ملفات » العلاقات السعودية الاسرائيلية

هآرتس: هل تطيح جريمة قتل خاشقجي بولي العهد السعودي؟

في 2018/11/21

هآرتس- ترجمة محمد عبدالله-

يبدو أن السعودية، ولا سيما ولي عهدها الشاب، "محمد بن سلمان"، أخطأت إلى حد كبير في رد الفعل على اختفاء الصحفي "جمال خاشقجي"، الذي عارض جهود الوريث الجديد لإعادة تشكيل المملكة، ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها وفقا لرؤيته الخاصة.

لقد تخطى "بن سلمان" (33 عاما) دور وريث العرش منذ صعوده قبل 16 شهرا فقط.

وفي الوقت الذي قام فيه باتخاذه إجراءات إيجابية مثل السماح للنساء بقيادة السيارة، اعتقل العشرات من أفراد العائلة المالكة وكبار رجال الأعمال في فندق "ريتز كارلتون" حتى وافقوا على دفع تسويات مالية بعد مجموعة من الانتهاكات.

كما اعتقل "بن سلمان" العشرات من المدافعين عن حقوق المرأة، وفرض حصارا على قطر، وقاد حربا في اليمن المجاورة؛ حيث أدى الاستهتار المعتاد بحقوق الإنسان والقواعد الدولية إلى مقتل ما لا يقل عن 10 آلاف مدني، وتشريد ما يقدر بنحو مليوني شخص.

ورغم ذلك، ما زال يتعين عليه الالتزام بعقود أسلحه مع الولايات المتحدة بقيمة 110 مليارات دولار.

الآن، يبدو أن المملكة تبذل جهدا لإعفاء "بن سلمان" من جريمة قتل "خاشقجي" رغم أنه من الواضح منذ فترة طويلة أن ولي العهد يجمع السلطة المطلقة في يديه، لا سيما فيما يخص القضايا الأمنية.

وفي الوقت نفسه، قد يكون "بن سلمان" أساء التقدير إلى حد كبير في الاعتماد على سلطة "دونالد ترامب" وصهره "جاريد كوشنر"، في الدفاع بجدية عن مصالحه في الكونغرس الأمريكي وما وراءه.

ومن المؤكد أن الرياض لم تكن معروفة على الإطلاق باحترامها لحقوق الإنسان، لكنها لم تعمل بهذه الطريقة الهوجاء من قبل.

ما الذي تغير؟ جزء من ذلك هو جيل جديد من القادة الذين يحاولون شق طريقهم إلى السلطة، ومع ذلك قد يكون من السابق لأوانه التنبؤ بما إذا كانت هذه القيادة الجديدة ستعود إلى نمط العائلة المالكة التي تتبنى التغيير البطيء والتدريجي لتحقيق الأهداف، للحفاظ على النظام بدلا من تعريضه للانهيار.

ببساطة، لقد بدا "بن سلمان" غير قادر على تحمل مقاليد السلطة.

وفي الحقيقة، فإن المشكلة أعمق من "بن سلمان" والعملية التي نجح من خلالها في الوصول إلى السلطة، فرغم أنه المفضل لدى الملك، فإن توليه العرش لن يكون آمنًا حتى تصادق عليه هيئة البيعة.

أما الآن، فمع تخطي "بن سلمان" الجزء الأكبر من أحفاد الملك "عبدالعزيز آل سعود"، يمكن أن تكون قضية "خاشقجي" تهديدا وجوديا لخطة وصوله إلى عرش المملكة.

في الواقع، لقد كان الملك "سلمان" هو المبادر بالاتصال بالرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، نهاية الأسبوع الماضي، سعيا للتوصل إلى حل.

سؤال مركزي

والسؤال المركزي، الذي تم تجاهله في هذه المرحلة من فضيحة "خاشقجي"، هو ما إذا كان من الممكن إعادة المملكة إلى خطها، أم أنها تتجه نحو وضع دولة منبوذة حقيقية؟

ملوك السعودية، كلهم ​​من الجيل الأول من أبناء المؤسس الملك "عبد العزيز بن سعود"، لم ينضموا إلى العرش في كثير من الأحيان حتى كانوا على الأقل في الستينيات.

خلال زيارتي إلى الرياض، قال لي أحد كبار الأمراء، وهو جزء من مجلس البيعة الذي يضم 28 أميرا يختارون الملك المقبل رسميا، إن هذه الهيئة تريد أن تشعر بأن الحاكم التالي قد تم اختباره بدقة من خلال عدد من التحديات التي تظهر حكمته.

لقد بدا أن "بن سلمان" اكتسب قدرا ضئيلا من الحكمة، أو لم يكتسب شيئا من الأساس.

بالفعل، فقد "بن سلمان" بعض الحلفاء الرئيسيين أو المؤيدين الذين يجب أن يكونوا محوريين في تحقيق أهدافه.

وكان من المفترض أن يلعب مؤتمر "دافوس الصحراء" دورًا رئيسيًا في إطلاق رؤية 2030، لكن في الأيام التي تلت اختفاء "خاشقجي"، أدى استمرار التباطؤ السعودي في الكشف عن تفاصيل الجريمة، إلى انسحاب كبار الرعاة والمديرين التنفيذيين من الفاعلية.

لقد أصبحت قدرة "بن سلمان" على مواجهة التحدي المتمثل في إصلاح المملكة وقيادتها، موضع شك على نحو متزايد.

في الحقيقة، لقد تجاوز "بن سلمان" عدة خطوط حمراء في قضية "خاشقجي"، إذا كان راغبا بحق في الحصول على دعم من العائلة المالكة.

 لقد أنفقت المملكة أموالا طائلة على العديد من المؤسسات الرائدة في الدول الغربية الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، للحفاظ على صورة المملكة.

وفي الوقت الراهن، ربطت الرياض نفسها بشخص واحد، هو ولي العهد، الذي يبدو أنه على وشك تشويه صورة المملكة المصاغة بعناية.

ولا يزال "ترامب" متأثرا بالترحيب الملكي الذي حظي به في الرياض خلال أشهر من توليه منصبه، في حين أن صهره "غاريد كوشنر" أمضى ساعات في المكالمات الهاتفية والاجتماعات التي تعزز علاقته الشخصية مع ولي العهد.

ومع ذلك، ففي النهاية يبدو أن قدرة "بن سلمان" على تحقيق الأهداف الأوسع للولايات المتحدة بالمنطقة أصبحت موضع شك.