تقرّر أن تكون البيعة لولي العهد السعودي الجديد، الأمير محمد بن سلمان، بعد صلاة تراويح ليل الأربعاء، في قصر الصفا في مكة المكرمة، وذلك بعد أن تم تعيينه في هذا المنصب خلفاً للأمير محمد بن نايف، الذي أُعفي من مناصبه بأمر ملكي.
وجرت العادة أن يستقبل الملك ونائبه، الأمراءَ، ومفتي عام المملكة، والعلماءَ، والوزراءَ، وكبارَ المسؤولين من مدنيين وعسكريين، وجموعاً غفيرة من المواطنين، الذين يقدّمون البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لولي العهد، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.
ولكن كيف تتم البيعة، وعلى أي أساس؟ وما الهدف منها؟
البيعة لملك السعودية، تأتي بموجب المادة السادسة من نظام الحكم الأساسي في المملكة، والتي تنص على أنه "يبايع المواطنون الملك على كتاب الله وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره".
وتنص المادة السابعة من النظام نفسه على أنه "يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة".
ومن هنا تأتي بيعة المواطنين للملك ولولي العهد ولولي ولي العهد بموجب النظام السياسي في المملكة، والذي يستمد بدوره هذا النهج من الشرع، والبيعة في الإسلام هي عبارة عن ميثاق الولاء للنظام السياسي الإسلامي، والالتزام بجماعة المسلمين، والطاعة لإمامهم، وهي العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد الملك على أن يسلم له النظر في نفسه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره.
والبيعة أيضاً تعني "إعطاء العهد من المبايع على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر، وعدم منازعته الأمر، وتفويض الأمور إليه، وهي في جوهرها وأصلها عقد وميثاق بين طرفين؛ الملك أو الإمام المرشّح للحكم والجمهور، أما هو فيبايع على الحكم بالكتاب والسنة والنصح للمسلمين، وأما الجمهور المبايع فعلى الطاعة في حدود طاعة الله ورسوله".
وفي أعقاب الأوامر الملكية الجديدة، والتي اعتبرها البعض مفاجئة في توقيتها؛ فإن البيعة لولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، بعد صلاة التراويح، الليلة، في قصر الصفا في مكة المكرمة، بحسب ما أوردته قناة الإخبارية السعودية الرسمية.
- ولي عهد جديد
أصدر العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمراً مليكاً، صباح الأربعاء، يقضي بإعفاء الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود من ولاية العهد، ومن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، ومنصب وزير الداخلية.
وجاء في الأمر الملكي، الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أن الملك سلمان اختار الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد، وعيّنه نائباً لرئيس مجلس الوزراء، مع استمراره وزيراً للدفاع.
وأما فيما يتعلّق بمنصب وزارة الداخلية الذي كان يشغله ولي العهد السابق، محمد بن نايف، فقد أصدر الملك سلمان أمراً ملكياً بتعيين الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزيراً للداخلية.
وشملت الأوامر الملكية تعيين كل من الأمير بندر بن خالد بن فيصل بن عبد العزيز مستشاراً بالديوان الملكي بمرتبة وزير، وتعيين الأمير بندر بن فيصل بن بندر بن عبد العزيز مساعداً لرئيس الاستخبارات العامة بالمرتبة الممتازة، وتعيين الأمير عبد العزيز بن تركي بن فيصل بن عبد العزيز نائباً لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة بالمرتبة الممتازة، وتعيين أحمد بن محمد السالم نائباً لوزير الداخلية بمرتبة وزير، وإعفاء ناصر الداود من منصبه، وتعيينه وكيلاً لوزارة الداخلية بمرتبة وزير.
وأجرى الأمر الملكي تعديلاً على الفقرة "ب "من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم لتكون بالنص الآتي: "يكون الحكم في أبناء الملك المؤسّس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يكون من بعد أبناء الملك المؤسّس ملك وولي للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسّس".
- كيف تتم البيعة؟
كان الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وضع في 2006 آلية لضمان انتقال سلس للحكم في المملكة؛ عبر تأسيس هيئة البيعة الموكّلة باختيار ولي العهد.
وبحسب قناة "الإخبارية"، فإن الهيئة صادقت بأغلبية أعضائها المطلقة على تعيين محمد بن سلمان بمنصب ولاية العهد، وقالت: إن "قرار اختيار الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد صوّت عليه 31 من 34 من أعضاء هيئة البيعة، وهي أعلى نسبة على الإطلاق".
وتضم الهيئة 35 أميراً من أبناء الملك عبد العزيز وأحفاده، مهمتهم تأمين انتقال الحكم ضمن آل سعود، لا سيما عبر المشاركة في اختيار ولي العهد.
والهيئة مكوّنة من أبناء الملك المؤسّس، وينوب عن المتوفَّين والمرضى والعاجزين منهم أحد أبنائهم، يضاف إليهم اثنان من أبناء كل من أبناء الملك المؤسّس يعيّنهما الملك وولي العهد.
وكان الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، أعلن في أكتوبر/تشرين الأول 2007 اللائحة التنفيذية التي تحدد آليات تطبيق نظام هيئة البيعة بعد عام من إصداره.
ووفقاً للائحة، يتمتع أعضاء الهيئة بعضوية مدتها أربع سنوات غير قابلة للتجديد، إلا إذا اتفق إخوة العضو المنتهية ولايته على ذلك، وبموافقة الملك.
وبحسب نظام هيئة البيعة الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2006، توكل الهيئة إلى لجنة طبية مهمة التأكّد من أهليّة الملك وولي عهده في إدارة الحكم.
وفي حال تقرير عدم الأهلية الدائمة، فإن "مجلساً مؤقّتاً للحكم" مشكّلاً من خمسة أعضاء يتولّى تصريف أمور الدولة، على أن تقوم الهيئة في غضون سبعة أيام "باختيار الأصلح للحكم من أبناء الملك المؤسّس"؛ عبد العزيز آل سعود.
ويقترح الملك على "هيئة البيعة" اسماً أو اسمين أو ثلاثة أسماء لمنصب ولي العهد، ويمكن للجنة أن ترفض هذه الأسماء وتعيّن مرشّحاً لم يقترحه الملك.
وإذا لم يحظَ مرشّح الهيئة بموافقة الملك، فإن "هيئة البيعة" تحسم الأمر بالغالبية في عملية تصويت يشارك فيها مرشّحها ومرشّح يعيّنه الملك، وذلك خلال مهلة شهر.
وكان تعيين ولي عهد السعودية -أكبر مصدّر للنفط في العالم- شأناً يخصّ عموم العائلة المالكة التي تقرّر تولّي المنصب بالتوافق مبدئياً.
وتتخذ "هيئة البيعة" من الرياض مقراً، ويرأسها أكبر أفراد العائلة المالكة سناً، وتعقد اجتماعاتها العادية بحضور ثلثي الأعضاء، وتتخذ قراراتها بالغالبية وعبر التصويت السري.
وتتمثل مهمة الهيئة في "المحافظة على كيان الدولة، وعلى وحدة الأسرة المالكة، وتعاونها وعدم تفرّقها، وعلى الوحدة الوطنية ومصالح الشعب".
الخليج أونلاين-