كشف المسؤول السابق بالمخابرات السعودية اللواء «أنور عشقي» أنه يخطط لتكرار زيارته لـ«إسرائيل»، مؤكدا أن أحدا لم يحقق معه بعد الرحلة الأولى، وأنه وإن كان لا يمثل الدولة إلا أن آراءه تسير ضمن حدود المبادرة العربية التي أعلنها العاهل السعودي السابق عام 2003.
وقال «عشقي» في حوار مع صحيفة «هافينغتون بوست عربي»، إنه لم يحصل على الفيزا ولم يختم جواز سفره بالختم الإسرائيلي، كما لا يوجد ما يثبت أنه دخل الأراضي المعترف بها دوليا كجزء من دولة «إسرائيل»، ولكنه دخل الأراضي الفلسطينية عن طريق الأردن واقتصرت زيارته على مدن محتلة من رام الله إلى القدس التي ليست رسميا جزءا من «إسرائيل».
وأوضح أن السلطة الفلسطينية كانت قد طلبت منه قبل سنوات زيارة رام الله، وكان يتردد كثيرا، ولكنه وافق مؤخرا وذهب إليهم في هذه الزيارة، حيث صلى بهم إماما في مسجد عمر بن الخطاب، الذي يقع في المهد ببيت لحم.
وأضاف «عشقي» أن هدف الزيارة التي قام بها «نصرة القضية الفلسطينية»، وليشعر أبناء الضفة الغربية أن لهم إخوة من العالم العربي يشعرون بهم ويسألون عن أحوالهم، قائلا: «في رحلتي تلك زرت جامعتين، ومراكز دراسات استراتيجية في الضفة الغربية، واجتمعت بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وبأسر شهداء ومعتقلين فلسطينيين، وحضرت زفاف نجل النائب المعتقل مروان البرغوثي».
وتابع: «اقترح علينا الفلسطينيون الاجتماع بالمعارضة الإسرائيلية في رام الله، وفعلت حيث تحدثنا عن المبادرة العربية التي قدمها العاهل السعودي السابق عبدالله بن عبدالعزيز في العام، ثم تلقيت دعوة على العشاء من قبل المسؤول الإسرائيلي دوري غولد، وكنت أقابله سابقا في بعض المؤتمرات دولية، حينما كان رئيسا لمركز الدراسات الاستراتيجية، وذلك قبل أن يعينه الرئيس الإسرائيلي مديرا عاما للخارجية، ولبيت الدعوة وتناقشنا أيضا في موضوع المبادرة العربية، وأكدت له أن لن تكون هنالك علاقات عربية إسرائيلية ما لم يعط الفلسطينيون كافة حقوقهم وتطبق بنود المبادرة العربية بالكامل».
ورأى «عشقي» أن غالبية السعوديين تناولوا الموضوع متأثرين بما نشرته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، والتي تعتبر كل الأراضي الفلسطينية تابعة لـ«إسرائيل»، وتعتبر بيت المقدس إسرائيليا، لذلك عنونت أخبارها بأنه ذهب لـ«إسرائيل»، مبينا أن الصحيفة أضافت أمورا كثيرة لم تحدث، وتبعتها الصحف العربية، ولم تكلف واحدة من هذه الصحف نفسها بالسؤال والاستفسار عن مصداقية ما نشرته الصحف الإسرائيلية.
سياسة السعودية لا تتعارض مع الزيارة
وأكد أن زيارته لـ«إسرائيل» لا تخالف في آخر الأمر سياسة السعودية، قائلا: «لقد عملت في القوات المسلحة وعملت في السفارة السعودية وأنهيت حياتي الوظيفية بعد 18 عاما، باللجنة الخاصة لمجلس الوزراء، فحصيلتي التاريخية تؤهلني لأعرف سياسة المملكة العربية السعودية، وهذا لا يعني أني أمثلها».
كما أكد أنه لم يتعرض للمساءلة والتحقيق من قبل السلطات السعودية، حيث إنه سار وفق توجهاتها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حسب قوله
وقال: «كل الحلول التي تضمنتها المبادرة العربية، كان قد وضعها الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وذكر أنه إذا قبلت إسرائيل بالمبادرة وطبقتها، فإن المملكة والدول العربية والإسلامية سوف تطبع العلاقة مع إسرائيل».
واعتبر أن الشعوب العربية تتعامل بعاطفتها مع «إسرائيل» رغم أنها باتت أمرا واقعا، لكن ذات الشعوب تتغير قناعاتها حينما ترى أن السلام أصبح واقعا، فتقبله كما تقبلته تركيا، حسب قوله.
وتابع: «أنا فرد من أبناء الشعب السعودي، قبل أن أذهب إلى الولايات المتحدة لأدرس وأعمل، كنت أشد كرها لإسرائيل واليهود ولكن بعدما تعاملت مع يهود تأكدت أن كل إنسان فيه الخير والشر، فإذا تعاملنا مع عنصر الخير كان خيراً وإذا تعاملنا مع عنصر الشر كان شريرا، لهذا يجب أن نتعامل مع عنصر الخير في كل إنسان وكل شعب».
إيران العدو المشترك بين السعودية و«إسرائيل»
من جهة أخرى، أكد «عشقي» أن إيران هي العدو المشترك لـ«إسرائيل» والمملكة، قائلا: «لكننا لا نتشارك مع إسرائيل في مواجهتها فلنا أسلوبنا ولهم أسلوبهم، ولنا استراتيجيتنا ولهم استراتيجيتهم، لهذا لا توجد علاقة بين الدولتين، ولا تنسيق، والمملكة تختلف مع إسرائيل في ممارساتها ضد الفلسطينيين، لأن إسرائيل اعتادت أن تقابل العنف بالعنف، فتقفل باب الحوار مع الفلسطينيين».
ووفقا لـ«عشقي»، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، رجل قوي ذكي، في حين يفتقد مرشد الثورة الإيرانية «علي خامئني»، إلى بعد النظر.
وقال «عشقي» إن «نتنياهو» قادر على الاعتراف بالمبادرة وتحقيقها، وأثبت أنه ذكي حينما استطاع أن يصل إلى سدة الحكم في إسرائيل، لكني أيضا وصفته بأنه متردد، ويزور الحقائق.
وأضاف أن «خامنئي» سياسته تؤدي إلى تدمير إيران من الداخل؛ حيث يدعو إلى الهيمنة الفارسية مما يعجل باستقلال القوميات الأخرى التي انسلخت من أساسها القومي مثل أذربيجان، كردستان، عربستان، بلوشستان، تركمانستان، كما أن تدخله في شؤون الدول العربية ودعم الأذرعة والميليشيات الإرهابية أفقر إيران وأسقط قيمة التومان ورفع نسبة الفقراء في إيران إلى 60% فلم يثبت التاريخ أن الإيرانيين كانوا يتسولون في الحج إلا في عهده.
وأكد «عشقي» أن زيارته لـ«إسرائيل» قد تتكرر مستقبلا، مشيرا إلى أن اهتمام «إسرائيل» بالزيارة، دليل على الرغبة لديهم لوضع حل للصراع، وكسر العزلة في الشرق الأوسط، معتبرا بأن هذه البوادر ظاهرة صحية رغم أنها جعلته في دائرة النقد، لذلك فهو سعيد بها.
طرق «مخادعة» لزيارة «إسرائيل»
وفي سياق متصل، أوضح مصدر بوزارة الخارجية السعودية -رفض ذكر اسمه- بأن هنالك بعض السعوديين ممن تربطهم مصالح تجارية واجتماعية في فلسطين، يذهبون لـ«إسرائيل» عبر عدة طرق «مخادعة»، بحسب وصفه.
ووفقا لـ«هافينغتون بوست عربي»، أوضح المصدر أن دول منطقة الشرق الأوسط لا تعترف بـ«إسرائيل»، باستثناء تركيا ومصر والأردن، لذلك قد تعرقل بقية الدول دخول المسافر إليها إن اتضح ذهابه لـ«إسرائيل» قبل الوصول إليها، لذلك يقوم البعض بالطلب من موظف الجوازات الإسرائيلي عدم ختم جواز السفر والاكتفاء بختم ورقة خارجية تفي بالغرض.
وأشار إلى أنه يمكن دخول «إسرائيل» والخروج منها عن طريق الأردن أو مصر دون أن يختم جواز السفر، بحيث يبدو أن المسافر قضى كامل الفترة السابقة في الأردن أو مصر.
وكشف المصدر أن بعض الشخصيات البارزة السياسية أو من تربطهم علاقات تجارية بفلسطين، يملكون جواز سفر فلسطينيا يسهل عليهم مهمة الدخول لـ«إسرائيل» والخروج منها، كما أن هنالك بعض من رجال الأمن يحملون جوازين للسفر، وهذا يعتبر غير قانوني بالسعودية، وكل من يتم اكتشافه يتعرض للتحقيق والمساءلة.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد قالت أنه ليس بإمكان هذا الضابط السعودي السابق زيارة «إسرائيل» دون موافقة سلطات المملكة، حيث تأتي «إسرائيل» في قائمة الدول المحظور على المواطن السعودي السفر إليها، وتعتبرها دولة احتلال وترفض التطبيع معها قطعيا.
وقدمت مجلة «إنسايد مجازين» الدكتور «أنور عشقي» على أنه مستشار للملك السعودي «سلمان بن عبدالعزيز»، كما ذكروا بأنه الرجل الذي يقود المحادثات بين السعودية و«إسرائيل».
من جهته نفى «عشقي» ما جاء به الإعلام الإسرائيلي، قائلا: «لست مستشارا للملك سلمان، ولست مبعوثا رسميا من المملكة، لكني صاحب مركز دراسات استراتيجي هو مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، وأسدي النصح للمسؤولين في المملكة بشكل اختياري في وضع الحلول للمشاكل المحلية والعالمية، شأني شأن أي مركز من المراكز».
وأضاف: «أنا أيضا لا أقود محادثات مع إسرائيل، بل أجريت حوارا من خلال المنتديات الدولية، عارضا رؤية المركز ورأيي الشخصي في حل هذه المشاكل ومن أهمها المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية».
واعتبر أن ما قالته «إنسايد مجازين» يمثل فرضيات بنتها على معطيات عدة، لكنها لا تقوم على حقائق ثابتة.
هافينغتون بوست عربي-