DW عربية-
فتح تصديق الرئيس المصري الباب أمام انتقال جزيرتي "تيران وصنافير" للسيادة السعودية. ماذا تعني أن تكون السعودية جارة لإسرائيل؟ أين تلتقي مصالح البلدين؟ وهل يمكن أن تكون السعودية لاعباً فاعلاً في سلام يعم الشرق الأوسط؟
صدق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت (24 حزيران/تموز 2017) على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، بعد موافقة مجلس النواب عليها. وتمنح الاتفاقية بين الرياض والقاهرة المملكة السعودية حق السيادة على جزيرتي تيران وصنافير عند خليج تيران الذي يشكل المدخل الجنوبي لخليج العقبة، حيث يقع الممر الملاحي للوصول إلى ميناء إيلات الإسرائيلي.
وتقول الحكومة المصرية إن الجزيرتين سعوديتان وإن الرياض سلمتهما للقاهرة لحمايتهما في خمسينات القرن الفائت، في حين يصر معارضو الاتفاقية من المصريين على أن الجزيرتين مصريتان. وقد خسرت مصر الجزيرتين في حرب الأيام الستة عام 1967. وثم استعادتهما إثر انسحاب إسرائيل منهما بموجب معاهدة السلام التي أبرمها البلدان عام 1979. الاتفاقية تجعل من السعودية جاراً جديداً لإسرائيل وتفتح الأبواب عن "تطبيع" محتمل للعلاقات بين الجارين الجديدين، وذلك في ظل الصراعات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط.
للإضاءة أكثر على هذا الموضوع حاورت DW عربية الصحفي والمحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان:
DW عربية: انتقال ملكية تيران وصنافير للسعودية يعني أن مضائق تيران أصبحت ممراً دولياً وليس مصرياً. ماذا يعني هذا بالضبط؟
إيلي نيسان: يعني ذلك حرية الملاحة في البحر الأحمر. كما نعلم أن سبب نشوب حرب عام 1967 هو إغلاق جمال عبد الناصر مضيق تيران باتجاه ميناء إيلات الإسرائيلي.
ما تبعات انتقال تلك الملكية على ما يُشاع من وجود "علاقات سعودية-إسرائيلية" وعن مستقبل تلك "العلاقة"؟
العلاقات السعودية-الإسرائيلية اليوم هي جيدة جداً. اليوم وفي ظل الصراع الإيراني-السعودي والصراع الشيعي-السني هناك علاقات وطيدة وإستراتيجية بين إسرائيل والسعودية، وذلك لكبح جماح تسلل وترويج التشيع في المنطقة.
ولا يقتصر التعاون على المجال الاستراتيجي، بل يتعداه إلى المجال الاقتصادي. وفي الآونة الأخيرة راجت أخبار عن احتمالية فتح السعودية مجالها الجوي أمام الطيران المدني الإسرائيلي. وتم توطيد ذلك التعاون بعد زيارة ترامب للسعودية.
عطفاً على جزء من جوابك،يُقال أن ما يجمع السعوديين والإسرائيليين هو فقط العداء لإيران. ما تعليقك؟
بالإضافة لما ذكرته آنفاً، القاسم المشترك الآخر هو وجود خلافات وعراقيل في وجه السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مما أدى لفتح المجال أمام تطوير العلاقات السعودية-الإسرائيلية. مؤخراً برز السؤال التالي: هل يمكن التوصل في البداية لحل القضية الفلسطينية ومن ثم حل القضايا بين إسرائيل والدول العربية أم العكس؛ أي التوصل لتفاهمات بين العديد من الدول العربية وإسرائيل ومن ثم التفرغ لحل القضية الفلسطينية؟
شهدنا في الأيام الأخيرة وصول مبعوثي ترامب وتبين وجود عراقيل كبيرة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وبرزت مخاوف من أن يسحب ترامب يده من مساعي السلام، مما أدى إلى وجود مجال لأن تتطور العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية وخصوصاً السعودية ومن ثم حل القضية الفلسطينية.
نشرت صحيفة هاآرتس بتاريخ 21 مايو/ نيسان الماضي عن وجود عرض سعودي وإماراتي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل تجميد الاستيطان من طرف إسرائيل وأن ذلك ممكن أن يشكل أساساً متيناً لصفقة ترامب لصنع السلام في الشرق الأوسط، أو كما تُسمى بـ"صفقة القرن". ما تعليقك على ذلك؟
مع كل الاحترام للصحيفة، لا أعتقد بوجود علاقة بين نمو وتطوير العلاقة مع السعودية ودول الخليج وتجميد الاستيطان، إذا كان هناك رغبة من الجانبين السعودي والإسرائيلي في تطوير تلك العلاقة. العلاقات غير الرسمية موجودة ومستمرة على الرغم من عدم وجود إعلان رسمي حتى الآن عن إطلاق علاقات دبلوماسية.
ثانياً، لا يشكل الاستيطان عقبة في وجه عملية السلام. وسمعنا من ترامب كلاماً أن الاستيطان لا يشكل عقبة ولكنه قال أيضاً إن الاستيطان لا يساهم في إحلال السلام. وكما نعلم صحيفة هاآرتس ذات ميول يسارية معارضة للنشاط الاستيطاني.
على كل حال هناك تفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة على عدم إقامة أي مستوطنة جديدة وعلى مواصلة بناء وحدات استيطانية جديدة داخل المستوطنات المقامة أصلاً. الاستثناء الوحيد كان في إنشاء مستوطنة جديدة بدل مستوطنة عامونا، التي تم إخلاءها بناء على قرار المحكمة العليا في إسرائيل.
ما هو دور صهر ومستشار ترامب، جاريد كوشنر، في ما يقال عن "محاولة تطبيع العلاقات الإسرائيلية-السعودية"؟
لم تكن هناك أي عراقيل في وجه العلاقات السعودية - إسرائيلية. كما قلت آنفاً هناك علاقات غير معلنة إستراتيجية واقتصادية واستخباراتية بين البلدين.
بالتأكيد ساهمت زيارة ترامب في تطوير العلاقات بين السعودية وإسرائيل في اتجاه محاربة الإرهاب. تتعرض إسرائيل والسعودية وبعض الدول السنية الأخرى للإرهاب سواء من قبل "داعش" أو من قبل إيران وبعض الجهات التي تعمل تحت إمرة إيران كحزب الله.
تتحدث بعض الشائعات عن أن كوشنر يلعب دوراً في تطوير العلاقات السعودية - الإسرائيلية. أنا لا علمي لدي ولا أعتقد بذلك. ربما يكون يكون لدى كوشنر تأثير في هذا الملف، غير أنه وبالتأكيد تأثير بسيط. المصالح المشتركة بين إسرائيل والسعودية هي سيدة الموقف هنا.
ما الأوراق التي تمتلكها السعودية للعب دور صانع وضامن السلام بين العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً وإسرائيل؟
التوصل لسلام يأتي من منطلق التفاهمات وليس من الضغوط. رأينا كيف أن ضغوطات جون كيري على كل من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لم تأتِ بأي نتيجة.
يتمسك الجانبان، الفلسطيني والإسرائيلي، بمصالحهما المبدئية، ولا يمكن لأي منهما التنازل عن هذا المصالح في سبيل ضغوط اقتصادية من هنا أو من هناك.
ربما تقايض السعودية إقامة حلف مع إسرائيل لمواجهة إيران في مقابل التوصل للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟
قد يشكل تعرض السعودية وإسرائيل للتهديد الإيراني قاسماً مشتركاً بينهما. غير أني لا أعتقد أن التهديد الإيراني لدول المنطقة سوف يلعب أي دور في موضوع السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.