مهنا الحبيل- الوطن القطرية-
هل تلام أبوظبي على دحرجتها للسعوديين مادامت الرياض تهدم ذاتها؟!
تتسم سياسات الرياض بالهروب للأمام في كل خطواتها فتزيد مشاكلها وتعمق مأزقها.
تعتبر الرياض أن التصريحات الأمريكية الموحية بحيادية سلبية من الأزمة الخليجية أمر مشجع لها.
كيف نفهم تناقض حديث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأسبوع الماضي، في سفارة بلاده بالدوحة، وإن كان تصريحا غير رسمي، عن أنه لا يوجد أفق لحل قريب في الأزمة الخليجية، وبين تصريحه في ختام زيارته للرياض، بأن الملك السعودي وولي عهده، أكدا حرصهما على إنهاء الخلاف مع قطر.
والصيغة أتت بصورة ثنائية تعكس وضع الأزمة الأساسي، وهي تحول الرياض إلى خصم صراعي شرس مع قطر، واستقالتها من رمزيتها التاريخية، بعد اختراق أبوظبي للبنية السياسية للنظام السعودي.
التدقيق في التصريحين، يوحي بأن بومبيو كان أكثر شفافية في الأول، لكنه لم يُسرب ذلك سهوا.
فالرياض تعتبر أن مثل هذه التصريحات التي توحي بحيادية سلبية للأميركيين، من الأزمة، هو أمر مشجع لها، لسبب رئيسي في تقديرها، وهو أن أقل تعويض لخسارة كل هذه الحرب السياسية مع قطر، دون أي مبرر موضوعي.
وبعد كل هذا الحصاد السيئ، لتاريخ الدبلوماسية السعودية، فإن الجانب المعنوي، سيعتمد على أن إنهاء الأزمة اليوم أو غدا، وحلها سيبدأ بمبادرة قطرية تخضع للرياض ولو رمزيا، وقد يكون الأهم للرياض اليوم، سحب الملف الإعلامي الذي تحول اليوم إلى قوة في يد الدوحة.
ورغم أن هذا المسار يعتبر مسارا نفسيا لوجستيا أكثر منه، دبلوماسيا وبراغماتيا، إلا أنه اليوم بات واقعا يرصده المراقب في ردود فعل الرياض على الأزمة وغيرها.
وهي حالة انتهت إلى انهيار شخصية دبلوماسية عريقة، وهو د. عادل الجبير، بعد إنهاكه في هذه المساحات المضطربة، للسياسة السعودية، ودور المزاج السياسي والنفسي الحاد، في إحباطه.
وبالتالي، أُعلنت تنحيته وأبقي في موقع هامشي وهو المخضرم في علاقات بلده مع واشنطن، وكانت له مكانة كبيرة لدى العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله.
هذا المزاج يدخل اليوم دائرة اضطراب جديدة، بعد انتشار قضية انتهاك حرمات الناشطات، والتعدي على الذات الإلهية من قائد الفريق، التي وردت في شهادة المناضلة الحقوقية لجين الهذلول، ونشرتها أسرتها في الصحافة الغربية.
وقد تزامن خبر الاعتداء الحقوقي الجديد، مع تأكيد رويترز لرسائل عديدة تشير إلى أن المستشار سعود القحطاني، قد أعيد تنفيذيا، وأن مهمة إنقاذه قضائيا يُحضّر لها.
في حين جاءت شهادة أسرة لجين الهذلول لتؤكد، أن هذه الشخصية متورطة بصورة واسعة، بكل ملفات الاعتداء على الكرامة الشخصية للمواطنين والشخصيات السعودية، وأن إعادة تأهيله تعزز ربطه الكلي بولي العهد.
وحسب بومبيو في تصريح 15 يناير/كانون الثاني الجاري، فقد أعيد له تأكيد محاسبة طاقم اغتيال الشهيد جمال خاشقجي، وأيضا ملف الحقوقيات والانتهاكات السافرة ضدهم.
أنباء التأهيل أيضا لفريق من المتهمين، كان قد تزامن مع تجديد الحملة الإعلامية على قطر، وإن كانت الدوحة مستمرة في مشروع ردها المركزي، وحملتها الإعلامية الشاملة، منذ أن تبين لها، عدم وجود تجاوب مع مساعي الشيخ صباح، وانتقال الأزمة إلى مواجهة مفتوحة لأبوظبي والرياض لإسقاط الحكم.
لكن الفارق اليوم، هو تجنب الرياض تبني الدعوات الأولى لإسقاط الحكم بالتهديد العسكري، أو التفويج القبلي لدرجة غيابه كليا عن منصات الإعلام.
ولا يبدو هنا أن إدارة ترامب، حريصة على إنهاء الأزمة، وتأكيد بومبيو في حديثه للحاجة لتعزيز توحيد الحلف الأميركي الخليجي من جديد، وتجاوز الأزمة، هو عبارات علاقات عامة.
فهذا التعاون المطلوب أميركيا، لم توقفه الأزمة، وإن نظر إليه بتشكك حذر في الكويت ومسقط والدوحة، بأن لا يتم توريطهم، في التصعيد على إيران، حتى يُنجز ترامب اتفاقا نوويا جديدا، يعزز حظوظ واشنطن الاقتصادية.
في المقابل يعجب المراقب، من أن أكثر قضيتين تسببان متاعب كبرى للنظام السعودي، قضية انتهاك الحقوق واضطهاد المعتقلين، وصراعه مع قطر، في حين يُصر على عدم معالجتهما، بعملية الهروب للأمام لكل خطوات الرياض، فتزيد من مشاكلها وتعمق مأزقها، فهل تلام أبوظبي على دحرجتها للسعوديين، مادامت الرياض تهدم ذاتها.