مقال تركي الفيصل في هآرتس "من دواعي سروري أن أكون قادرًا ليس فقط على دعوة الفلسطينيين، ولكن أيضًا الإسرائيليين؛ كي يأتوا لزيارتي في الرياض، حيث يستطيعون زيارة بيت أجدادي في الدرعية، التي عانت على يد إبراهيم باشا مثلما عانت القدس على يد نبوخذ نصر والرومان".
ظهرت هذه الكلمات قبل عامين في مقالٍ نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية بقلم الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العامة في السعودية والسفير السابق في واشنطن.. تاريخ النشر كان تحديدًا يوم 7 يوليو 2014، أي قبل أيام قلائل من اندلاع الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة.
توقعات مبكرة بإعادة طرح مقترحات "تركي" على الطاولة
تعليقًا على هذا المقال، أوضح يوئيل جوزنسكي وسيجورد نيوباور في مقالهما الذي نشرته دورية ناشيونال إنتريست، أن المصالح المشتركة بين السعودية وإسرائيل لا تقتصر فقط على رغبتهما في كبح جماح النفوذ الإيراني، ولكن تمتد أيضًا للاتفاق بشأن عدم شرعية نظام الأسد، والتوحد على تأييد القيادة العسكرية المصرية، بموازاة الاعتماد على قيادة الولايات المتحدة في المنطقة، والعداء لفروع الإخوان المسلمين في المنطقة، بما في ذلك حماس.
وتوقع الكاتبان حينها أن "يُعاد وضع مقترحات الأمير تركي- الواردة في مقال هآرتس المذكور آنفا- على الطاولة، بمجرد انقشاع الغبار بين إسرائيل وحماس، في ظل مصالح مشتركة، ومخاوف من التقارب الإيراني-الأمريكي؛ يمكن أن تؤدي إلى تقوية العلاقة السرية، وتعزيز التفاهم بين السعودية وإسرائيل".
حوار مفتوح مع الجنرال يعقوب عميدور
بعد مرور عامين، استضاف معهد واشنطن يوم 5 مايو 2016 حوارًا مفتوحًا بين الأمير تركي الفيصل واللواء المتقاعد الجنرال يعقوب عميدرور مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ لمناقشة قضايا الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط.
(2)دلالات نقل ملكية "تيران وصنافير" للسعودية
قبل أسابيع قليلة، أعد العقيد (احتياط) الدكتور عيران ليرمان، والبروفيسور جوشوا تيتلبوم تحليلا نشره مركز بيجن-السادات للدراسات الاستراتيجية بعنوان "الإبحار عبر المضايق: استعادة السيادة السعودية على تيران وصنافير.. ماذا يعني لإسرائيل؟" خلُصَ إلى أنه "رغم التبرؤ من أي اتصالات مباشرة حول هذه القضية- وغيرها من القضايا الهامة، على مر السنين- فإن حقيقة كون السعودية تعهدت الآن بالالتزام عمليا بالواجبات المفترضة على مصر بموجب معاهدة السلام مع إسرائيل، يعني: أن المملكة، زعيمة العرب، لم تعد تنظر إلى موقع إسرائيل في المنطقة باعتباره شذوذًا يحتاج إلى تصويب. هذا لا يزال بعيدًا كل البعد عن "التطبيع"- التي لا تزال كلمة قذرة في القاموس العربي. لكنه مع ذلك، شعاع ضوء محل ترحيب، يُظهِر فوائد التعاون والتنسيق في المنطقة التي تعاني من العنف".
المحور السعودي-المصري-الإسرائيلي
وفي السياق ذاته، اعتبر جوزيف أولمرت عبر مقاله المنشور على موقع هافينغتون بوست أن زيارة الملك سلمان الأخيرة إلى القاهرة كانت بمثابة "تدشين رسميّ لمحورٍ معادٍ لإيران، يتكون من دولتين سنيتين رائدتين، وبمشاركةٍ ضمنية وغير رسمية من إسرائيل".
مضيفًا: رغم أن السعودية لا تفعل شيئًا في العلن يشير إلى أدنى تغيير بشأن إسرائيل، لكن هناك- مرة أخرى- أبواب مغلقة تجري وراءها أمورا كثيرة. وإن كانت الصحافة العربية- والإسرائيلية بنسبة أقل- تمتلئ بالتقارير عن حقيقة ما يجري بين السعودية وإسرائيل. وفي حين قد تكون إسرائيل هي: "الفيل في الغرفة"- الحاضر الذي يتظاهر الجميع بأنه غير موجود- إلا أنها تقوم بدورٍ، وإيران هي الرابط بينها وبين السعودية".
معسكر "قوى الاستقرار" ضد 3 معسكرات تسعى للتغيير
وفي تحليلٍ نشره مركز بيجن-السادات للدراسات الاستراتيجية في فبراير 2016 عيران ليرمان، قسَّم العقيد (احتياط) الدكتور عيران ليرمان, أحد كبار الباحثين في المركز، والنائب السابق للسياسة الخارجية والشؤون الدولية في مجلس الأمن القومي، الشرق الأوسط إلى أربعة معسكرات متناحرة:
(1) إيران، مع وكلائها وحلفائها.
(2) السلفيون الجهاديون، وهو الاتجاه الذي يهيمن عليه حاليا تنظيم الدولة.
(3) حركة الإخوان المسلمين، وتجلياتها المختلفة، بما في ذلك حماس، بدعمٍ من قطر وأردوغان تركيا.
(4) "قوى الاستقرار"؛ وهم كل من يَخشى صعود المعسكرات الثلاث السابقة، ويقاومه، ويضم إسرائيل باعتبارها فاعلا مهمًا.
ونظرا للصعود المحتمل للقوة الإيرانية، رأى ليرمان أن التحالفات التي كانت حتى وقتٍ قريب تعتبر مستبعدة يمكن أن تصبح أحجار الأساس في بناء حقائق جديدة.
(3)دلالات مقال عبد الرحمن الراشد
وتعليقًا على مقالٍ للصحفي السعودي عبدالرحمن الراشد، قال فيه: "يستطيع العرب تقبّل تحالف ضمني مع إسرائيل في حال نشوب حرب إقليمية مع إيران". رأى الدبلوماسي مارك سيفرز، نائب رئيس البعثة الدبلوماسية الأمريكية في القاهرة سابقًا، أن هذا المقال جدير بالملاحظة؛ لأنه يشير إلى أنّ التعاون الأمني الراسخ بين الحكومات السنية المسلمة وإسرائيل- والذي تطوّر بشكل مطرد منذ "الربيع العربي" على الرغم من سريّته إلى حدّ كبير- بدأ ينتقل الآن إلى ساحة الخطاب العام في العالم العربي.
وأضاف سيفرز، في مقاله المنشور على موقع ذا تاور الأمريكي بتاريخ 18 فبراير 2015: "الجماهير في مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة متأخرة كثيرًا عن قادتها السياسيين والأمنين عندما يتعلق الأمر بالاعتراف بإسرائيل، واستكشاف آفاق المصالح الأمنية المشتركة معها". "لكنّ تحليل الراشد، وحقيقة أنه نشره علنًا في إحدى الصحف العربية الرائدة، قد يوفّر فرصًا جديدة للسياسة الأمريكية".
استراتيجية واشنطن لتحقيق توازن القوى في المنطقة
في سياق تحليل ستراتفور لتداعيات الاتفاق الإيراني-الأمريكي على إسرائيل، لفت إلى أن استراتيجية واشنطن لخلق توازن قُوى في المنطقة تتضمن تدشين علاقات أكثر واقعية مع القوى الإقليمية؛ التي هي في حالتنا: تركيا وإيران والسعودية ومصر.
وكشف ستراتفور- نقلا عن مصادره الخاصة- أن العلاقات السعودية-الإسرائيلية السرية تسارعت قبل شهور، وأن الرياض وإسرائيل تجمعهما تفاهمات عمل فيما يتعلق بالصراع في سوريا.
(4)نصيحة يوئيل جوزنسكي بتقييم التطورات على المسرح الخليجي
وفي ورقة بحثية نشرها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي يوم 22 يوليو 2015، بعنوان "المملكة العربية السعودية والاتفاق النووي مع إيران"، رأى يوئيل جوزنسكي أن إسرائيل "لا تمنح الأحداث في شبه جزيرة العرب ما يكفي من الاهتمام، بينما تكرس تكريس معظم جهودها لمراقبة التهديد الإيراني"، ناصحًا تل أبيب بتحسين عملية جمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز القدرة على تقييم التطورات على المسرح الخليجي، حتى تتمكن- إلى جانب فوائد أخرى- من رصد أي محاولات إضافية من دول أخرى لخلق "توازن نووي ضد إيران.
اهتمام إسرائيلي بملف "انتقال السلطة"
وقبل رحيل الملك عبدالله، نشرت صحيفة إسرائيل ناشيونال نيوز تقريرًا بعنوان "ما الذي يعنيه الملك السعودي القادم لإسرائيل؟" رأى فيه البروفسيور أليكس بليغ، أن "إسرائيل ليست بمعزل عما يدور في منطقة الشرق الأوسط، وأنها تتأثر بكل ما يحدث فيها مهما كان حجمه. واختص بالذكر حالة عدم الاستقرار التي تلوح في أفق المملكة العربية السعودية مؤكدًا إنها من المرجح أن تؤثر على إسرائيل"، كما تحدث عن تنامي العلاقات بين البلدين بشكل متزايد؛ خاصة في ظل توحدهما على معارضة توقيع اتفاق بين إيران والقوى الغربية الكبرى.
وأضاف: "يجب على الملك القادم للملكة أن يجيد التحدث مع الأمريكيين، وألا يجيد معرفة الروسية والصينية (في إشارة إلى الابتعاد عن المعسكر الروسي والصيني) . كما ينبغي أن يكون قادرًا على تقديم صفقات سياسية سرية، وهو الأمر الغاية في الأهمية؛ ولا سيما مع إسرائيل. ولابد من ملك يمتلك مهارة فائقة تجمع بين التعليم الغربي المتطور بجانب حفاظه على الدين الإسلامي الذي ارتضاه رؤساء القبائل وعلماء الدين".
ترجمة - شؤون خليجية