القدس العربي-
شككت صحيفة «القدس العربي»، في النفي السعودي، للأخبار المتداولة حول قيام ولي العهد «محمد بن سلمان» بزيارة (إسرائيل) سرا، الشهر الماضي.
وقال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية، لم يكشف عن هويته، إن «هذا الخبر عار عن الصحة ولا يمت للحقيقة بصلة».
وأضاف المصدر، أن «المملكة العربية السعودية كانت دائما واضحة في تحركاتها واتصالاتها وليس لديها ما تخفيه في هذا الشأن»، على حد قوله.
ووفق الصحيفة، فإن النفي السعودي يوم أمس جاء بعد مرور ستة أسابيع على خبر نشر في 7 سبتمبر/أيلول، نقلا عن الإذاعة الإسرائيلية الرسمية باللغة العربية على لسان مراسلها «شمعون أران»، الذي أكد ان «أميرا من البلاط الملكي السعودي زار البلاد سرا خلال الأسبوع الماضي وبحث فكرة دفع السلام الإقليمي مع كبار المسؤولين الإسرائيليين».
أعقب ذلك تغريدة لصحفي إسرائيلي يدعى «أرييل كهانا» يعمل في مجلة «ماكور ريشون» اليمينية، كشفت هوية «الأمير السعودي» الذي قام بالزيارة، حيث أكد «كهانا» أن من زار «إسرائيل» هو ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان».
وأشارت الصحيفة، في تقريرها، الإثنين، إلى أن تغريدة «كهانا» التي ظهرت في الساعة الخامسة والنصف من مساء 10 سبتمبر/أيلول الماضي تبعتها بعد 45 دقيقة تغريدة أخرى لصحفية إسرائيلية أخرى تدعى «نوغا تارنوبولوسكي»، وتبعت ذلك تغريدة لحساب أكدت مصادر صحافية إنه تابع لجهاز الأمن الإماراتي والذي قال حرفيا: «سمو الأمير محمد بن سلمان وسعادة الجنرال أنور عشقي ووفد رسمي متكامل هم الذين ذهبوا إلى إسرائيل في زيارة سرية».
وكانت «وكالة الصحافة الفرنسية»، يوم الجمعة الماضي، نقلت عن مسؤول (إسرائيلي)، لم تذكر اسمه، أن المسؤول السعودي الذي زار (إسرائيل) في أيلول/سبتمبر الماضي هو «محمد بن سلمان».
ووفق «القدس العربي»، فإن الحدث الجلل الذي يشير إليه خبر «وكالة الصحافة الفرنسية» وكذلك التغريدات والتسريبات يفسر الحبور الكبير الذي أصاب رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، كما يفسر ما قاله يوم 6 سبتمبر/أيلول الماضي، إن «التعاون مع الدول العربية أكبر من أي فترة كانت منذ إقامة إسرائيل» وأنه «لم يحدث مثله في تاريخنا» وأن «ما يجري من تحت الطاولة يفوق كل ما حدث وجرى في التاريخ».
العديد من المراقبين والدبلوماسيين في المنطقة، استبعدوا (قبل نفي الرياض للخبر) فكرة أن يكون الزائر الكبير «بن سلمان» شخصيا، لكنهم في الوقت نفسه توقفوا مطولا عند عدم اكتراث الرياض للخبر طوال هذه الفترة وهو ما يثير الشكوك مجددا حول التقارب السعودي الإسرائيلي.
وترى الصحيفة، أن التغاضي وعدم نفي خبر الزيارة المزعومة مبكرا يعزز وجود مصالح مشتركة للسعودية مع (إسرائيل) في مواجهة إيران، مشيرة إلى أن من أبرز وآخر فصول هذا التقارب بمشاركة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، «غادي أيزنكوت»، مع رؤساء أركان جيوش السعودية، والإمارات والأردن ومصر، وقادة هيئة الأركان في دول غربية ومن حلف شمال الأطلسي، وأستراليا وغيرها في اجتماع لقادة هيئة الأركان الكبير والدولي الذي يعقد في واشنطن.
وحسب ما أشارت وسائل إعلام عبرية، أجرت هيئة الأركان المشتركة الأمريكية المستضيفة للمؤتمر الثاني لدول التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، تعديلات على هيكلة المؤتمر بهدف تمكين «أيزنكوت» من المشاركة فيه، بالرغم من عدم مساهمة تل أبيب رسميا في التحالف، وعدم تلقيها دعوة لحضور المؤتمر الأول.
واختتمت الصحيفة تقريرها، بالقول، إن «هذا ما ينفي ما جاء على لسان المصدر السعودي بأن المملكة كانت دائما واضحة في تحركاتها واتصالاتها وليس لديها ما تخفيه في هذا الشأن».
وكان وزير الاتصالات في حكومة «نتنياهو»، «أيوب قرا»، صرح مؤخرا، بأن «هناك عددا كبيرا من الدول العربية تربطها علاقات بإسرائيل بشكل أو بآخر، تبدأ من مصر والأردن (المرتبطتين بمعاهدتي سلام مع الدولة العبرية)، وتشمل السعودية ودول الخليج وشمال أفريقيا، وقسما من العراق (يقصد إقليم كردستان).. وتشترك هذه الدول مع (إسرائيل) في الخشية من إيران».
واعتبر «قرا» أن «أغلب دول الخليج مهيئة لعلاقات دبلوماسية مكشوفة مع (إسرائيل)؛ لأنها تشعر أنها مهددة من إيران وليس من إسرائيل»، لكنه أوضح أن «العلاقات بين الائتلاف السعودي السني و(إسرائيل) تحت الرادار، وليست علنية؛ بسبب ثقافة شرق أوسطية حساسة في هذا الموضوع».
وكانت الشهور الأخيرة شهدت انطلاق دعوات بالسعودية غير مسبوقة للتطبيع مع (إسرائيل)، رغم أن التصريح بهذا الأمر علنا كان من قبيل «المحرمات»، قبل وصول «بن سلمان»، إلى رأس السلطة في المملكة.
كما شهدت الفترة الأخيرة، تقاربا اقتصاديا غير رسمي بين الرياض و(تل أبيب)؛ حيث زار رجال أعمال ومسؤولون سعوديون سابقون (إسرائيل)، والتقطت عدسات الكاميرات مصافحات بين مسؤولين إسرائيليين وأمراء سعوديين؛ وهو أمر غير مسبوق.