موقع "المونيتور"-
اعتبر موقع "المونيتور" أن السبب وراء التحركات الأخيرة لحل الأزمة الخليجية والمبادرات الإيجابية من دول الحصار تجاه قطر يكمن في الاقتصاد أيضا، وليس فقط السياسة.
وقال الموقع، في تحليل كتبه الباحث في جامعة قطر "جاستن جنجلر"، إن قرار السعودية والإمارات المفاجئ للمشاركة في بطولة "خليجي24"، التي تستضيفها الدوحة حاليا، أحيا الآمال بقرب حل الأزمة الخليجية، التي بدأت بحصار فرض على قطر من دول الجوار لعزلها وإجبارها على تطبيق مطالب الدول المحاصرة.
وأشار إلى أن حالة الحصار رافقتها حملة إعلامية دولية لمهاجمة قطر، وزرع الفتنة في البلاد، والإجهاز على دولة الرفاه فيها، لكن تلك الجهود ارتدت عكسا على ما يبدو، حيث دفعت قطر للبحث عن حلفاء أمنيين وتجاريين آخرين، وعززت من قوة اصطفاف القطريين حول قيادتهم.
وأوضح "جنجلر" أن "التصدعات الاقتصادية بدأت تظهر ليس في قطر ولكن في دول الجوار، وهذا يساعد على فهم اللفتات التصالحية التي بدأت تظهر من الجيران، بما في ذلك قرار المشاركة في دوري خليجي 24، والتعليقات الإماراتية والسعودية التي تشير إلى استعدادا لحل النزاع".
وقال إن هناك بعدا آخر لم يتم النظر إليه ويفسر محاولة التقارب الأخيرة من قطر، وهو الاقتصاد، فمنذ عام 2014 وبعد انهيار سعر برميل النفط من 100 دولار إلى أقل من 30 دولارا، بدأت دول الخليج الباحثة عن مواجهة العجز بميزانياتها، النظر في خياراتها، وإعادة تشكيل اقتصادها بعيدا عن النفط.
ولفت إلى أن الجهود اقتضت إدخال أمور لم يكن أحد يفكر فيها، مثل فرض الضرائب، وتخفيض نفقات الدولة على الرفاه الاجتماعي، وتقليل الدعم على المواد الأساسية، مشيرا إلى أن سياسات التقشف تمثل خطرا على الدول الخليجية غير الديمقراطية التي تعود سكانها على سخاء الدولة ورعايتها مقابل ولائهم، وأدت المعارضة الشعبية إلى تأخير أو التراجع عن بعض السياسات، بما في ذلك تخفيض رواتب القطاع العام في السعودية، والعمل بضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون قبل عام 2016.
وأضاف أن دول الحصار ذهبت بعيدا في فرض إصلاحات غير شعبية، فيما أخرت الكويت وعمان وقطر فرض ضريبة القيمة المضافة وإصلاحات بنيوية أخرى، مشيرا إلى أن قطر استخدمت وضع الحصار لتأجيل أي أجندة تقشف، وكانت حماية الدولة للمواطنين من أي آثار متوقعة من الحصار هي السبب وراء الدعم الشعبي للقيادة.
وتابع الكاتب: "من هنا ظهرت في مرحلة ما بعد 2017 ثنائية في دول مجلس التعاون الخليجي، تقوم على ما يمكن وصفه بالشرطي الطيب والشرير، ففي الوقت الذي أجبر فيه سكان دول الحصار على تقديم تضحيات، فإن سكان الدول الأخرى لا يزالون يتمتعون بالمنافع الاقتصادية السابقة، وكان التنسيق في خطط الإصلاح المالي بعد انهيار سعر النفط عام 2014 يهدف لتجنب ظهور حرمان داخل الدول التي تبنت سياسات تنويع".
وأشار "جنجلر" إلى أنه "منذ عام 2011 دعمت دول الخليج أحزابا سياسية في معظم الشرق الأوسط، وأرسلت مليارات الدولارات في استثمارات في القرن الأفريقي، وفي الحرب الكارثية في اليمن أنفقت الإمارات والسعودية المليارات شهريا، إلى جانب صفقات السلاح، وأدت أزمة الخليج إلى نفقات أعلى ليس على المعدات العسكرية فقط، لكن أيضا لشراء التأثير السياسي وغيره في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن النفقات الخاصة للنخب الخليجية، مثل الأمير محمد بن سلمان، الذي أنفق 500 مليون دولار لشراء يخت".
وقال إن "الدخل من الاستثمارات والخصخصة لم يؤد إلى وقف الخسائر أو زيادة الثقة في إدارة جيدة للاقتصاد، وعلى خلاف الصناديق السيادية الأخرى في الخليج، فإن هيئة الاستثمارات العامة في السعودية ذات الميزانية المقدرة بـ300 مليار دولار أو أكثر استثمرت في مشاريع فيها مخاطرة كبيرة، ولم يتم تلقي خطة اكتتاب أرامكو الذي يتم الحديث عنها بشكل متواصل بحفاوة من المستثمرين الدوليين".
واعتبر أن "التعامل ببرودة دوليا مع اكتتاب أرامكو كشف عن الثمن النهائي لحصار قطر، فبعد عام 2017 واجهت شركات ضغوطا لوقف تعاملها مع الدوحة، أو خسارة الأسواق في الإمارات والسعودية، وتبع ذلك عدد من الكوارث في مجال العلاقات العامة، مثل قتل وتمزيق الصحفي المقيم في أمريكا جمال خاشقجي".
وخلص الكاتب إلى أن "الحصار، الذي هو سبب مشكلات الدول التي تقف وراءه، ربما كان طريقا لمخرج يحفظ ماء الوجه، ومن أجل هذا فإن على قطر التعبير عن التزامها بمجلس تعاون للجميع، والقيام في مرحلة ما بتطبيق السياسة التي اتفقت عليها الدول، وهي فرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة 5%، وقد تكون هذه سياسة جديدة تحقق دخلا وليس استسلاما".
لكن بالنسبة إلى السعودية والإمارات، والكلام لـ"جنجلر"، فـ"إن نهاية كهذه قد لا ترضي مطالبها الأولى عام 2017، بما فيها وقف قناة الجزيرة، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية، ودفع مبلغ غير محدد عن الأضرار".
واختتم مقاله قائلا: "حكام الخليج الذين يراقبون الأحداث في لبنان وتشيلي والعراق وإيران، بسبب الأوضاع الاقتصادية، قد يتوصلون إلى أن الخطر ليس نابعا من الجارة قطر، لكن من معارضة داخلية تحتج على تضييع مصادر الدولة، التي تقوم بها النخب الحاكمة فيما يدفع الناس العاديون الثمن".