بروس ريدل - بروكينغز- ترجمة شادي خليفة-
أقال الملك «سلمان عبد العزيز آل سعود» الشهر الماضي ولي عهده «محمد بن نايف»، ورفع مكانه ابنه المفضل الأمير «محمد بن سلمان»، ليكون وريثًا للعرش. ولم يقيل أي ملكٍ من قبل ولي العهد، لكنّ سلمان قد فعل ذلك مرتين في عامين فقط. وفي الواقع، كان للمملكة العربية السعودية 6 أولياء للعهد في الأعوام الستة الأخيرة، توفي اثنان في المنصب (سلطان ونايف)، وأصبح أحدهم الملك (سلمان)، وتم تعيين اثنين ثم أقيلوا (مقرن و محمد بن نايف)، والآن «محمد بن سلمان» هو ولي العهد. ويعد هذا دليلًا على مرحلة انتقالية يلفها الاضطراب، وليس الاستقرار والنظام. وبعد أن كان خط الخلاف يمكن التنبؤ به للغاية، أصبح لا يمكن التنبؤ به.
مسألة عائلية
وقد انتقل خط الخلافة في المملكة أفقيًا بين أبناء مؤسس المملكة الحديثة، بن سعود، لأكثر من 60 عامًا. و«سلمان» هو نهاية خط الملوك الذين ينحدرون من نسل ابن سعود مباشرةً. وسيتعين على «محمد بن سلمان» تأسيس شرعيته الخاصة، في الوقت الذي تواجه فيه المملكة تحديًا اقتصاديًا حادًا من انخفاض أسعار النفط، والمنطقة في حالة اضطراب هائلة. ورغم أنّ العائلة المالكة السعودية تعد من الناجين، لكنّها في خضم عاصفة شديدة.
والسؤال المطروح الآن، هل يتنازل الملك عن العرش ويحول السلطة إلى الابن الذي يثق به بوضوح. أثارت الصحف هذه الإمكانية. وقد أعطى الملك «سلمان» بالفعل ابنه سلطةً غير مسبوقة، وصار يلقب برجل كل المهام لأنّه قد مُنح السيطرة على الجيش، والاقتصاد (بما في ذلك صناعة النفط)، وحتى السيطرة على الأعمال والترفيه. وقد شغل منصب وزير الخارجية بحكم الأمر الواقع خلال العامين الماضيين، وكان القائم على جميع الزيارات الهامة في مجال السياسة الخارجية، بما في ذلك زيارة الرئيس «دونالد ترامب» التاريخية للمملكة. وكان من المفترض أن يمثل المملكة في اجتماع مجموعة العشرين في هامبورغ (قبل أن تخفض المملكة تمثيلها لاحقا لأسباب داخلية).
ويعاني «سلمان»، البالغ من العمر 81 عامًا، من مرض ما قبل الدمنشيا (أعراض نسيان لم تصل إلى الزهايمر). لكنّ تفاصيل حالته الصحية تبقى سرية للغاية. وقد كان مشغولًا جدًا هذا العام فى رحلة استمرت شهرًا كاملًا إلى ماليزيا وبروناي وإندونيسيا والصين واليابان، بالإضافة إلى حضور القمة العربية في الأردن، واستضافة «ترامب» و50 من الزعماء المسلمين. لذلك، على ما يبدو، هو قادر على أن يكون في السلطة لبعض الوقت. وقد عاش إخوته في كثير من الأحيان إلى ما بعد الـ 90.
تحديات الجوار
ولكن يعرف الملك أيضًا مدى متطلبات منصبه. وقد جعل انخفاض أسعار النفط الاقتصاد ضعيفًا. والمنطقة في حالة من الاضطراب.
وتعد الحرب في اليمن التي بدأها هو وابنه على نحوٍ طائشٍ ومتهورٍ مستنقعًا مكلفًا لا نهاية له في الأفق. ويغرق السعوديون الآن في مستنقعٍ له عواقب وخيمة على شعب اليمن. وبالنسبة لليمنيين، جلبت الحرب مجاعة جماعية وسوء تغذية. وقد انتشرت الكوليرا. ويموت طفل كل عشر دقائق نتيجةً للحرب. وهناك سبعة ملايين شخص معرضون لخطرٍ شديد. وقد وصفت الأمم المتحدة الأزمة بأنّها أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
وكان نجله أيضًا وراء الخلاف السعودي مع قطر. وقد أصبح مجلس التعاون الخليجي بيئةً معادية. وقد أصدر السعوديون قائمة من 13 طلبًا، من شأنها أن تحول قطر إلى مجرد تابع للمملكة.
الأسئلة الكبيرة تظهر
وهكذا، توجد تكهنات بأنّ «سلمان» سوف يتقاعد، ويتنازل عن العرش، ويحول السلطة إلى ابنه. وهناك سابقة لذلك. فقد تخلى الملك «سعود» عن العرش عام 1964. لكنّ «سعود» فعل ذلك حرفيا بعد صراعٍ على السلطة لمدة عقدٍ من الزمان مع شقيقه «فيصل». وهذا لا يشبه سيناريو اليوم.
لكنّ خط الخلافة غير مكتمل اليوم. ولم يذكر «سلمان» خلفًا لمنصب ولي ولي العهد الذي تركه ابنه. ولا توجد قاعدة تشترط وجود وليٍ لولي العهد، ومن المستبعد جدًا اختيار «سلمان» لشخص أكبر في السن من «محمد بن سلمان» لهذا المنصب. فلا يزال العمر يهم في النظام السعودي. وليس هناك أميرٌ أصغر سنًا في العشرينات جاهزٌ ليكون الرجل الثالث في المملكة. ويمكنك تركه فارغًا في هذه الأثناء، لكن ليس إذا كنت تنوي تحويل السلطة إلى ولي العهد. لذلك، فإنّ الدليل الواضح لتنازل الملك عن العرش، سيكون اختياره لوليٍ جديد لولي العهد، وبالتالي خلفًا مفترضًا لابنه.
وكان المرسوم الملكي الذي أطاح بشبكة «محمد بن نايف» قد صدر بلغة غامضة حول ضمان عدم اقتصار خط الخلافة الملكي على فرع واحد من آل سعود. ومن المفترض أن يكون الخط الحالي للأب والابن لمرة واحدة، ولا يتكرر. وبطبيعة الحال، يمكن للملوك تغيير المراسيم أثناء توليهم للعرش. لذا، فهي ليست قيدًا قويًا.
ومع كل هذه التحليلات، تبقى كل التوقعات مفتوحة، وتبقى مسألة الخلافة أكثر تعقيدًا.