عدم إدراج حصار قطر ضمن جدول القمة الخليجية، وكتب العديد من النشطاء على موقع "تويتر" مؤكدين أهمية إنهاء هذه الأزمة.
واعتبر السياسي القطري جابر الحرمي، أن هناك غُمّة تلف دول الخليج ومن باب أولى أن تعمل القمة الخليجية على إزالتها، وتساءل عن سبب عقدها دون التطرق لهذه الغُمّة.
هناك " غُمة " تلف الخليج .. وهناك " قمة " خليجية يُفترض أن تعقد .. فمن باب أولى أن " القمة " تعمل على إزالة " الغمة " .. ولكن الواقع يقول أن " الغمة " - كما الشعوب - مُغيبة عن " القمة " .. فلماذا تعقد " القمة " أصلا ..؟#القمة_الخليجية
— جابر الحرمي (@jaberalharmi) December 8, 2018
في حين اعتبر مساعد رئيس التحرير في صحيفة الوطن القطرية، عبد الرحمن القحطاني، أنه من غير المنطقي أن يتم عقد قمة في دولة حاصرت دولة عضوة في مجلس التعاون الخليجي وتآمرت عليها وضربت في صلة الرحم والأعراف الإنسانية، وذكر العديد من الانتهاكات منها: منع الحج والعمرة، والغذاء والدواء، والتخطيط لغزو عسكري لقطر.
لا منطق ولا عقل في عقد قمة داخل دولة حاصرت دولة عضوة في المجلس وتآمرت عليها ضاربة بصلة الرحم والجيرة وكل الأعراف الإنسانية عرض الحائط ، لاحج ولا عمرة ، لاغذاء ولادواء، ووصل الأمر إلى التخطيط إلى غزو عسكري ، عن أي قمة تتحدثون؟!#القمة_الخليجية
— عبدالرحمن القحطاني (@qahtani76) December 3, 2018
وأكد الكثير من القطريين أنه لا يوجد قمة دون رفع الحصار عن قطر.
لاتوجد قمة بدون رفع الحصار عن قطر
— بوسعــد الـحـميدي (@Bosaa3d_) December 3, 2018
#القمة_الخليجية
•حصار بري وبحري وجوي
— ماجد الخليفي (@MAJEDALKHELAIFI) December 8, 2018
•طرد المعتمرين من مكه والمدينه
•قطع الأرحام
•قطع المواد الغذائية
•أتهام قطر بالأرهاب
•تسخير أعلامهم لتطاول على الرموز
• ترويع اهل قطر بالغزو (الجيبات).
•طرد الطلبة
•محاولة خلق انقسامات بين القبائل
•الندوات والمظاهرات المدفوعة الإجر
لا لمجلس التعاون
-الدعوة ليست للصلح
في حين قال عدد من السياسيين من دول الحصار إن دعوة قطر لحضور القمة لا تتجاوز حدّ الالتزام بالأعراف الدبلوماسية والبروتوكولات، وخصوصاً أنها لا تزال عضوة في مجلس التعاون الخليجي، ولا تحمل أي إشارة على رغبة الدول الأربع إنهاء مقاطعتها للدوحة.
ورجح الكثير من المحللين أنه في أحسن الأحوال سترسل قطر وفداً "منخفض المستوى" لحضور القمة هذا إذا لم تقاطعها، لكونها لن تؤثر في الموقف السياسي الحالي من الأزمة، وهو ما حصل فعلاً.
وفي القمة الماضية التي عقدت بالكويت وحضرها أمير قطر، أرسلت السعودية والإمارات والبحرين وزراء أو نواب رؤساء وزارة على رأس وفودها، ولم يحضر ملوك أو رؤساء هذه الدول.
وعلى الرغم من الدفع العربي من الكويت وغيرها من الدول، والدفع الغربي الذي تمثل في جهود وساطة أمريكية وأوروبية لإنهاء الحصار على مدار الأشهر الماضية، فإن التعنّت الرباعي لا زال واضحاً وجلياً.
والأربعاء الماضي، دعا علي المري، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، القمة الخليجية إلى إنشاء آلية لإيجاد حلّ لمعاناة ضحايا الحصار ، وإنصافهم وجبر الضرر الواقع عليهم.
وشدّد المسؤول القطري، في تصريحات صحفية، على أن أي قرارات ستخرج بها القمة المقبلة "لن يُكتب لها النجاح ما لم تركّز على الأزمة الناجمة عن حصار قطر، ووضع حدٍّ للمعاناة المستمرّة للضحايا".