الخليج اونلاين-
يوصف بالدهاء والفطنة، وامتلاك القدرة الفائقة في التسلق وكسب ثقة أصحاب القرار والمؤثرين في بلاده الإمارات، وفي واشنطن، العاصمة التي تمتد تأثيراتها إلى مختلف الساحات العالمية.
هذه الصفات التي يمتلكها يوسف العتيبة، سفير الإمارات لدى أمريكا، كانت سبباً في نيله تكريمات عديدة من قِبل حكومته بالإمارات، كان آخرها المرسوم الذي أصدره الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الجمعة 3 نوفمبر 2017، والقاضي بمنح درجة وزير للعتيبة، الذي يمارس وظيفته الرسمية بصفته "سفيراً فوق العادة مفوض رئيس بعثة الإمارات لدى الولايات المتحدة الأمريكية".
العتيبة، تميَّز بتحركات مكوكية داخل أروقة المؤسسات الأمريكية المؤثرة، ومكاتب كبار المسؤولين الأمريكيين، لا سيما بعد اندلاع أزمة الخليج، حيث مارس دوراً كبيراً بالتأثير على القرار الأمريكي تجاه قطر.
تلك المعلومات وغيرها الكثير، كشفتها وثائق تسربت من بريد العتيبة الإلكتروني، من بينها ما يكشف علاقات إماراتية بإسرائيل، يتبنى تعميقها العتيبة.
- فضائح في بريد العتيبة
مطلع يونيو 2017، تعرض بريد يوسف العتيبة للاختراق وسرقة رسائله، وبحسب ما ذكره موقع "إنترسبت" الإلكتروني المتخصص بالصحافة الاستقصائية، فإن عينة من الرسائل الإلكترونية المقرصنة من الحساب، كشفت وجود علاقة وثيقة بين الإمارات ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات اليمينية الموالية لإسرائيل، وهي مؤسسة نافذة لدى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومن بين الرسائل المسربة، جدول أعمال مفصل لاجتماع بين مسؤولين من الحكومة الإماراتية، على رأسهم الشيخ محمد بن زايد، ومديري مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.
ومن ضمن ما ورد في جدول الأعمال الخاص بهذا الاجتماع، الذي بدا أنه سبق الأزمة الخليجية بفترة، نقاشات موسعة بين الطرفين عن أربع قضايا ترتبط بالتآمر على قطر، وتتعلق بادِّعاء تمويلها الإرهاب ودعم الإسلاميين "المتطرفين" وزعزعة استقرار المنطقة، إضافة إلى دور قناة الجزيرة في هذه الزعزعة، وفقاً لما جاء في التسريب.
وطرح جدول الاجتماع المسرب حلولاً للتعامل مع قطر، من بينها مناقشة سبل إيجاد سياسة إماراتية-أمريكية "لتصويب سلوك قطر"، وبحث خفض مستوى الامتيازات التي تتمتع بها الدوحة لدى الأمريكيين، وفرض عقوبات أمريكية سياسية واقتصادية وأمنية على قطر.
وتضمن جدول الاجتماع كيفية مواجهة تركيا و"طموح" الرئيس رجب طيب أردوغان.
وتداولت الرسائل مقالاً يتهم الإمارات ومؤسسة موالية لإسرائيل بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا صيف العام الماضي. وحسب الرسالة، فإن العتيبة رد على المقال بقوله: "يشرفني أنني أعمل إلى جانبكم".
وكشفت الرسائل اتصالاً إماراتياً-أمريكياً لمنع عقد مؤتمر لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في العاصمة القطرية الدوحة. ووفق الرسالة، قال السفير الإماراتي مازحاً: "ألا يجب تغيير مكان القاعدة الأمريكية في قطر؟".
- العتيبة.. حياة ماجنة
موقع "ذي إنترسبت" كشف النقاب عما وصفه بـ"الحياة الماجنة" المزدوجة التي يعيشها سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة.
تقرير الموقع الأمريكي الذي تحدث عن التسريبات، بيَّن أن العتيبة "يشرف على ممارسات ماجنة وعربدة".
يعتمد التقرير في الرواية التي يسردها، على ثلاثة مصادر يعضد بعضها بعضاً، وأول هذه المصادر رسائل البريد الإلكتروني المسربة من صندوق بريد العتيبة المقرصن.
والثاني، المقابلة التي أجراها موقع "ذي إنترسبت" مع رومان باسكال، أحد الشخصيات المقربة من العتيبة، وكان يشارك لسنوات فيما كان ينفق عليها العتيبة مئات الآلاف من الدولارات من "حفلات المجون والعربدة، وضمنها استجلاب العاهرات وشرب المسكرات".
والثالث: سجلات المحكمة الأمريكية التي قضت بحبس المستشار القانوني للسفارة الإماراتية بايرون فوغان، الذي كان من أقرب مقربي العتيبة منذ أيام دراسته في جامعة جورج تاون بواشنطن، بعد أن أدين بالاختلاس من مؤسسة خيرية أسسها العتيبة ونصَّبه فيها مديراً.
رومان باسكال، كشف في اللقاء الكثير من أسرار العتيبة، منها ارتياده نوادٍ للتعري، وعضويته في فريق خاص للإمتاع، ووقوفه خلف جلب عاهرات أجنبيات وممارسة "الاستعباد الجنسي" معهن برفقة أصدقائه، بالإضافة إلى وقوفه خلف استجلاب عاهرات من دول مختلفة للعمل في الإمارات.
- من هو العتيبة؟
وُلد يوسف العتيبة عام 1974، في أسرة ثرية تعمل بالتجارة وذات علاقات قوية بالأسرة الحاكمة في الإمارات.
كان والده، مانع سعيد العتيبة، أول وزيرٍ للبترول في الإمارات، وأمه مصرية الجنسية.
درس المرحلة الثانوية في الكلية الأمريكية بالقاهرة، وخلال هذه الفترة تعرَّف على فرانك ويزنر، السفير الأمريكي لدى مصر في ذلك الوقت.
بعد تخرُّجه، وبتشجيع من ويزنر، بدأ عتيبة دراسة العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون بالولايات المتحدة. وبعد ذلك، التحق بجامعة الدفاع الوطني في واشنطن، ما مكَّنه من فهم الولايات المتحدة بشكل معمق إلى درجة أن من يصادفه لا يصدِّق أنه إماراتي.
عام 2000، أصبح العتيبة مسؤول الشؤون الدولية بمكتب محمد بن زايد، والذي يتولى مسؤولية شؤون الدفاع أيضاً في الإمارات، وضمن ذلك العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تحكُّمه في ميزانية تبلغ مليارات الدولارات لشراء السلاح، حيث تعد الإمارات أحد أهم زبائن الولايات المتحدة في مجال المشتريات العسكرية.
وفقاً للـ"بي بي سي"، يقول مسؤول استخبارات في إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش، إنه قبل الاجتماع مع العتيبة عام 2007، حينما كانت واشنطن بصدد زيادة عدد القوات الأمريكية في المنطقة السنِّية بالعراق، قيل له: "إن أكثر من يثق به محمد بن زايد في المسائل الخارجية هو يوسف العتيبة، أحد أكثر الشخصيات ذكاءً في الإمارات".
وبعد ذلك، عُيِّن العتيبة سفيراً لبلاده في واشنطن، ولدى وصوله إلى هناك عَيّنَ إيمي ليتل توماس، أهم مسؤولة علاقات عامة في إدارة بوش، للعمل مسؤولة البروتوكول في سفارة الإمارات، حيث عملت على فتح جميع الأبواب التي كان يحتاجها السفير.
ترافق وصول العتيبة إلى واشنطن مع شن حملة علاقات عامة هائلة كلفت ملايين الدولارات، حيث صرفت الإمارات عام 2013 أكثر من 14 مليون دولار في هذا المجال، وتبرعت بمئات الملايين من الدولارات للأعمال الخيرية في الولايات المتحدة، وضخت استثمارات بمليارات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي.