ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

في يومها الوطني.. "قطر ستبقى حرة" تحلق فوق الحصار

في 2018/12/18

شمس الدين النقاز – الخليج أونلاين

في ظل إشادة دولية بالاقتصاد القطري، ومساندة غير مسبوقة للشعب القطري المحاصر، تحتفل دولة قطر، اليوم الثلاثاء 18 ديسمبر، بيومها الوطني، للسنة الثانية على التوالي، في ظل حصار الثلاثي الخليجي، المتواصل منذ عام ونصف عام.

احتفالات هذا العام التي انطلقت في 8 من ديسمبر الجاري تحت شعار "قطر ستبقى حرة"، وهو أحد الأبيات الشعرية لمؤسس قطر، والنشيد الوطني للدولة، ستكون من بين الأضخم على الإطلاق في التاريخ القطري، فقطر ما بعد الحصار، خرجت أقوى وأصلب من ذي قبل، بإشادة أعدائها قبل أصدقائها، بل بإجماع جميع من زارها وتجوّل في مدنها المتزيّنة خصّيصا للاحتفال باليوم الوطني.

آخر الإشادات بنجاح قطر في تجاوز الحصار الذي فرضته 4 دول عربية خلال صيف 2017، جاءت من صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية، التي أكدت أن قطر بعد أن نجت من وطأة الحصار، تعمد الآن إلى تقوية روابطها الدولية التي ساعدتها في تخطي عقبة الحصار.

-انسحاب من أوبك واكتفاء ذاتي

وقبل أسبوعين من احتفالها باليوم الوطني، أعلن وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لقطر للبترول، سعد بن شريده الكعبي أن بلاده ستنسحب من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وستركز اهتمامها على إنتاج الغاز اعتباراً من يناير 2019، لأسباب فنية واستراتيجية لا سياسية.

وأوضح الوزير القطري أن بلاده أخذت هذا القرار في إطار التخطيط لاستراتيجية طويلة المدى والبحث في سبل تحسين دورها العالمي، مذكّرا بأن قرار الانسحاب يتماشى مع رغبة قطر في تركيز جهودها على تطوير قطاع الغاز في الوقت الذي تتحرك فيه الدولة صوب زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن إلى 110 ملايين سنويا.

انسحاب قطر من "أوبك"، وصفه رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني بـ"الحكيم"، لأن "المنظمة أصبحت عديمة الفائدة ولا تضيف لنا شيئا" كما أنها "تُستخدم فقط لأغراض تضر بمصلحتنا الوطنية".

ويأتي الاحتفال الثاني باليوم الوطني بعد الحصار، بالتزامن مع نجاح قطر في تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من المنتجات الغذائية، على غرار الألبان والدواجن الطازجة، وتخطي نسبة 87 % من الاكتفاء الذاتي من التمور المحلية.

وقال محمد بن عبدالله الرميحي وزير البلدية والبيئة القطري إن إنتاج بلاده من الألبان ومنتجاتها زاد من 60 ألف طن في سنة ما قبل الحصار، إلى زهاء 220 ألف طن العام الجاري بزيادة تتجاوز 265%، فيما زاد إنتاج الدواجن الطازجة من 10 آلاف طن في السنة إلى نحو 22 ألف طن في السنة حالياً، بنسبة زيادة قدرها 120%، وزاد الإنتاج من بيض المائدة من 4 آلاف طن قبل الحصار إلى 10 آلاف طن، بزيادة نسبتها تتجاوز 150%.

-نمو الناتج المحلي الإجمالي

ورغم الحصار المفروض على قطر، أظهرت بيانات وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية، نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 2.5% على أساس سنوي، حيث بلغ بالأسعار الثابتة نحو 204.4 مليار ريال (56 مليار دولار) بالأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو الماضي.

كما عدّلت وكالة "موديز" نظرتها المستقبلية للقطاع المصرفي القطري من سلبية إلى مستقرة، مع الإشارة إلى تمكّن الحكومة القطرية من إعادة التوازن إلى اقتصاد البلاد بعد الأزمة الخليجية، وعدم تأثر مستوى الإنفاق الحكومي المرتفع على البنية التحتية استعداداً لكأس العالم 2022.

وتوقعت وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية أن يبلغ متوسط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد حقيقياً نحو 2.8% وذلك خلال السنوات من 2018 إلى 2020 (3 سنوات).

وتشير التوقعات إلى أن ارتكاز النمو القوي الاقتصادي المستقبلي سيكون على الأنشطة غير النفطية، والتي ستحقق نمو سنوي يصل إلى 5.2%، وعلى رأسها البناء والتشييد، والصناعات التحويلية، إلى جانب العديد من الأنشطة الخدمية.

وأعلن محافظ مصرف قطر المركزي، الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني، في 10 ديسمبر الجاري، خلال مؤتمر مالي بالدوحة، أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي القطري نما بنسبة 2.5% في النصف الأول من 2018، مشيرا إلى أن الاقتصاد القطري تجاوز الحصار وأصبح أقوى من السابق.

وهذا النمو زاد على توقعات صندوق النقد الدولي، الذي قال بتقرير نشره في نوفمبر الماضي، إن اقتصاد قطر سينمو بنسبة 2.4% في 2018.

-ميزانية جديدة بفائض 1.2 مليار دولار

في السياق ذاته، قرّر أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الخميس الماضي (13 ديسمبر)، اعتماد الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019، وسط توقعات بوجود فائض بقيمة 1.2 مليار دولار، وارتفاع الإنفاق 1.7% عن خطة موازنة العام الحالي، وفق وزارة المالية القطرية.

وأرجعت وزارة المالية الفائض في تقديرات الموازنة العامة إلى ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، وزيادة الإيرادات الأخرى (غير النفطية)، كما تركز موازنة قطر 2019 على توفير المخصصات لتطوير أراضي المواطنين، ودعم مشاريع الأمن الغذائي، وتطوير البنية التحتية في المناطق الحرة والاقتصادية والصناعية واللوجستية.

وكنتيجة طبيعية لتطور الاقتصاد القطري، تحولت البلاد إلى مركز جذب عالمي للاستثمارات الأجنبية، بالتوازي مع نمو الاستثمارات المحلية، حيث يقدّر حجم الاستثمارات الأجنبية في الدوحة، بحسب مسح أجرته وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية بالتعاون مع مصرف قطر المركزي، في فبراير الماضي، بـ665 مليار ريال (نحو 182.69 مليار دولار أمريكي).

كما بلغ عدد المنشآت الصناعية القائمة والمقيدة بالسجل الصناعي لدى وزارة الطاقة والصناعة القطرية نحو 730 منشأة صناعية، باستثمارات تزيد على 260 مليار ريال قطري ( نحو 71.4 مليار دولار أمريكي).

-استعداد لتنظيم تاريخي لكأس العالم

وللتقليل من تداعيات الحصار، ومواصلة التحضيرات لاستضافة كأس العالم 2022 الذي يتوقّع مراقبون أن يكون الأفضل في التاريخ، دشّنت الدوحة خطوط شحن بحري مباشرة مع موانئ في العشرات من دول العالم؛ من أهمها الهند وإيران وتركيا وسلطنة عمان والكويت وباكستان وماليزيا وتايوان، وغيرها من البلدان الأخرى.

وبحسب أرقام رسمية، فقد سجلت صادرات دولة قطر ارتفاعاً بنسبة 18% مسجلة 67 مليار دولار في 2017، مقارنة بـ 57 مليار دولار في 2016.

وعلى عكس ما خطّطت له دول الحصار، خلّف حصار قطر تأثيرات اقتصادية كبيرة على المستثمرين الخليجيين، كما تأثرت إمارة دبي بشكل خاص بالأزمة الخليجية، إذ هوت أسعار العقارات بشكل كبير.

وتشير الأرقام إلى أن أسعار العقارات -وهي أحد أهم القطاعات في دبي- تراجعت بنسبة 10 إلى 15% خلال السنوات الثلاث الماضية، وفقا لتقارير اقتصادية، كما قدّرت قيمة استثمارات القطريين في سوق العقارات في دبي بنحو خمسمئة مليون دولار عام 2016.

كما انعكست الأزمة الخليجية سلبا على مستثمري دول الخليج، فقد كانت نسبة التبادل التجاري بين قطر ودول الخليج عام 2016 تقدر بأكثر من عشرة مليارات دولار، جزء كبير منها يتمثل باستيراد قطر السلع من السعودية والإمارات، كما تكبدت الشركات السعودية خسائر كبيرة في قطاعي البناء والمقاولات في قطر، وكان حجم استثمارات تلك الشركات بأكثر من مليار دولار.