الخليج الجديد-
كشف صحيفة «الأهرام» المصرية، اليوم الإثنين، أن اتصالات جرت، أخيرا، سعى خلالها الجانب المصري إلى طمانة نظيره «الإسرائيلي» بأن انتقال السيادة على جزيرتي «تيران» و«صنافير»، الواقعتين على مدخل خليج العقبة في البحر الأحمر، لن يترتب عليه إخلالا بالالتزامات المنصوص عليها بخصوص الجزيرتين في معاهدة «كامب ديفيد» للسلام التي وقعها البلدين في عام 1979.
وحسب الصحيفة ذاتها، أطلع الجانب المصري «الإسرائيليين» على خطاب أرسله ولي ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان»، لرئيس الوزراء المصري، «شريف إسماعيل»، أكد خلاله الأول أن المملكة ستحترم تنفيذ الالتزامات، التي كانت علي مصر وفقا لمعاهدة «كامب ديفيد»، وذلك في حالة انتقال السيادة على جزيرتي «تيران» و«صنافير» إليها بعد تصديق مجلس النواب (البرلمان) المصري، وهذه الالتزامات هي: حرية الملاحة في خليج العقبة، واستمرار وجود القوات متعددة الجنسيات لحفظ السلام في الجزيرتين؛ لضمان عدم استخدامهما في أغراض عسكرية.
وفي حالة موافقة الجانب «الإسرائيلي» علي خطاب ولي ولي العهد السعودي، ستكون اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية بمثابة تعديلا لمعاهدة «كامب ديفيد» يستوجب أن تذهب به حكومة تل أبيب إلي الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) لإقرار تعديل المعاهدة.
وقالت «الإهرام» إن الحكومة «الإسرائيلية» لم تبد أي ممانعة لخطوة تعديل «كامب ديفيد» بناءا على اتفاقية إعادة تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية الأخيرة، لكن طلبت أن يتم ذلك في إطار قانوني.
وتمثل جزيرتا «تيران» و«صنافير» أهمية استراتيجية كونهما تتحكمان في حركة الملاحة في خليج العقبة، وبحسب البروتوكول العسكري لمعاهدة «كامب ديفيد» وُضعت الجزيرتان ضمن المنطقة (ج) التي لا يحق لمصر بتواجد عسكري فيها مطلقاً، وبسبب تعقيدات اتفاقية كامب ديفيد قامت السلطات المصرية بتحويل الجزيرة إلى محمية طبيعية منذ عام 1983.
في السياق ذاته، أكد وزير الخارجية السعودي، «عادل الجبير»، أن المملكة «ملتزمة بالالتزامات» التي أقرتها مصر أمام المجتمع الدولي في كامب ديفيد، بما فيها وجود قوات سلام متعددة الجنسيات علي الجزيرتين؛ للتأكد من عدم استخدامهما في أغراض عسكرية، وحرية الملاحة في مضيق العقبة.
لكنه أضاف، خلال لقاء مع بعض رؤساء تحرير الصحف المصرية في السفارة السعودية بالقاهرة، أمس الأحد، أن بلاده لن تتفاوض مجددا مع «إسرائيل» بخصوص الالتزامات المنصوص عليها في اتفاقية «كامب ديفيد» بشأن الجزيرتين.
وتابع: «لن نوقع معاهدات مع (إسرائيل)، أو نبرم اتفاقيات معها دون حل نهائي للقضية الفلسطينية يتضمن الانسحاب لحدود 1967 بما فيها القدس الشرقية، وإقامة دولة فلسطينية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين».
وأعلنت الحكومة المصرية، أول أمس الجمعة، توقيع اتفاقية لإعادة ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، والتي تضمنت إقرار السلطات في القاهرة بأحقية الرياض في جزيرتي "صنافير" و"تيران"، اللتين تقعان شمالي البحر الأحمر عند مدخل خليج العقبة.
ومبررة موقفها، قالت الحكومة المصرية، في بيان، إن «العاهل السعودي الراحل عبد العزيز آل سعود كان قد طلب من مصر في يناير/كانون الثاني 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين، وهو ما استجابت له، وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ».
بينما قال «الجبير»، في لقاءه مع رؤساء تحرير الصحف المصرية، أمس، إن «جميع الحكومات المصرية منذ عهد الملك فاروق وحتى الحكومة الحالية تعترف أن الجزر سعودية»، مشيرا إلى أنه «في أواخر الثمانينات بعث وزير الخارجية المصري (آنذاك) رسالة إلى المملكة يؤكد فيها الأمر».
تصاعد الغضب في مصر
يأتي ذلك، بينما تصاعدت خلال الساعات الأخيرة مظاهر الغضب الشعبي في مصر لإقرار السلطات هناك بأحقية السعودية في ضم جزيرتين في البحر الأحمر، وشمل ذلك وقفة احتجاجية محدودة، ودعوات لمظاهرة حاشدة، وحملة لجميع التوقيعات، ودعوى قضائية رفعها أحد المحامين لوقف خطوة الحكومة المصرية، حسب وكالة «الأناضول» للأنباء.
إذ نظم عدد محدود من الناشطين السياسيين، أمس، وقفة احتجاجية في ميدان طلعت حرب وسط القاهرة.
لكن السلطات الأمنية فرقت المحتجين، وألقت القبض على 5 منهم هم: «خالد محمود»، و«مهاب الأبراشي»، و«نرمين حسين»، و«نانسي كمال»، و«شيماء عبد العزيز»، حسب ما أفاد مصدر أمني.
المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، قال لـ"الأناضول" إن الناشطين الخمسة المقبوض عليهم تم تحويلهم إلى قسمي شرطة قصر النيل، وعابدين بوسط القاهرة؛ لاستكمال الإجراءات القانونية بحقهم.
وأصدرت السلطات المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 قانونا يحظر التظاهر بدون الحصول على إذن رسمي من الجهات الأمنية، ويفرض عقوبات على المخالفين بعقوبات تراوحت بين السجن والغرامة، وأثار القانون انتقادات حقوقية، بينما اعتبرته السلطات المصرية قانونا مطبقا في كثير من الدول المتقدمة حول العالم بغرض تنظيم عملية التظاهر.
وفي تطور آخر، رفع المحامي والحقوقي اليساري، «خالد علي»، أمس، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري؛ تطالب بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والإبقاء على جزيرتي «تيران» و«صنافير» تحت السيادة المصرية، حسبما أعلن «علي» عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
وتفصل محاكم القضاء الإداري في مصر في النزاعات بشأن القرارات الإدارية الصادرة عن الجهات الحكومية في الدولة.
الدعوة للتظاهر، أيضا، كانت إحدى الوسائل التي لجأ إليها ناشطون مصريون (غير معروف الجهة التي ينتمون لها) لرفض قرار السلطات المصرية باعتبار جزيرتي «صنافير» و«تيران» من حق السعودية.
إذ دشن هؤلاء الناشطون مناسبة على موقع «فيسبوك»، تدعو إلى التظاهر في ميدان التحرير، بوسط القاهرة، يوم الجمعة المقبل، تحت عنوان: «جمعة الأرض هي العرض».
وخلال ساعات قليلة أكد ما يزيد عن 5 آلاف مستخدم عزمهم المشاركة في المظاهرة المرتقبة.
إلى جانب ذلك، دشن عدد من الناشطين (غير معروف الجهة التي ينتمون لها) حملة عبر موقع «أفاز» (المختص في تنظيم حملات عبر الإنترنت) لجمع توقيعات من المواطنين، لـ «رفض تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر»، وتجاوز الموقعين على الحملة حتى الساعة بضعة آلاف.
وحول سبب إطلاقهم الحملة، قال القائمون عليها إن «جزيرتي تيران وصنافير مصريتان 100%»، لافتين إلى أن السلطات المصرية تنازلت عنهما «دون عمل استفتاء شعبي أو الرجوع للبرلمان المصري، ولو شكليا، حسب (نص) الدستور».
مؤيدون للسلطات الحالية في مصر أعربوا عن رفضهم، أيضا، خطوة الاعتراف بأحقية الرياض في جزيرتي «صنافير» و«تيران».
ومن هؤلاء، «حمدين صباحي»، المرشح الرئاسي السابق، الذي دعا الرئيس المصري، «عبد الفتاح السيسي» والعاهل السعودي، الملك «سلمان بن عبد العزيز»، إلى سحب توقيعهما على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي تعتبر جزيرتي «تيران» و«صنافير» سعوديتين.
وقال «حمدين»، في بيان أصدره أمس، إن «جزيرتي تيران وصنافير جزء لا يتجزء من إقليم الدولة المصرية»، لافتا إلى أن الجزيرتين كانتا ضمن المنطقة «ج» فى معاهدة «كامب ديفيد» فى «تأكيد دولى لملكية وسيادة مصر عليهما».
من جهته، استنكر المجلس الثوري المصري (كيان معارض بالخارج)، أمس، بـ«أشد العبارات» ما أسماه «التنازل عن السيادة المصرية عن جزيرتي تيران وصنافير في إطار اتفاقية غير قانونية لترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية».
وقال المجلس، في بيان، إنه «ينبه إلى أنه حذر منذ فترة من أن الشعب المصري بعد تحرره وإسقاط الانقلاب لن يقر أية اتفاقيات أو معاهدات أبرمها مع حكومات أو جهات أو شركات باعتبارها باطلة وغير قانونية وغير مشروعة».
وروجت العديد من وسائل الإعلام المصرية، خلال الساعات الماضي، لموقف الحكومة المصرية من كون الجزيرتان سعوديتيين.
من جانبه اعتبر «هلال عبدالحميد»، عضو الهيئة العليا لـ«الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي» (معارض)، أن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية يخالف المادة 151 من الدستور، معتبرا أنه يجب استفتاء الشعب على ترسيم الحدود بين البلدين.
وفي بيان صدر أمس، طالب الحزب مجلس النواب (البرلمان) برفض الاتفاقية عندما تعرض عليه، مضيفا: «الرئاسة والحكومة فاجأتا الشعب المصري كله باتفاقية ترسيم الحدود والادعاء بأن الجزيرتين سعوديتان في إعلان مفاجئ صدم الشعب المصري كله وجعله يعتقد أن التنازل جاء مقابل حفنة من المال».
وحسب الدستور المصري، فإن اتفاقية ترسيم الحدود التي وقعت عليه مصروالسعودية، يجب أن تعرض عبر مجلس النواب الذي يهيمن عليه أغلبية تؤيد النظام المصري، من أجل المناقشة والتصديق أو الرفض.
وتنص المادة 151 من دستور مصر لعام 2014 على أن «رئيس الجمهورية يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة».
وتقع جزيرة «تيران»، فى مدخل مضيق تيران، الذى يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، وتبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحتها 80 كيلومترا مربعا، أما جزيرة «صنافير» فتقع بجوار جزيرة تيران من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها حوالى 33 كيلومترا مربعا.