محمد صالح المسفر- العربي الجديد-
يتسابق معظم حكام مجلس التعاون الخليجي الجدد نحو إسرائيل، سرا وعلانية. وعلى الرغم من أن علاقاتهم بالولايات المتحدة الأميركية وثيقة، وتربطهم بها اتفاقيات ثنائية في مجالات متعدّدة، بما فيها الأمن، إلا أنهم يعتقدون أن انفتاحهم على إسرائيل يقرّبهم أكثر من الأحضان الأميركية الدافئة.
يرتكب هؤلاء أخطاء جسيمة في حق أنفسهم وأمتهم العربية، وفي حق أوطانهم الخليجية تحديدا، بتقربهم نحو إسرائيل. وهذه عدو بحكم النشأة التكوين، وهي امتداد لحضارة أوروبية توسعية زرعت في قلب الوطن العربي فلسطين، لتحقق الفصل بين أوروبا والمشرق العربي. ويتضح أن هؤلاء الحكام لم يتعلموا من التاريخ، ومن تجارب الشعوب، في شأن العلاقة مع إسرائيل.
لقد أعطى ياسر عرفات لإسرائيل حقا لم يحلم بها مؤسسوها الأوائل، وهو "الاعتراف بحقهم التاريخي في فلسطين".. ماذا كانت النتيجة؟
انتصار لإسرائيل، وهزيمة للشعب الفلسطيني وقياداته المنشغلة بالانفتاح على إسرائيل والتعامل والتعاون معها أمنيا وماليا، وهذه عوامل تحد من استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. وفي اتفاقية كامب ديفيد، خسرت مصر وربحت إسرائيل وقس على ذلك.
وفي عام 1999، كشفت مصادر أمنية، في دولة خليجية، أن الجهات الأمنية ألقت القبض على شخصية تحمل معها عملة بحرينية مزوّرة، قيمتها 80 مليون دينار، وعرف عن هذه الشخصية التي تم القبض عليها بأنها ذات صلة وثيقة بوزير خارجية إسرائيل الأسبق، ديفيد ليفي.
وتعرضت مجموعة آسيان لأزمة اقتصادية خانقة، كادت تعصف بكل منجزات ما سمي، في حينه، نمور آسيا، واكتشف، بعد تحقيقات شاقة، أن أحد أهم العوامل التي أدت إلى تلك الكارثة الاقتصادية كانت يدا صهيونية، امتدت لتفسد على جنوب شرق آسيا إنجازاتهم الاقتصادية والاجتماعية، عبر رجل الأعمال اليهودي المعروف، جورج سورس، الذي عبث بالاقتصادين، الماليزي والأندونيسي.
عاث اليهود في ألمانيا في العشرينات من القرن الماضي فسادا منقطع النظير، فقد اشتروا بالنصب والاحتيال كثيرا من منازل الألمان وفنادقهم ومصانعهم. وعبثوا بأفكار الشباب وأخلاقهم وسلوكهم، بنشر المؤلفات القذرة والأفلام الخليعة، وسادت المدارس فئة كبيرة من المعلمين الفاسدين أخلاقيا وعلميا.
وفي عام 1922، كانت ألمانيا تغرق في بحر من الفساد والفوضى. إلى ذلك، يقول الكاتب الروسي، بورس ميرنوف، وكان وزيرا سابقا للإعلام في بلاده "إن الفاشية اليهودية اليوم تفتك بروسيا من الداخل، تمتص دم الشعب الروسي وتتغذّى على أشلائه، فحيثما ترَ الروس الجياع المشردين والمتسولين في وطنهم والعهر والدعارة والفساد والفتن القومية والعرقية والحروب الطائفية تجدْ رموز الفاشية اليهودية هناك.
السؤال هنا: هل يقبل مجتمعنا الخليجي، وأجيالنا القادمة، أن يكونوا فريسة لعبث الإسرائيليين؟
زعم أن معظم حكام الخليج العربي الجدد لم يقرأوا تاريخ الأمم، ولم يقرّبو إلى مجالسهم قراء التاريخ، ليستفيدوا من حواراتهم في تجارب الشعوب وتاريخها. التاريخ الأميركي مليء بالعبر، وأورد مثالا واحدا، لعل حكامنا المندفعين نحو إسرائيل يتعظون قبل أن تحل الكارثة.
في المجلس التأسيسي الذي عقد في فيلادلفيا عام 1789 لإقرار دستور الولايات المتحدة الأميركية، ألقى أحد أبطال التحرير الأميركي، بنجامين فرانكلين، خطابا في ذلك الاجتماع، قائلا:
«أيها السادة، لا تظنوا أن أميركا نجت من الأخطار بمجرد إعلان الاستقلال، فهي ما زالت مهدّدة بخطر جسيم، لا يقل خطورة عن الاستعمار. وهذا الخطر سوف يأتينا من جرّاء تكاثر اليهود في بلادنا. اليهود بمجرد تمركزهم في أي بلد يعمدون إلى القضاء على تقاليد أهله ومعتقداتهم، وقتل معنويات شبابه بفضل سموم الإباحية واللاأخلاقية.
إنهم (اليهود) سيفسدون مجتمعكم، ويعبثون بتقاليدكم وأخلاقكم، ويعبثون باقتصادكم وتعليمكم، وسيشوهون تاريخكم، وإنهم أسرع إلى استنباط الحيل لمنافسة مواطنينا، والسيطرة على البلاد اقتصاديا وماليا. وأناشدكم بأن تسارعوا إلى طرد هذه الطغمة الفاجرة من البلاد، قبل فوات الأوان، حفظا لمصلحة الأمة، وأجيالها القادمة، وإلا ستجدون بعد قرن واحد أنهم أخطر مما تظنون».
ما ذكر أعلاه جزء من فيض، وما قاله بنجامين فرانكلين عن اليهود قليل من كثير، إنه كلام بنجامين فرانكلين أمام من كتبوا الدستور الأميركي، وليس كلام نيلسون مانديلا، بطل تحرير جنوب أفريقيا من الاستعمار الأبيض، وليس كلام الرئيس جمال عبد الناصر بطل ثورة 1952، أو فيدل كاسترو، أو ماوتسي تونغ في الصين.
آخر القول: هل يدرك حكام الخليج العربي الجدد مخاطر التودّد أو التعامل أو التواصل، في أي مجال كان، مع الدولة العبرية ومكوناتها الصهيونية.
قوتكم في وحدتكم الخليجية، وفي الاقتراب من مواطنيكم بالعدل وحرية الكلمة والمساواة، وليس بالاقتراب من إسرائيل، فهل أنتم فاعلون؟