وول ستريت جورنال- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
في أقدس مدن الإسلام، هناك اثنتان من وجهات النظر آخذتان في الظهور، تمثلان انقساما واضحا بين الأجيال.
كما هو الحال في المدن السعودية الأخرى، يرى الشباب هنا الأمير «محمد بن سلمان» البالغ من العمر 31 عاما بمثابة الهواء النقي الذي سيحجم للمؤسسة الدينية المحافظة، ويتصدى للفساد ويحول الاقتصاد الذي يعتمد على النفط. وهم يأملون في أن يثير ارتفاعه المفاجئ إلى منصب ولي العهد الأسبوع الماضي حقبة جديدة من الانفتاح، ليس فقط بالنسبة للمستثمرين الأجانب ولكن لأحدث أفلام هوليوود التي لا تزال محظورة.
قال «نادر محمد» (20 عاما) وهو طالب يدرس هندسة الطاقة يعيش في مكة المكرمة: «لدينا ولي العهد من جيلنا وهم عازم على أن يحدث تغييرا حقيقيا. يحتاج السعوديون إلى من يهزهم من أجل أن يحصلوا على أفضل النتائج».
وتزامن صعود الأمير «محمد» مع تعيين عدد آخر من الشباب في المناصب العليا، مثل ترقية الأمير «عبد العزيز بن سعود بن نايف» البالغ من العمر 33 عاما إلى منصب وزير الداخلية. ولكن كبار السن السعوديين يتساءلون حول الحكمة من الإطاحة بولي العهد السابق «محمد بن نايف» لصالح ابن عمه الأصغر سنا، المندفع وغير المختبر إلى حد كبير. هذه الخطوة تجعل الأمير «محمد» في وضع يمكنه من الاستيلاء على مكان والده الملك «سلمان» البالغ من العمر 81 عاما قبل أن يكون مستعدا، كما يقولون. في حين أن معظم السعوديين يتفقون على الحاجة إلى التغيير، فليس الكثيرون منهم - وخاصة الأكبر سنا- على استعداد لمواجهة الاضطرابات.
وقال عبد الله (57 عاما) صاحب محل للذهب في مكة المكرمة رفض الإدلاء باسمه الكامل بدافع الخوف: «المملكة العربية السعودية يحكمها ملوك كبار السن من ذوي الخبرة، وهو لم يظهر على الساحة سوى منذ عامين». ويضيف: «هل أعتقد أن البلد يحتاج إلى تغييرات جذرية؟ نعم، ولكن التجربة ضرورية هنا».
كما أعرب «خالد الهلالي»، وهو موظف حكومي متقاعد يبلغ من العمر 63 عاما في مكة المكرمة، عن تحفظاته.
«أنا أحب ولي العهد وأتعهد بالولاء له ولكنني قلق بشأن مستقبل المملكة العربية السعودية. هو يحكم بطريقة أكثر مباشرة من لآخرين في العائلة المالكة ويفضل المواجهات التي يمكن أن تأتي بنتائج عكسية حين يتعلق الأمر بالسياسة».
ويسيطر ولي العهد، الذي يشرف بالفعل على الاقتصاد السعودي والدفاع، اليوم بحكم الواقع على محفظة الأمن الداخلي التي كانت واقعة تحت سيطرة سلفه. وقد واجه تحديا جديدا يوم الجمعة حين أحبطت قوات الأمن السعودية هجوما إرهابيا في مكة المكرمة. وقالت وزارة الداخلية السعودية إن رجلا كان يخطط للهجوم فجر نفسه في منطقة سكنية قرب المسجد الحرام وسط اشتباكات مع قوات الأمن، حيث تم اعتقال خمسة مشتبه بهم.
وقال مستشار كبير سابق للحكومة السعودية: «لو نجحت المحاولة فإنها كانت لتحمل تداعيات خطيرة على المملكة والعائلة المالكة».
وكان الملك «سلمان» في مكة المكرمة عندما نفذ الهجوم، وهو جزء من تقليد طويل من الملوك السعوديين الذين يقضون رمضان في المدينة المقدسة.
في الوقت الراهن، هناك علامات قليلة على أن الاختلاف حول الأمير «محمد» بين كبار السن السعوديين سيصل إلى مستوى الاضطرابات السياسية.
في حين أن العديد من التحديات تنتظر ولي العهد الجديد - من إحياء الاقتصاد الراكد إلى انتشال المملكة العربية السعودية من نزاع طال أمده في اليمن المجاورة - يقول بعض السعوديين إن قلقهم الأكبر حول معركة قادمة. والمقصود هنا الاصطدام بين أولئك الذين يلتزمون بالتغيير وبين أولئك الذين يقاومونه، أي المؤسسة الدينية في البلاد. حتى السعوديين الأصغر سنا الذين يدعمون الأمير «محمد» يخشون رد فعل عنيف من رجال الدين الذين فقدوا النفوذ في السنوات الأخيرة مع بدء البلاد في التغيير.
وقال زياد (36 عاما) وهو ضابط في الجيش لم يرغب في إعطاء اسم عائلته: «إذا عادوا فإنهم سوف يعودون بالثأر».