ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

هكذا عزز "الحصار" قواعد الاقتصاد القطري بالكويت وعُمان

في 2019/01/18

حنين ياسين - الخليج أونلاين

لم تقف قطر مكتوفة الأيدي بعد فرض السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصاراً عليها قبل عام ونصف العام، ففتحت قنوات تجارية وسياسية جديدة بأنحاء العالم، وهو ما أسهم في دعم تنمية اقتصادها بشكل أسرع مما كان عليه.

وكانت الكويت وسلطنة عمان من أبرز الدول التي وسَّعت الدوحة علاقاتها التجارية والسياسية معها، فتضاعف حجم الاستثمارات المشتركة والتبادل التجاري بين قطر من جهة وهاتين الدولتين الخليجيتين من جهة أخرى.

ولعل ما أسهم في تعزيز العلاقات بين الدوحة وكلٍّ من الكويت ومسقط، ما تتمتع به الأخيرتان من موارد طبيعية وصناعات متقدمة واقتصادات قوية، إضافة إلى موقعهما الجغرافي القريب، والعلاقات التاريخية المتينة التي تجمع الدوحة بهما.

وفي 5 يونيو 2017، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها مع قطر، ثم فرضت عليها حصاراً شمل إغلاق الأجواء والمواني والحدود البرية مع الدوحة.

وتتهم الدول الأربع قطرَ بـ"دعم الإرهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي بالسعي إلى "فرض الوصاية على القرار القطري".

وتقف سلطنة عمان والكويت على الحياد في الأزمة الخليجية، كما بذلت الكويت جهود وساطة، ضمن محاولات إنهاء الأزمة، دون أن تنجح في ذلك حتى الآن.

- الكويت

ومنذ بدء حصار قطر منتصف عام 2017، زارت قطر كثيرٌ من وفود رجال الأعمال والصناعة بالكويت.

كما أسهم القطاع الخاص الكويتي في مساعدة نظيره القطري على تجاوز تداعيات الحصار، حيث زودت الشركات الكويتية السوق القطري بكثير من المنتجات والسلع منذ بداية الأزمة، وهو ما أسهم في استقرار السوق المحلي القطري.

وخلال عام 2017، زاد التبادل التجاري بين الكويت وقطر بنسبة 100%، مقارنة بما كان عليه الحال في عام 2016.

ونهاية عام 2018، أعلنت غرفة التجارة والصناعة بالكويت، أن حجم التبادل التجاري بين قطر والكويت شهد تطوراً ملموساً خلال الفترة الماضية، بالغاً 360 مليون دولار أمريكي خلال عام 2017، مقارنة بـ173 مليون دولار في 2016.

في حين كشف محمد بن أحمد بن طوار الكواري، النائب الأول لرئيس "غرفة قطر"، عن نمو حجم التبادل التجاري مع الكويت خلال عام 2018، ليصل إلى نحو 2.8 مليار ريال قطري (نحو 770 مليون دولار).

كما أشار الكواري، في كلمة له قبل نحو أسبوع، خلال لقاء مع رجال أعمال كويتيين بالعاصمة الدوحة، إلى أن عدد الشركات الكويتية العاملة في قطر ارتفع بنسبة 34% خلال عام 2018، مقارنة بعام 2017.

ولفت إلى أن عدد الشركات الكويتية المملوكة بنسبة 100% لمستثمرين كويتيين في دولة قطر قد بلغ نحو 194 شركة، في حين بلغ عدد الشركات القطرية-الكويتية المشتركة نحو 332 شركة، ليصبح إجمالي عدد الشركات الكويتية والقطرية-الكويتية المشتركة العاملة في السوق القطري، بنهاية عام 2018، نحو 526 شركة، مقابل 393 شركة بنهاية عام 2017، وبنمو في عدد الشركات نسبته 34%.

وشدد على أن هناك رغبة قوية لدى الكويت والدوحة في نقل التعاون المشترك إلى مستويات أعلى، بما ينعكس على الاقتصادين القطري والكويتي.

وتبحث غرفتا الكويت وقطر إمكانية إنشاء مجلس أعمال قطري-كويتي مشترك، لتعزيز علاقات التعاون بين القطاعين الخاصين في كلا البلدين، وافتتاح مكتب تمثيلي للهيئة العامة للصناعة الكويتية بـ"غرفة قطر"، وإقامة معرض دائم للصناعات الكويتية في قطر، وإقامة معرض مشترك لمنتجات البلدين بدول مختلفة حول العالم.

- سلطنة عمان

شهدت العلاقات الاقتصادية بين قطر وسلطنة عمان منذ فرض الحصار على قطر تطوراً متسارعاً في مجالات عدة، أبرزها الاستثمار المشترك بجميع القطاعات، مثل التجارة والصناعة والنقل والأمن الغذائي وغيرها.

وأقامت قطر، الشهر الماضي، فعاليات النسخة السابعة من معرض "صُنع في قطر" بالعاصمة العمانية مسقط، بمشاركة نحو 240 شركة قطرية.

وارتفع التبادل التجاري بين قطر وسلطنة عمان، خلال السنة الماضية، بنسبة قياسية بلغت 101%، ليصل إلى 4.1 مليارات ريال قطري (1.13 مليار دولار)، بحسب تصريحات سابقة لوزير التجارة والصناعة القطري، أحمد الكواري.

ووفق تصريحات الوزير القطري ذاتها، فإن سلطنة عمان تحتل المركز الثامن عشر بين الشركاء التجاريين لدولة قطر.

وأشار الكواري إلى أن الاستثمار المتبادل بين الدوحة ومسقط شهد نمواً ملحوظاً، شمل القطاع الزراعي والثروة السمكية والاتصالات والطاقة والسياحة والتعليم وغيرها من القطاعات الاقتصادية المختلفة، لافتاً إلى دور الشركات العمانية العاملة في السوق القطري.

في السياق ذاته، ذكر النائب الأول لرئيس "غرفة قطر"، خلال منتدى الأعمال القطري-العماني، الذي عُقد الشهر الماضي في مسقط، أن التعاون التجاري والاقتصادي بين قطاعات الأعمال بقطر وعُمان أثمر وجود نحو 513 شركة قطرية-عمانية مشتركة تعمل في السوقين القطري والعماني، من بينها 361 شركة تعمل بقطر.

يُذكر أن "غرفة قطر" أعلنت بعد أيام قليلة على بدء الحصار في يونيو 2017، عن اتفاقيات وصفقات متعددة مع شركات عمانية من أجل توريد السلع والمنتجات إلى الدوحة، خاصة في مجال المواد الغذائية والكماليات.

واستقبلت قطر منذ فرض الحصار عليها العشرات من رجال الأعمال والوفود الصناعية والتجارية العمانية، في مسعى لتطوير العلاقات الاقتصادية بين الجانبين وافتتاح استثمارات مشتركة في كلتا الدولتين، بحسب "غرفة قطر".

الحصار .. فرصة ذهبية

وعن ذلك، يقول المحلل الاقتصادي جمال جبون: إن "الحصار الذي تفرضه السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر دفع الأخيرة للبحث عن قنوات تجارية واستثمارية أخرى، فهي لن تقف مكتوفة الأيدي أمام إجراءات دول الحصار".

وأضاف "جبون" في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "الكويت وسلطنة عمان لديهما علاقات اقتصادية متينة وقديمة مع قطر، لذلك رأت الأخيرة ضرورة تعزيز هذه العلاقات، باعتبارها مَخرجاً مهماً من حالة الحصار التي فُرضت عليها".

ورأى أن رجال الأعمال في الكويت وسلطنة عمان وجدوا في السوق القطرية فرصة ذهبية لتوريد منتجاتهم والاستثمار بالبلاد، خاصة في ظل ما تتمتع به قطر من نمو اقتصادي متصاعد وبنية تحتية متقدمة.

وتوقَّع المحلل الاقتصادي أن يستمر تطوُّر العلاقات التجارية والاستثمارات بين قطر وكل من الكويت وسلطنة عمان حتى وإن انتهت الأزمة الخليجية.

وأشار إلى أن تطوُّر العلاقات الاقتصادية بين قطر والدولتين الخليجيتين أثَّر سلباً في دول الحصار، وخاصة الإمارات، فعلى سبيل المثال، عوضاً عن استخدام قطر ميناء جبل علي في دبي، والذي كانت تعتمد عليه في الحصول على وارداتها من السلع والبضائع، باتت تستخدم ميناء صحار العُماني.

كما دشنت قطر، في أغسطس 2017، خطاً ملاحياً بحرياً جديداً بين ميناءي "الشويخ" الكويتي و"حمد" القطري، يوفر خدمة نقل مباشر للحاويات بين الميناءين.

ووفق شركة الملاحة القطرية (ملاحة)، فإن الخط سيعمل أسبوعياً من خلال سفينة ذات سعة تبلغ 515 حاوية نمطية، و50 حاوية مبردة، بمدة عبور تبلغ يوماً واحداً.