نيك باتلر - فاينانشيال تايمز- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
قبل أكثر من أسبوع سمعت شائعة خافتة حول مشاجرة مكثفة داخل العائلة المالكة السعودية، يفترض أنها كانت تدور حول محاولة إجبار الملك «سلمان» على كبح جماح ابنه ولي ولي العهد (آنذاك) البالغ من العمر 31 عاما، «محمد بن سلمان» وعودة البلاد إلى الحياة الطبيعية بعد 3 أعوام من تزايد الطموح الفوضوي وعدم الاستقرار. وبدأت حينها في صياغة مقال يناقش كيف يمكن لهذا الانقلاب أن يعيد تشكيل سوق النفط وما هو الإجراء السعودي الذي يمكن أن تتخذه القيادة الجديدة لوقف الانخفاض المستمر في أسعار النفط.
الآن يبدو أن الشائعات كانت صحيحة ولكن الافتراض كان مخطئا. ولم يكن الفائز في الانقلاب كما كان متوقعا لي هو ولي العهد «محمد بن نايف» ولكن «بن سلمان» نفسه الذي قام بالإطاحة بولي العهد وأخذ السلطة الكاملة على كل شيء بما في ذلك الدور الرئيسي للأمن الداخلي.
هناك شيء «شكسبيري» حول ما يحدث. من يمكن أن يسجل قصة تفكك آل سعود أفضل من ملك مريض يكسر التوازن الدقيق للأسرة الحاكمة لتعزيز ابنه - شاب يتم استغلاله من قبل كل سلاسة من الاستشاريين والمصرفيين- على وريث موثوق في الظاهر. بينما يدور ذلك كله في خلفية انخفاض الإيرادات من مصدر أوحد للثروة في المملكة، وعداء من الجيران والأصدقاء في وقت ما، في سياق منطقة انقسمت جراء إحياء الصراعات الدينية. نحن في مكان ما بين الملك لير وريتشارد الثاني.
وكان رد فعل السوق سلبيا على الأخبار، مما أدى إلى انخفاض أسعار النفط مرة أخرى مع تراجع خام برنت دون 45 دولارا للبرميل. ويقول «محمد بن سلمان» إن انخفاض أسعار النفط لا يهم وإنه بحلول عام 2020 سيكون اقتصاد المملكة مستقلا عن عائدات النفط. لا أحد يعتقد أن من الممكن حقا تحقيق ذلك، ولكن حتى مع افتراض إمكانية حدوثه فإن السماح للأسعار لمزيد من الانخفاض هو خطير، خاصة أنه لا توجد دولة أخرى لديها القدرة على خفض الإنتاج والصادرات إلى الدرجة اللازمة لإعادة التوازن في السوق.
العزاء الوحيد هو أننا فقط في نهاية الخطوة الأولى. هناك المزيد من الأخبار القادمة من المملكة العربية السعودية. خطوط الصدع واضحة، ونقل السلطة إلى «محمد بن سلمان» سوف يكشفها في الأشهر المقبلة.
أولا، كان تنويع اقتصاد المملكة أولوية وطنية منذ عام 1980 على الأقل، ولكن شيئا من ذلك لم يتحقق ولا يزال الرجال والنساء يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية في أفضل الأحوال. والخطط الكبرى للتنويع والتحديث التي تنتجها ماكينزي والتي أقرها «محمد بن سلمان» لا تستند إلى أي شيء أكثر حزما من الرمال. هناك «رؤية» كبرى لعام 2030 ولكن لا توجد آلية للوصول إليها.
ثانيا، السعودية معزولة، باستثناء ربما حليف لا يمكن الاعتماد عليه في واشنطن. وأدت تصرفاتها في اليمن إلى زيادة حدة التوترات في المنطقة دون أي تأثير كبير، وأظهرت ضعف قوات الدفاع الخاصة بالمملكة. إن الاستياء من قرار السعودية بالسماح لأسعار النفط بالانخفاض هو أمر مكثف وينتشر في أوبك وخارجها.
وثالثا، وربما الأخطر على بيت آل سعود، هناك الانقطاع الداخلي مع القوى الدينية. فبدلا من عملية الإصلاح والتحديث البطيئة والمتعمدة التي قام بها الملك الراحل عبد الله والأمير «نايف»، أصبح هناك الآن ولي عهد لا يترك في رؤيته الكبرى مساحة للدين.والسؤال الوحيد هو من أين ستأتي الخطوة التالية في زعزعة استقرار العائلة المالكة؟ إيران؟ أم الدولة الإسلامية أم الجماعات الأصولية الأخرى التي ترى في السعودية حالة متدهورة؟
ويرى المستثمرون المحتملون في الخصخصة الجزئية المقترحة لشركة أرامكو السعودية، التي يعتقد بن سلمان أن قيمتها تبلغ 2.6 تريليون دولار أن هناك مخاطر سياسية تضاف إلى جميع المشاكل التجارية الواضحة. وإذا أريد بيع أرامكو، فسيكون من الضروري إجراء تخفيض عميق ومهين.
المسرح مهيأ إذا للمزيد من الدراما. إن بيت آل سعود ضعيف بطبيعته دون شرعية ديمقراطية وقليل من الأصدقاء الحقيقيين، وهدفه الرئيسي هو البقاء وهذا يعني أنه بحاجة أولا إلى الاستقرار قبل كل شيء، وهو ما ميز السياسية السعودية على مدى القرن الماضي قبل صعود «بن سلمان».
ويشير التاريخ إلى أن الاستيلاء على السلطة ليس مناورة تنتج نجاحا طويل الأجل؛ لأنه يجلب عدم الاستقرار. إن غياب الشرعية يخلق فراغا يسعى المنافسون إلى سده، وفي النهاية، فإن حتمية البقاء على قيد الحياة تفضل أولئك الذين يمكن أن يحققوا الاستقرار والنظام. واحدة من السمات المشتركة للعديد من مسرحيات شكسبير هو أن هذا النظام ينبثق أخيرا من الفوضى. ولكن هناك عدة خطوات لا بد أن تحدث قبل أن نصل إلى هذه النقطة.
في هذه اللحظة، فإن ولي العهد المعين حديثا من شأنه أن يفكر مليا في التعليق الذي أورده «شكسبير» على لسان «هنري الرابع»: «هناك مصاعب منتظرة سوف تثقل ملكنا».