ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

نودع عاماً ونستقبل آخر وجراحنا العربية عميقة

في 2019/01/02

محمد صالح المسفر- الشرق القطرية-

لن تستطيع أمريكا وإسرائيل حمايتكم مهما دفعتم من مال وتنازلات عن قيم الأمة وحقوقها وثوابتها

أين تذهب عائدات السعودية الضخمة وهناك مدن بلا شبكات صرف صحي أو مياه الشرب؟  

تذهب عائدات السعودية للخارج لحمايتها من مطالب الشعب داخليا وخوفا من الخارج لأنها لم تشكل قوة رادعة لأعدائها.

أفل عام 2018 بكل جراحه وآلامه ومآسيه التي عانينا منها وما انفكننا نعاني منها، وقد تستمر معاناتنا وجراحنا تزداد تلوثا ومآسينا تتوسع دائرتها لتشمل الكل.

ندخل عاما جديدا، أحاول فيه ان ابتعد عن النظرة التشاؤمية لمستقبل مظلم، لكن ظروف الواقع وشخوص قادته تحد من تفاؤلي بحلول عام مشرق بالخير على أمتنا العربية والاسلامية.

انطلق في معراج التفاؤل من تأكيد القول انه: «لا صلاح لأمة العرب إلا بصلاح جزيرة العرب» ولا صلاح لجزيرة العرب إلا بتغيير منهج الحكم القائم وسلوك قيادته، ولا اقول اجتثاث الحكم القائم وإسقاطه.

بالامس أجرت القيادة السعودية بعض التعديلات في أذرع الحكم (وزارة الخارجية، الإعلام، والأمن، والتعليم،... إلخ) لكنها في تقدير المهتم بأمن ومستقبل الدولة السعودية والجزيرة العربية عامة ليست كافية وليست مقنعة إلا إذ لحق بها فورا وبدون ابطاء تصحيح مسار السياسة الخارجية والامنية والاعلامية.

وذلك يكون برفع الحصار عن دولة قطر ولو من جانب واحد لأن شركاء الحصار عادوا الى دمشق من جانب واحد، مناقضين بذلك تعهداتهم التي اصروا على فاعليتها وتماسكها في قمة قادة المجلس الأخيرة التي انعقدت في الرياض في ديسمبر الماضي.

ووقف الحرب في اليمن والدعوة الى مؤتمر يمني وطني يعقد على تراب اليمن وليس خارج دائرته الجغرافية ويجعلون أهل اليمن يقررون امرهم فيما بينهم دون تدخل خارجي في شؤونهم الداخلية وانسحاب جميع ما اصطلح على تسميته «قوات التحالف العربي» الذي لم يبق فيه سوى السعودية والامارات.

الملك سلمان خط احمر، وما دونه معرض للمساءلة والمحاسبة والثواب والعقاب على ما فعل ويفعل، إعادة تنظيم مؤسسة الحكم والادارة على اساس الكفاءة والانتماء الوطني وليس على أساس المحسوبية والولاء الشخصي ومجموعات فرق (البلوت).

والتمسك والإعلان دون مواربة بأن قضية فلسطين هي قضية العرب الاولى ولن يحل السلام والامن في المنطقة إلا بعودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه واسترداد حقوقه وكبح جماح الاستيطان وقطعان المستوطنين في الضفة الغربية والقدس وان القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، ورفع الحصار عن قطاع غزة من قبل سلطة عباس ونظام العسكر الحاكم في مصر العزيزة، وكذلك (إسرائيل).

اطلاق سراح سجناء الرأي كلهم دون ابطاء ودخول النظام القائم في الرياض مع سجناء الرأي رجالا ونساء في حوار سياسى علني من أجل بناء الدولة كما فعل السلطان قابوس مع معارضيه في سبعينيات القرن الماضي (الجبهة الشعبية لتحرير ظفار)، عودة اصحاب الرأي الذين لجأوا الى الخارج خوفا من بطش النظام ولهم كامل الضمانات وحقهم في المشاركة في حوار بناء من اجل انتشال البلاد من براثن الطامعين في ثروة الشعب المعدنية وسواها.

في الجانب الاقتصادي، الدولة السعودية تنتج 11 مليون برميل من البترول يوميا بحسب "يورونيوز" في 27 نوفمبر 2018، وقيمة برميل النفط بسعر اليوم تقدر بنحو 70 دولارا. وتقدر مجلة "الأسواق العربية" في 30 ديسمبر 2018 دخل السعودية من البترول بمليار دولار يوميا، معنى ذلك أنه يحقق 365 مليار دولار سنويا، كما انها تنتج من الذهب 5000 كيلوغرام.

والسؤال أين تذهب هذه العائدات النقدية الضخمة وهناك مدن كبيرة في المملكة السعودية لا توجد فيها شبكة صرف صحي، ناهيك عن وصول مياه الشرب الى المنازل في المدن والقرى على حد سواء، إلا عن طريق النقل البري، وسعر استهلاك الكهرباء مرتفع على المواطن، ولا أريد التعرض للرسوم العالية على الخدمات الأخرى في دولة دخلها ضخم وشعبها قليل العدد.

كما نلاحظ في هذه الحقبة التاريخية السوداء في تاريخنا الحالي ان معظم عائدات البلاد النقدية تذهب الى قوى خارجية طلبا للحماية من مطالب الشعب داخليا ومن الخوف من الخارج، لانها أي الدولة، لم تشكل قوة رادعة لاي عدو خارجي متربص.

يقول الرئيس الامريكي في كل مداخلاته التلفزيونية إنه «على السعودية أن تدفع لأمريكا أموالا نظير الحماية، ولو لم نحمها لسقط النظام في أيام».

ما نلاحظه ايضا ان مصيبة مقتل جمال خاشقجي، رحمه الله، داخل القنصلية السعودية في تركيا و«تجزئة» جثمانه، كما اعترفت بذلك النيابة العامة السعودية على التلفزيون السعودي، أدت لاشتداد أزمة النظام السياسي السعودي دوليًا.

ولولا حماية الرئيس الامريكي دونالد ترامب لسقط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الأسبوع الأول من مقتل خاشقجي لانه المتهم الاول في هذه الجريمة النكراء، أي أن هذا النظام سيظل رهينة لاي ادارة امريكية تبتزه في كل حين تحت ذريعة الحماية من اي محاولة تغيير للنظام بأي اتجاه.

لكن الكاتب يؤكد بان «الجزية» التي تدفع لامريكا الان مقابل الحماية لن يكتب لها الاستمرار والنجاح والاولى والأهم أن يلتفت النظام إلى الجبهة الداخلية ويتحصن بها بإعطاء الحقوق السياسية للشعب وحق المشاركة في صناعة القرار على كل الصعد.

ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ومجلس شورى له صلاحيات مساءلة الوزراء والقيادات الادارية العليا ومحاسبتهم وقراراته نافذة، إنشاء جهاز قضائي من ذوي الأمانة والعلم والبعد عن الشبهات يكون مستقلا ولا يجوز التدخل في سير أعماله القضائية، واعلموا علم اليقين أن سياسة الخوف والتخويف من النظام لا تبني دولة ولا تحقق الولاء وأمن النظام السياسي.

◄ آخر القول:

إنني اعظكم ولست عدوا لكم، إن الخلق يكرهونكم لما تفعلون بهذه الأمة. أمريكا وإسرائيل لن تستطيعا حمايتكم مهما دفعتم مالا وتنازلات عن قيم الأمة وحقوقها. فالحامي هو الله، ثم العرب من حولكم إن أحسنتم إليهم بإعطاء الحقوق ورفع الظلم ووقف نهب ثروات الأمة.