ملفات » العلاقات السعودية الاسرائيلية

المملكة في خطر فمن ينتشلها من الوحل؟

في 2018/11/30

مبارك الفقيه- خاص راصد الخليج-                                                   

يقول الفيلسوف العربي التونسي ابن خلدون: "يقلب الحاكم توجّسه وغيرته من شعبه إلى خوف على ملكه، فيأخذهم بالقتل والإهانة".. في المقابل يقول الزعيم النازي أدولف هتلر: "عندما تقود الحكومة الشعب إلى الخراب بشتى الوسائل والإمكانات يصبح عصيان كل فرد من أفراد الشعب حقًا من حقوقه، بل واجبًا وطنيًا".

الشعوب تنتظر القائد

لطالما اعتقدنا أن الشعب ركن أساسي من أركان الدولة، ومنه وله ولأجله تنبثق كل السلطات والقوانين وهو الذي يعطي الشرعية للحكومات والأنظمة، ولعلّ تجربة ما يسمّى "الربيع العربي" دليل على حركة الشعوب التي تنتظر شرارة النهوض لتثور على الواقع الذي ران على كاهلها سنوات وعقوداً طويلة، ولكن نظرة فاحصة إلى نتائج هذه الثورات تبيّن أن حركة الشعوب لم تؤدّ بالضرورة إلى حكم جديد أو نظام بديل يلبّي طموحاتها، ومعظم الذي تغيّر هو أسماء الأشخاص والتسميات، إلا أن الفرق الجوهري الذي تحقّق هو أن هذه الشعوب كسرت حاجز الخوف المعنوي من التحرّك والقيام، ولا ينقصها سوى الرؤية والرسالة والأهداف .. والقائد.

ابن سلمان محرج

وفي حال المملكة السعودية اليوم أكثر من عنصر يتّصل بشكل مباشر أو غير مباشر بما تقدّم من حديث، على وقع التظاهرات التي انطلقت في أكثر من بلد عربي رفضاً لزيارة ولي العهد محمد بن سلمان إلى أراضيها، وهي زيارات تقع ضمن جولة يجريها الأمير على مجموعة من بعض الدول العربية قبل مشاركته في مؤتمر الـ 20 الذي ينعقد في بيونس آيريس، وقادته إلى كل من الإمارات العربية والبحرين ومصر، حيث لقي فيها الترحاب الطبيعي والمنتظر، ولكن المفارقة هي في رفض الشعب التونسي هذه الزيارة - بخلاف الحكومة التونسية - لاعتباره مسؤولاً عن جريمة قتل جمال خاشقجي وتقطيع أوصاله، والمفارقة الثانية هي في عدم شمول المغرب في زيارته بسبب رفض الملك محمد السادس استقباله، وهي خطوة غير مسبوقة في علاقات البلدين، وهو ما دفع ولي العهد إلى الإعراض عن زيارة الجزائر تلافياً لإحراج سياسي ودبلوماسي جديد.

رجل المنشار

وقد نتفهّم حساسية العلاقة بين المغرب والسعودي على خلفية موقف الرباط الذي لم يدعم ابن سلمان في ملف جريمة خاشقجي وخلفية علاقتها المستمرة بدولة قطر على الرغم من استحكام الخلاف بين الدوحة والرياض، ولكن الأصعب في هذه القضية هو الصورة القاتمة التي ترافق ولي العهد السعودي، وانتشرت في كل أنحاء العالم وتظهره كقاتل سفّاح وديكتاتوري موتور طامح بالسلطة في السعودية، وسط تهديدات من منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأن تطاله يد القضاء لدى وصوله إلى الأرجنتين، في حين أنه سيواجه عزلة من قبل بعض رؤساء الدول الذين لا يرون أنفسهم في موقع سليم أمام شعوبهم وهم يصافحون "رجل المنشار" السعودي، وهو ما سينعكس حتماً على صورة المملكة ومعادلات استقرارها السياسي والاقتصادي في المنظومة الدولية.

شخص غير مرحب به

حاولت واشنطن قبل يومين من قمة الأرجنتين أن تبرئه من دم خاشقجي من خلال تأكيد وزير الخارحية الأمريكية مايك بومبيو، عقب اطلاعه على كافة المعلومات الاستخباراتية، أنه لا يوجد أي شيء يربط محمد بن سلمان بجريمة اسطنبول، ولكن هذا القرار ينبع من ضرورة الحفاظ على مصلحة واشنطن مع الرياض وعدم الإضرار بالأمن القومي الأمريكي، وبالتالي فهو لا يلزم باقي الدول في اعتماده كقاعدة في تعاملها مع المملكة. كما سعى ولي العهد أن يعطي الإيحاء أمام الرأي العام في جولته المتعثرة على الدول العربية أنه لا يزال في موقع "الأخ الأكبر"، ولكنه فشل في ذلك، وهو سيسعى من خلال تواجده في بيونس آيريس أن يضع نفسه في جوار الكبار أمثال دونالد ترامب وفلاديمير بوتين ورجب طيّب أردوغان، لتلميع صورته، ولكن الخوف في أن تكون مشاركته صورية وهامشية لأنّه "شخص غير مرحّب به"، خصوصاً أن لا تأكيد على وجود إسم محمد بن سلمان على جدول لقاءات ترامب المعلنة.

المملكة في الحضيض فهل تسعفها إسرائيل؟

باتت المملكة السعودية اليوم في خطر، ولن يستطيع ولي العهد أن ينقذها من تداعيات الهجمة الدولية السياسية والإعلامية المركّزة على شخصه، فهو منذ أن اعتلى منصب ولي العهد أظهر التصاقاً بين شخصه وبين المملكة ككل، فكأنه هو المملكة والمملكة هو، يسرّها ما يسرّه ويضرّها ما يضرّه، والحال اليوم أن المملكة لم تعد في موقع الريادة بل قاربت مستوى الحضيض، بسبب سياساته وسلسلة الأخطاء المباشرة التي ارتكبها بسبب رعونته، كما يصفها الصحافي الأمريكي دافيد أغناسيوس، أو بسبب غباء مستشاريه ومعاونيه وفوضى السياسة الخارجية التي يعيث بها عادل الجبير.. باتت سمعة المملكة في الوحل اليوم، فمن الذي يعيد نصاعتها؟! وكيف تستعيد دورها في المنظومة العربية؟! أم أن أمريكا وإسرائيل ستمدّان يد العون لابن سلمان لانقاذه؟!