ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

"العفو" تثني على قطر وتنتقد محاصريها في حقوق الإنسان

في 2019/02/28

وكالات-

أصدرت منظمة العفو الدولية "أمنيستي" تقريرها السنوي عن حال حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط، ووجهت فيه انتقادات لاذعة لسلوك دول السعودية والإمارات والبحرين، في مقابل مديحها لدولة قطر على ما وصفته بـ"جهودها الإصلاحية" في هذا المجال.

واستعرض التقرير الصادر الثلاثاء، بعنوان "اللامبالاة العالمية إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. تؤجج ارتكاب الفظائع والإفلات من العقاب"، أوضاع حقوق الإنسان في 19 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال 2018.

قطر تتقدم حقوقيا

وعن قطر امتدح التقرير القوانين الإصلاحية التي أصدرتها الحكومة العام الماضي، وأبرزها كان انضمام الدوحة إلى "المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" و"المعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أصدرت قطر قانونا بشأن اللجوء السياسي، وهو "خطوة إيجابية وتاريخية على مستوى دول الخليج العربية"، بحسب المنظمة.

كما أصدرت قطر قوانين في مصلحة العمال الأجانب الذين يشكلون نحو 90% من القوة العاملة في البلاد، كان أبرزها السماح للعامل بالسفر دون إذن كفيله، كما تم إنشاء "صندوق دعم وتأمين العمال" ومن بين مهامه توفير الأموال اللازمة لدفع مستحقات العمال الذين كسبوا قضاياهم أمام لجان فض المنازعات العمالية.

وكدلالة على تحسن دعمها النهج الحقوقي، سمحت قطر بافتتاح مكتب لمنظمة العمل الدولية في أبريل/نيسان الماضي، في إطار اتفاق للتعاون التقني مدته 3 سنوات، تلتزم فيها الحكومة القطرية بمراجعة قوانينها بما يتماشى مع المعايير الدولية للعمل، تحت إشراف خبراء من المنظمة.

السعودية

أما في المملكة العربية السعودية، فقد تعرض عدد من منتقدي الحكومة والأكاديميين ورجال الدين والمدافعين عن حقوق الإنسان للمضايقة والاعتقال والمحاكمة على أيدي السلطات، في مواصلة لقمع ناشطي المجتمع المدني.

ففي مايو/أيار 2018، شنّت السلطات حملة اعتقالات شملت ما لا يقل عن 8 من المدافعات عن حقوق الإنسان، اللاتي سبق أن ناضلن ضد الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارات، وضد نظام ولاية الرجل.

وبحلول نهاية العام، كان جميع المدافعين عن حقوق الإنسان السعوديين تقريبا، إما رهن الاحتجاز أو يقضون أحكاماً بالسجن أو اضطُروا إلى الفرار من البلاد.

وقالت المنظمة إن "واقعة مقتل الصحفي جمال خاشقجي المروِّعة"، في أكتوبر/تشرين الأول 2018، "أشعلت شرارة غضب عالمي غير مسبوق، طالب السلطات السعودية بإجراء تحقيق في الحادثة، بل وحفَّز دولا مثل الدنمارك وفنلندا على اتخاذ إجراءات نادرة بتعليق عمليات تزويد السعودية بالأسلحة.

وأضافت أن الدول الرئيسية الحليفة للسعودية، كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، لم تتخذ الإجراءات ذاتها، و"تقاعس" المجتمع الدولي ككل عن تلبية مطالب منظمات حقوق الإنسان بقيام الأمم المتحدة بإجراء تحقيق مستقل قادر على تحقيق العدالة.

ويُظهر تقرير "العفو الدولية" أن حملة قمع المعارضة والمجتمع المدني ازدادت حدة بشكل كبير في كل من مصر وإيران والسعودية خلال 2018.

وتمثل هذه الدول الثلاث "نموذجاً لقصور الرد الدولي على الانتهاكات المتفشية التي ترتكبها الحكومات".

وبينت أن تصدير الدول للأسلحة مكَّن التحالف بقيادة السعودية من استهداف المدنيين والمدارس والمستشفيات، خلال النزاع الدائر في اليمن، الأمر الذي يشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

الإمارات والبحرين

وفي دولة الإمارات والبحرين عوقب كل من "أحمد منصور" و"نبيل رجب"، الناشطان البارزان، بالسجن لمدد طويلة بلغت 10 سنوات، و5 سنوات على التوالي، بسبب منشوراتهما على وسائل التواصل الاجتماعي.

واستمرت السلطات الإماراتية في إسكات النقد الموجه لها عن طريق ملاحقة المعارضين السلميين قضائيا وسجنهم.

ففي 29 مايو/أيار الماضي، حكم على "أحمد منصور"، آخر المدافعين عن حقوق الإلنسان المعنيين بتوثيق الانتهاكات الحقوقية بالسجن 10 سنوات، بسبب قيامه بنشر تعليقات على حساباته على وسائل التواصل االجتماعي.

كما ظل "ناصر بن غيث" الأستاذ الجامعي وسجين الرأي محبوسا بتهم تتعلق بحرية التعبير، وكان "بن غيث" قد أضرب عن الطعام احتجاجا على ما تعرض له من إهمال طبي وعدم انتظام الزيارات العائلية في سجن الرزين سيئ السمعة.

ولم تتخذ دولة الإمارات - وفق التقرير - أي خطوات للقضاء على التعذيب وغيره من صور المعاملة السيئة في أثناء الاعتقال.

كما وثقت منظمة العفو الدولية، ثماني حالات احتجز فيها المعتقلون بمعزل عن العالم الخارجي في أماكن غير معلومة لأسابيع وشهور، في ظروف مهينة مع حرمانهم من أدوات النظافة الشخصية ومن فرصة الاستحمام، وتهديدهم باستعمال العنف معهم إلى أقصى حد.

مصر

وفي مصر قبضت السلطات بشكل تعسفي على ما لا يقل عن 113 شخصا دونما سبب سوى تعبيرهم سلميا عن آراء انتقادية، ومن بينهم كثير من الشخصيات السياسية البارزة الذين انتقدوا الرئيس علناً، أو سعوا للترشح ضده في الانتخابات الرئاسية.

كما قبضت السلطات على ما يزيد عن 30 من المدافعين عن حقوق الإنسان، وتعرض بعضهم للاختفاء القسري لفترات متباينة بلغ أقصاها 30 يوما، وقُبض على سيدتين وأصدرت المحاكم أحكاماً بإدانتهما بعدما جاهرتا بالاحتجاج على التحرش الجنسي في مصر عبر صفحتيهما على موقع "فيسبوك".

وقالت المنظمة إن التهاون المخيف الذي يبديه المجتمع الدولي إزاء انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جرّأ الحكومات على اقتراف انتهاكات فظيعة خلال 2018، وذلك بمنحها شعورا بأنها لا تخشى مواجهة العدالة.

ويقول التقرير إن السلطات في شتى بلدان المنطقة واصلت، بلا خجل، شن حملات قمع بلا هوادة لسحق المعارضة، وقمع المحتجين والمجتمع المدني، والمعارضين السياسيين، وغالباً بدعم غير معلن من حلفاء أقوياء.

يذكر أن دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر، تواصل مقاطعتها لدولة قطر وتفرض عليها حصارا بحريا وبريا وجويا منذ يونيو/حزيران 2017، وتسببت الأزمة في تشتيت عوائل دول الخليج وتعريضهم لتمييز عنصري انتقدته منظمات حقوقية عدة من بينها "أمنستي".