عدنان قاقون- السياسة الكويتية-
لم تعط الاحداث المتلاحقة في المنطقة فرصة تسليط الضوء على الانجاز التاريخي للكويت في قضية لم الشمل الخليجي، التي اظهرت اولى نتائجه في اكتمال عقد المشاركة الخليجية في بطولة كأس الخليج التي تستضيفها الدوحة.
كالعادة، وبعيدا عن الاضواء،عكفت الديبلوماسية الكويتية على تذليل عقبات اعادة اللحمة بين ابناء البيت الخليجي الواحد، تحدت المتغيرات، وتجاوزت عراقيل الاوضاع الاقليمية وتداخلها في المنطقة، ووضعت نصب عينيها هدفا واحدا هو ان البيت الخليجي شيدت اساساته على المحبة والتفاهم، وسيبقى مظلة لطموحات الشعب الخليجي الواحد وتطلعاته.
في البدء تحملت الكويت، وتحديدا الديبلوماسية الكويتية، الكثير، كونها رفضت الدخول في محور الشقيق ضد محور الشقيق، وكان شعار تحركها ان “مجلس التعاون” الخليجي الذي ارسى دعائمه المغفور له الشيخ جابر الاحمد، سيبقى رافدا اساسيا لهذه المنظومة التي لطالما تغنى ابناؤها منذ عقود بان”خليجنا واحد”.
اوساط حكومية متابعة لملف الوساطة الكويتية في الخلاف الخليجي تقول: ان التاريخ سيروي باحرف من فخر انجازات الديبلوماسية الكويتية التي شيد دعائمها صاحب السمو امير البلاد، فهي مدرسة لا تعرف المستحيل، ولا تدل طريق اليأس.
مدرسة ديبلوماسية تسلحت بالثقة والاتزان والحكمة فكانت مرجعا لكل طالب استقرار في العالم.
اضافت:”ان اجواء الارتياح والتقارب تتمدد في المجالات والمستويات كافة، وهناك دور محوري تقوم به الكويت لتضميد جراح الازمة المستمرة منذ صيف عام 2017، بين السعودية والامارات والبحرين من جهة وقطر من جهة ثانية”.
وفي تقييم هذه الاوساط فان”الكويت نزعت منذ البداية فتيل دخول الازمة طريق اللاعودة، وان استمرار الاجواء الايجابية، ورسائل التقارب المتبادلة، يعني اننا ذاهبون الى قمة مصالحة خليجية في الرياض الشهر المقبل”.
وما يدعو الى الفخر ان التحرك الكويتي كان دائما يلقى تاييدا ودعما غير مشروط، وغير مسبوق، من قادة دول القرار في العالم.
لقد تسلمت الديبلوماسية الكويتية دفة المصالحة، فكانت حركة مبعوثين لا تهدأ من عاصمة الى اخرى في دول “مجلس التعاون”، وها نحن نرسو الان امام اولى بوادر عودة تلاقي الاشقاء في بطولة الخليج في الدوحة، ولا يحتاج الامر الى كثير من التبصر للوقوف على حقيقة ان تقلبات الاقليم، وتداعيات احداثه، لن تتوقف امام دولة وترتد عن اخرى في”خليجنا الواحد”، فالاطماع تتمدد كما تقول الاوساط نفسها،وبالتالي لا طريق امامنا الا طريق الوحدة لمواجهة الاخطار المحدقة.
المنطقة في حالة غليان،والتحولات مقبلة، وان كان من الصعب التقدير في اي اتجاه ستمضي، فعندما تختلط دماء ضحايا الظلم في العراق مثلا بتراب الحرمان، وتبقى السلطة في ابراج التغييب العاجية، حينها لا احد قادر على التكهن الى اين تتجه الامور؟
وعندما تتواجه المجاميع الطائفية في لبنان، كمثال اخر،حماية لاقطاب منظومة الفساد،فان احدا ايضا لا يمكن التنبؤ لوطن الارز الى اين المصير؟
ثم، وثم عندما تضيق حلقة الضغط الشعبي على دولة بحجم ايران،فان على دول المنطقة وشعوبها ان تدرك ان تنفيس الاحتقان الداخلي في الخارج يصبح امرا اكثر من وارد!
من هذا المنطلق تدرك الكويت ان لا بديل عن التماسك، ورص الصفوف لان الوحدة قدر، وليست قرارا…فالاخطار لن تفرق بين مرسى واخر… فخليجنا واحد…ومصيرنا واحد.