احمد شوقي- خاص راصد الخليج-
تقول التقارير ان قاعدة العديد العسكرية الجوية، التي تأسست عام 2005 وتقع على بعد 30 كم جنوب غرب عاصمة قطر الدوحة، تحتضن 11 ألف عسكري أمريكي، وتعد موطئ قدم أساسي لعمليات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهو ما يجعل العلاقات بين البلدين استراتيجية، وهو ما تسعى السلطات القطرية للاستفادة منه في ظل استمرار خلافاتها الحادة مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وكلنا يلحظ تراجع القوة الامريكية امام تنامي اقطاب عالمية استعادت قوتها ودورها العالمي، وعلى رأس هذه القوى روسيا والصين.
وهو ما يجعل من المفترض هامشا اوسع للحركة للبلدان التي ارتبطت بامريكا، وبالأصح، ربطت مصائرها بالرضا الامريكي، وهذا الهامش يسمح بتنويع مصادر التسليح، وبدرء القواعد الصارمة للتحالف الضاغط والذي يجعل من الدول غير متسقة مع محيطها الحيوي وامتها العربية والاسلامية.
وقد نرى ان تركيا على سبيل المثال قد استفادت من هذا التراجع الامريكي، واجادت لعب ادوار لصالحها مع الفرقاء، الا اننا نرى ان الخليج لا يزال يربط مصيره بكامل التحالف وشروطه وضغوطه دون محاولة حتى لتحسين شروط هذا التحالف واكتساب اي ارض تسمح باستقلالية يمكن ان تفيد شعوب الخليج، ويمكن ان تصب في صالح القضايا العربية والاسلامية.
الادهى والامر، اننا نجد خطوات لتعميق العلاقات وانقاذ الوضع الامريكي من التدهور، كما حدث مؤخرا في الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي القطري الامريكي، والتي شهدت تبرعا معلنا من قطر بتوسيع قاعدة العديد الجوية، والتي صدر عنها بيانا ورد به فقرة تقول: "رحبت الولايات المتحدة بعرض قطر السخي لتوسيع المرافق الحيوية في القواعد التي تستخدمها القوات الأمريكية في البلاد وللتوفيق بين إجراءات التشغيل في هذه القواعد ومعايير حلف شمال الأطلسي، مما يزيد من القدرة التشغيلية للقوات الأمريكية وقوات التحالف المتمركزة في دولة قطر".
وافادت التقارير بأن الجانبين اكدا أن الولايات المتحدة وقطر وقعتا على "مذكرة تفاهم تسمح بتنسيق أكبر في التوسع المحتمل في قاعدة العديد الجوية".
لا شك ان هذه الخطوة القطرية، جاءت بعد خطوات سعودية خادمة للاجندة الامريكية، في اطار ما يسمى بـ"صفقة القرن"، وكذلك في ضبط اسعار النفط وفقا للرضا الامريكي.
وهو ما يعني بشكل مباشر، ان البلدين "قطر والسعودية"، يتنافسان على امريكا، وان امريكا هي المستفيد الاول، وربما الاوحد من هذا الخلاف والذي يتحول شيئا فشيئا الى صراع وعداء.
ربما تنتظر امريكا خطوة سعودية تصب في الصالح الامريكي، ردا على خطوة قطر، ثم يتبع ذلك دخول في حلقة مفرغة من التنازلات والتبرعات للامريكي!
والسؤال هنا، لماذا الحرص على توسيع العمل الامريكي، ولصالح من؟ وضد من؟ وهل خدمة القضايا العربية وخدمة الشعوب الخليجية التي بدأت تتقلص مكاسبها الاقتصادية بسبب الابتزاز والاستنزاف الامريكي، تكون في خدمة امريكا ووظائف مواطنيها وتعميق وخدمة مشروعها الاستراتيجي العدائي للعرب والمسلمين؟
لطالما تم انتقاد قطر بسبب القاعدة الامريكية، وكان منافسو قطر يستغلون هذه القاعدة لقطع الطريق على المكاسب القطرية المعنوية من تبني القضية الفلسطينية، باعتبار ان القاعدة تفقدها مصداقيتها، وكانت اللحظة الاستراتيجية الراهنة بتطور توازناتها، فرصة لتحسين الصورة ومساومة امريكا بالقاعدة مقابل التنازل عن التمادي في خدمة الصهاينة على حساب القضية الفلسطينية، ولكن ما يحدث عكس ذلك تماما، ويبدو انه قرار مصيري بالمضي مع امريكا لنهاية الشوط.
هل من فرصة للتفكر ودراسة الوضع وتغيير الفكر، ام ان الامور تمضي لمقاديرها الحتمية بربط المصائر؟