ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

رسائل زيارة أردوغان إلى قطر وانعكاساتها على أزمة الخليج

في 2019/11/28

وكالات-

وقّع مسؤولون من تركيا وقطر 7 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات شتى خلال زيارة الرئيس "رجب طيب أردوغان" إلى الدوحة، وهي الزيارة الثالثة منذ الحصار المفروض من مصر والسعودية والإمارات والبحرين على دولة قطر في يونيو/حزيران 2017.

وتندرج الزيارة في إطار اجتماعات الدورة الخامسة للجنة الإستراتيجية العليا بين دولة قطر وتركيا التي تأسست في عام 2014 لتشكل البنية المؤسساتية للتعاون والحوار على أعلى المستويات بين البلدين.

واستضافت الدوحة دورتها الأولى في ديسمبر/كانون الأول من العام التالي 2015.

ومنذ تأسيسها، عقدت اللجنة أربعة اجتماعات على مستوى رفيع، مناصفة بين قطر وتركيا، نتج عنها إبرام 45 اتفاقية في مجالات متنوعة، ارتفع عددها إلى 52 اتفاقية مع انتهاء اجتماعات الدورة الخامسة للجنة.

منذ عام 2011، تطورت العلاقات بين تركيا وقطر بشكل واضح على خلفية تأييد البلدين لثورات الربيع العربي، لكن التطور الأهم كان منتصف عام 2017 عندما قطعت دول الرباعية العربية علاقاتها مع دولة قطر ووقوف تركيا إلى جانب قطر في مجالات شتى، منها زيادة تواجدها العسكري للحد من أي تهديدات محتملة قد تواجهها قطر.

القمة التركية القطرية هي السادسة والعشرون بين الرئيس "أردوغان" والأمير "تميم"، خلال ستين شهرا، وهو رقم قياسي في تاريخ العلاقات بين البلدين، وربما في تاريخ العلاقات الدولية.

ورافق الرئيس التركي في زيارته عددا من الوزراء وكبار المسؤولين في مختلف مجالات التعاون الإستراتيجي بين البلدين.

وتشكل مجالات التعاون الثنائي المشترك بين البلدين الأسس المتينة لعلاقاتهما في المجالات الاقتصادية والصناعات الدفاعية، وكذلك التعاون العسكري والأمني في منطقة تشهد توترات بالغة الخطورة.

واتفق البلدان على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، ومنها ما يتعلق بالمشاريع المرتبطة باستضافة دولة قطر لنهائيات بطولة كأس العالم 2022.

وكانت تركيا وقعت أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، مع دولة قطر على اتفاقية تعاون في التدابير الأمنية المتخذة لتنظيم بطولة كأس العالم 2022 بغرض الاستفادة من الخبرات التركية في المجال الأمني.

ومن بين أهم الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، التوقيع على التعديلات بشأن اتفاقية تبادل العملات المحلية الليرة التركية والريال القطري، ومذكرة تفاهم للتعاون الثنائي في مجال التخطيط المدني، واتفاقية أخرى في المجال الصناعي والتكنولوجي، واتفاقيات أخرى في جوانب التعاون الثنائي بين البلدين.

ووفقا للبيان المشترك، فإن اللجنة المشتركة ترحب بالاهتمام المتزايد للشركات القطرية بالاستثمار في تركيا، وتنفيذ التعهد الذي تقدمت به قطر بالاستثمار المباشر بقيمة 15 مليار دولار لتركيا في أغسطس/آب 2018، وتعهد الجانبان بمواصلة العمل بالتنسيق الوثيق في المجال المالي.

وأكدت تركيا وقطر رغبتهما المشتركة في مواصلة التعاون الإستراتيجي طويل المدى في جميع المجالات بين البلدين.

ومن أبرز محطات التعاون الإستراتيجي بين تركيا وقطر، هو إعلان قطر، في أغسطس/آب 2018، أن الدوحة ستقوم باستثمارات مباشرة في تركيا بقيمة 15 مليار دولار دعما للقطاع المصرفي في أجواء أزمة تراجع سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية.

وتعتمد قطر على تركيا بشكل كبير في استيراد المواد الغذائية والسلع الأساسية ومواد البناء التي أصبحت عاجزة عن شرائها من دول جوارها الخليجية بعد قطع العلاقات.

ستظل دولة قطر بحاجة إلى الانفتاح بشكل أكبر على تركيا لسد حاجتها الأساسية من السلع والمواد الاستهلاكية وتعويض النقص في السوق جراء الحصار.

ازداد حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر بنسبة 57% بالمقارنة مع العام 2017 ووصل إلى حدود 1.4 مليار دولار بنهاية عام 2018.

وهناك أكثر من 180 شركة تركية تعمل في قطر، وتبلغ قيمة المشاريع التي تنفذها 17.4 مليار دولار، إضافة إلى ازدياد الأهمية التي يوليها رأس المال القطري لتركيا يوما بعد يوم؛ حيث أن قطر تنفذ الآن استثمارات هامة في تركيا، تشير بعض التقارير إلى بلوغها نحو 20 مليار دولار.

وتأتي زيارة الرئيس التركي "المجدولة" في وقت تتزايد فيه مؤشرات "انفراج" في الأزمة مع دول الجوار، التي كانت دفعت الدوحة إلى تعزيز علاقاتها بأنقرة سياسيا واقتصاديا وعسكريا.

تزامنت الزيارة مع وصول منتخبات السعودية والبحرين والإمارات لكرة القدم إلى العاصمة القطرية للمشاركة في بطولة كأس الخليج العربي 24 التي تستضيفها الدوحة حتى 8 ديسمبر/كانون الأول، في خطوة غير مسبوقة منذ قطع العلاقات.

ورأى مراقبون أن مشاركة الوفود الرياضية مؤشر على النية في تفعيل الجهد الدبلوماسي لإنهاء الأزمة مع دول الجوار الخليجي ومصر.

ويهدف التواجد العسكري التركي إلى تعزيز القدرات الدفاعية لدولة قطر، والتعاون في مجالات التدريب العسكري وتطوير القدرات القتالية للقوات القطرية من خلال سلسلة من المناورات المشتركة بين قوات البلدين.

ويتعدى التنسيق العسكري التركي القطري مسائل التدريب والمناورات المشتركة إلى مهام إقليمية، منها تدريب 10 آلاف جندي صومالي، واستضافة مئات آخرين لأغراض تأهيلهم كعناصر في الشرطة الصومالية.

وتنظر تركيا إلى أنه "لا فرق بين أمننا (تركيا) وأمن قطر"، حسب تصريحات الرئيس التركي من الدوحة التي أرسل من خلالها رسالة إلى "المطالبين بإغلاق القاعدة التركية في قطر"، قال فيها إن هؤلاء "لا يعلمون أن الأتراك أصدقاء قطر في وقت الشدة"، كما أنهم لا يدركون أن الدوحة وقفت مع أنقرة في "لحظات عصيبة".

لكن الرئيس التركي في الوقت نفسه دعا إلى "إنهاء الأزمة في أسرع وقت".

وقد تدعم دولة قطر الخطة التركية لإقامة منطقة آمنة في الشمال السوري لإعادة ما لا يقل عن مليون لاجئ سوري.

ووفقا لتصريحات الرئيس التركي، فإن وجود القاعدة العسكرية في قطر (قاعدة خالد بن الوليد) "ليست نتيجة لعقلية الهيمنة القائمة على المصالح"، وإنما هي "أنموذج لروح الصدق والإخلاص في علاقات الدول"، وهدفها الأساسي هو "الاستقرار والسلام بمنطقة الخليج برمته، وليس بقطر وحدها".

ومن بين شروط الدول الرباعية لعودة العلاقات مع قطر، إغلاق القاعدة العسكرية في قطر التي ترفض، من جانبها، الجلوس إلى طاولة الحوار بشروط مسبقة فيها مساس بسيادتها ومحاولة لفرض الوصاية على قراراتها.