صحيفة الديلي بيست الأمريكية- ترجمة منال حميد -
كشفت صحيفة الديلي بيست الأمريكية النقاب عن إرسال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس الاستخبارات السعودية الذي أُقيل مؤخراً، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مطلع العام 2017؛ للقاء فريق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بحضور ممثل إسرائيلي، وذلك في إطار التحضيرات لمواجهة إيران.
وبحسب مصدر مقرّب من تحقيقات المستشار الخاص، روبرت مولر، فإن عسيري شارك في تلك الاجتماعات التي عُقدت مدة يومين في نيويورك، وحضرها عن الجانب الإسرائيلي جويل زامل، المختصّ بوسائل الإعلام الاجتماعية، بالإضافة إلى جورج نادر، الأمريكي من أصل لبناني، والذي سبق أن استجوبه مولر في إطار التحقيقات بالتأثير في العملية الانتخابية بالولايات المتحدة، والتي يمكن أن تكون السبب في فوز ترامب.
وشارك ستيف بانون في تلك الاجتماعات التي عُقدت في يناير، حيث تشير الوثائق التي اطّلعت عليها "الديلي بيست"، والمصدر المقرّب من التحقيقات، إلى أن الاجتماعات ناقشت التكتيكات الاقتصادية والإعلامية والعسكرية لإضعاف حكومة طهران.
وفي وقت سابق من هذا العام؛ ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن نادر كان يروّج خطّة للقيام بتخريب اقتصادي ضد إيران، وهي الخطة التي ناقشها مسؤولون سعوديون وإماراتيون وأمريكيون.
ومن غير الواضح، بحسب الصحيفة، ما إذا كانت الخطة قد طُبقت أو أنها كانت جزءاً من مشروع أكبر لتغيير النظام.
وتنقل الصحيفة عن جون ماكلوفلين، القائم بأعمال مدير وكالة المخابرات المركزية السابق، قوله إن تلك الاجتماعات "لم تكن عادية. الأمر يتعلّق بتخطيط عمل سري، وهو أكثر الأمور حساسية بالنسبة إلى الحكومة الأمريكية".
ورفض المتحدّث باسم الموفد الإسرائيلي زامل، التحدّث حول تلك الاجتماعات، كما رفض بانون التعليق، في حين رفض محامي فلين إبداء أي ردٍّ حول تلك الاجتماعات.
الاجتماعات كما تقول "الديلي بيست"، كانت سرية ولم يُبلغ عنها، وكانت في إطار جهود تقوم بها عدة جهات، بينها جهات أجنبية، ومن خلال سماسرة، من أجل التأثير في إدارة ترامب الوليدة لاتخاذ قرارات سياسية خارجية حساسة.
وجاءت مناقشات نيويورك في وقت كانت فيه إدارة ترامب تعمل من أجل تطوير استراتيجية خاصة بإيران، والبحث عن أشخاص يمكن أن يكونوا مدخلاً لتنفيذ تلك المخططات.
وكانت السعودية والإمارات، اللتان ساهمتا في الحملة الانتخابية لصالح ترامب، تعملان من أجل إفشال خصومهم الإقليميين، ومن ضمنهم إيران.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين سابقين في البنتاغون وممن كانت لديهم علاقات بعالم الاستخبارات، قولهم إنه كان من الطبيعي أن يلتقي عسيري مع فريق ترامب خلال تلك الفترة؛ ففريق ترامب كان يلتقي بالكثير من المؤثّرين الأجانب، وكانت السعودية دولة لها خطة طموحة لمواجهة مشاريع إيران المعادية.
وكان فريق ترامب قد تعامل مع الإسرائيلي زامل خلال الحملة الانتخابية، حيث قدّم زامل خطّة، في أغسطس عام 2016، لدونالد ترامب لمساعدته في الفوز في الانتخابات الرئاسية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، ومن غير الواضح ما إذا كان ترامب قد عمل بخطة زامل، في وقت يؤكّد محامي ترامب أنه استمع للخطة غير أنه لم يأخذ بها.
ونفى محامي زامل أن يكون موكّله هدفاً للتحقيق في إطار التحقيقات التي يجريها مولر، ولكن يبدو أن زامل بقي على مقربة من ترامب طوال فترة الانتخابات، والسبب في ذلك علاقته الجيدة بنادر، الذي كان مرتبطاً ارتباطاً كبيراً بحملة ترامب.
وفي تفاصيل اجتماع نيويورك، قبيل تنصيب ترامب عام 2017، فان زامل الذي قدّم خطة لترامب من أجل الفوز بالانتخابات كان يطمح إلى ما هو أبعد من ذلك؛ حيث سافر إلى نيويورك من أجل طرح فكرة مواجهة إيران على عسيري وفريق ترامب، حيث قدّم عرضاً مليئاً بالتكتيكات لتقويض حكومة طهران.
فريق ترامب وجد في تلك الاجتماعات فرصة لعرض جديد على السعودية والإمارات وإسرائيل لمواجهة إيران، حيث كانت الدول الثلاث تشعر بالإحباط من إدارة أوباما وطريقة تعاملها مع ملف إيران، خاصة أنها وقّعت الاتفاق النووي.
قدّم ترامب فور تنصيبه وعداً بإجبار إيران على التفاوض ثانية من أجل توقيع اتفاق جديد، وذلك في أول خطاب له بعد تنصيبه، بعد أن شنّت مليشيا الحوثي اليمنية المدعومة من إيران هجوماً على سفينة سعودية حربية، بعد ذلك أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من صفقة النووي مع إيران.
الاجتماعات التي عُقدت في نيويورك كانت جزءاً من موجة زيارات قام بها أجانب مؤثّرون لبرج ترامب، فلقد كشفت التقارير أن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، ناقش قضية إيران مع بانون وفلين وجاريد كوشنر، قبيل اجتماع نيويورك الذي حضره عسيري، وكان ذلك على ما يبدو جزءاً من الحملة التي قادتها الإمارات من أجل الضغط على إدارة ترامب القادمة للقيام بحملة ضد قطر وإيران.
وتشير الديلي بيست إلى أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، اعتمد على اللواء أحمد عسيري ليمثّله في اللقاءات مع مسؤولين غربيين بشأن إيران والحرب التي تقودها السعودية في اليمن.
وعسيري كان متحدّثاً سابقاً باسم قيادة التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في حربها باليمن، وهي الحرب التي أدّت إلى استياء كبير لدى نشطاء حقوق الإنسان وأعضاء في الكونغرس، وقد وصفتها الأمم المتحدة بأنها خلّفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ويُعدّ عسيري أحد أكثر الرجال المقرّبين والموثوقين من محمد بن سلمان، وكان قبل انضمامه لجهاز الاستخبارات ضابطاً في القوات الجوية السعودية، وكان يحظى بتقدير كبير في سلاح الجو.
مقتل الصحفي جمال خاشقجي وضع عسيري تحت الأضواء من جديد، فلقد سارع العديد من شركات الضغط التي تتّخذ من واشنطن مقرّاً لها إلى فسخ عقودها مع السعودية، في وقت ما زالت إدارة ترامب تفكّر في اتخاذ العقوبات المناسبة ضد الرياض.
وورد اسم عسيري بين المتّهمين في مقتل خاشقجي، بحسب الادعاء العام السعودي، وأُعفي من منصبه كنائب للاستخبارات السعودية، التي وجه الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، بإعادة تشكيلها، وكلّف لجنة برئاسة نجله ولي العهد، محمد بن سلمان، بالقيام بهذه المهمة.