سي إن بي سي- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-
اتخذ عاهل السعودية الملك «سلمان» خطوةً نادرة لاستبدال ولي العهد «محمد بن نايف» لصالح نجله «محمد بن سلمان»، البالغ من العمر 31 عامًا. وقد يكون لهذه الخطوة آثارها المشؤومة على الشرق الأوسط.
أولا، دعونا نتعرف على الوريث المباشر الجديد للعرش. الأمير «بن سلمان»، المعروف بدوره العام جدًا في محاولة إصلاح الاقتصاد السعودي وتحويله إلى نظامٍ يعتمد على شيءٍ آخر غير النفط.
لكن وبشكلٍ أقل شهرة، فهو يعد أحد الصقور المتشددين ضد إيران. وعلى مدى أكثر من عامين، كان ولي العهد الجديد يقود الانخراط السعودي ضد القوات المدعومة من إيران في الحرب الأهلية اليمنية. كما أنّه هو الذي أخذ زمام المبادرة في الحملة ضد قطر بقيادة السعودية كعقاب على علاقاتها المزعومة مع طهران.
علاوةً على ذلك، فـ «بن سلمان» هو اللاعب الرئيسي في تعاون المملكة المذهل والمتنامي مع (إسرائيل). ويقول المراقبون أنّ البلدين يشتركان فيما يشبه اتفاقية دفاع مشترك ضد إيران.
وأخيرًا، فقد سعى منذ وقتٍ طويل لإقامة علاقات جيدة مع القيادة الجديدة في البيت الأبيض. وقد اجتمع مرتين مع «إيفانكا ترامب» و«جاريد كوشنر»، بدايةً من أول زيارةٍ له إلى البيت الأبيض في مارس/آذار.
وتوضح هذه التحركات قيادة «بن سلمان» لأكثر المجالات حيوية وأهمية لمصالح البلاد. ولمواصلة عمله ورؤيته دون عوائق، يجلس «بن سلمان» الآن في أعلى مكان ممكن في خط صنع القرار في النظام الملكي.
يطلق بعض الخبراء على ما حدث جولةً أخرى من «لعبة العروش». ويصر آخرون على أنّ هذه الخطوة تأتي لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية للشاب بن سلمان وجلب السعودية إلى عصرٍ أكثر حداثة. لكن عندما نعمق النظر إلى ما يقوم به «بن سلمان»، يبدو الأمر أشبه بكثير لـ «لعبة حرب».
وبالطبع هذه الحرب ليست جديدة. حيث تمثل السعودية وإيران ببساطة الحرب السنية الشيعية منذ 1400 عام، والتي بدأت بعد وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عام 632. وكان هناك العديد من الحروب الدموية بالوكالة بين هاتين الدولتين لفترة طويلة جدًا.
والجديد هو الأسلحة النووية، وعلى وجه التحديد الترسانة النووية التي يعتقد عديد الخبراء أنّ طهران ستتحكم فيها في غضون عقدٍ أو نحو ذلك، بفضل الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرمه الرئيس «أوباما».
وقد غير هذا الاتفاق، بشكلٍ لا رجعة فيه، الواقع في الشرق الأوسط بطرقٍ لم يجرؤ أحدٌ على تخمينها قبل بضع سنوات. وقد اجتمعت الدول السنية في المنطقة لتجميع جهودها وتعزيز دفاعات بعضها البعض. هذا إلى جانب الهبوط من وقتٍ طويل في أسعار النفط، والذي أدى إلى حاجة واضحة للتغييرات في الدفاع والقيادة الاقتصادية في المملكة. ويعد «بن سلمان» تجسيدًا لهذه الخطوة الجديدة من أجل التغيير، وليس ذلك فقط لأنّه شاب.
يتم تجهيز «بن سلمان» الآن ليكون الملك القادم. ويعني صعوده إثارة رياح الحرب الفعلية وليس مجرد الحروب بالوكالة بين السعودية وإيران. ومن المحتمل أن تكون تلك الحرب بين الدول السنية التي تقودها السعودية والتحالف الشيعي الذي تقوده إيران، والذي يضم الرئيس العلوي «بشار الأسد»، وجماعاتٍ سنية مثل حماس.
وليس واضحًا ما ستبدو عليه تلك الحرب. وليس لدى السعوديون ما يكفي من القوات لمحاربة إيران وحدها، لذلك قد يشاركها حلفاؤها مثل مصر، ثم هناك مسألة المساعدة الإسرائيلية التي أصبحت أكثر احتمالًا اليوم.
لكنّ الاستعدادات الجادة أصبحت الآن أكثر وضوحًا من أي وقتٍ مضى. وتشير العديد من التقارير إلى أنّ مليارات الدولارات التي تم فك الحظر عنها وفق الاتفاق النووي لصالح إيران قد أُنفقت في معظمها على تعزيز قوة طهران العسكرية.
ونستطيع أن نتوقع أن تظل أسعار النفط تحت الضغط، لأنّ كلا الجانبين في حاجة إلى جلب المال لصقل دروع الحرب. وليس هذا هو الوقت المناسب لمحاولة الحفاظ على حصة السوق العالمية.
وعلى الرغم من بعض التأكيدات بأنّ خطوة التغيير في خط الخلافة لن تغير قدرة أوبك على فرض الاتفاقات الخاصة بخفض الإنتاج، لكن لا يمكنني المراهنة على ذلك. وسيظل المعروض مرتفعًا، على الأقل حتى تبدأ الأعمال العدائية.
لكن عندما تبدأ تلك الصراعات العسكرية المباشرة بين السعوديين والإيرانيين، ستتحرك الأمور بسرعة، وسوف تقفز الأسعار.
ويمكن أن تكون مثل هذه التطورات إيجابية بالنسبة إلى إنتاج النفط في الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يدفعه لملء الفراغ. وليس هناك ما يمكن القيام به أكثر من ذلك بشأن الآثار المتوقعة للحرب الصاخبة المنتظرة بين السعودية وإيران.
لكن أصبح من الواضح بشكلٍ متزايد أنّ الولايات المتحدة وجميع الدول الرائدة في العالم بحاجة إلى الاستعداد لهذا الصراع. ولقد أخبرتنا السعودية أساسًا إلى أي الجانبين ننحاز في تلك الحرب. فمع مبيعات الأسلحة الهائلة من قبل إدارة «ترامب» لصالح السعوديين، يتضح إلى أي جانبٍ نحن. ومن المرجح أن يكون موقف «بن سلمان» الجديد وقربه من إدارة «ترامب» جزءًا من خطة التأكد من إمكانية اعتماد السعوديين على الولايات المتحدة بصورة غير مسبوقة.