الخليج أونلاين
كشفت مصادر دبلوماسية عربية رفيعة المستوى عن تفاصيل جديدة تُنشر لأول مرة حول ملف العلاقات الذي فُتح قبل أسابيع بين "إسرائيل" وجمهورية تشاد الإسلامية، بعد قطيعة تامة استمرت ما يقارب 47 عاماً.
وأكدت المصادر، في تصريحات حصرية لـ"الخليج أونلاين"، أن دولاً عربية كان لها دور كبير في إعادة العلاقات الثنائية بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وتشاد، رغم التزام الأخيرة الكامل بالقرار العربي والإسلامي الذي دعا لقطع جميع العلاقات مع "إسرائيل" في أعقاب حرب 1973.
وأوضحت أن تشاد كانت مترددة بشأن إعادة علاقتها مع دولة الاحتلال؛ نظراً للظروف الحاصلة في المنطقة، وخشيتها من تجاوز القضية الفلسطينية، إلا أن مسؤولين من دول عربية، وعلى رأسها السعودية، نجحوا في إقناع الجمهورية الإسلامية بالعدول عن موقفها الذي تمسكت به طوال السنوات الماضية.
ما علاقة السعودية؟
المصادر العربية أشارت إلى أن الضغوط السعودية التي مورست طوال الشهور الماضية على الرئيس التشادي إدريس ديبي، ومحاولات إقناعه، قد نجحت فعلياً في فتح باب العلاقات والتطبيع على مصراعيه مع دولة الاحتلال.
وكانت أول خطوة حين سمحت تشاد بدخول وفد إسرائيلي، رأَسه أحد مساعدي مئير بن شابات، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى أراضيها والاجتماع بمسؤولين تشاديين قبل ثلاثة أشهر، من بينهم محمد ديبي، نجل الرئيس الذي يتولى قيادة أحد الأجهزة الأمنية.
وزادت في حديثها أن "العلاقات تطورت، والاتصالات عادت بشكل تدريجي ومتقدم، حتى وصلت إلى زيارة نتنياهو المفاجئة للعاصمة التشادية، 20 يناير الجاري، ولقائه بديبي، لتكون تشاد بذلك قد أنهت القرار العربي بقطع كل أشكال العلاقات المباشرة وغير المباشرة مع إسرائيل، وفتحت معها باب التطبيع بصورة علنية".
وتضيف المصادر العربية أن للسعودية والإمارات على وجه الخصوص دوراً كبيراً وهاماً في تعبيد الطريق لدخول قطار التطبيع إلى جميع العواصم العربية والإسلامية التي يمكن أن تؤثر في قراراتها وتوجهاتها السياسية، سواء بالمال أو بالعلاقات، وذلك في ظل العلاقات المتطورة والمتصاعدة التي تتمتع بها الرياض وأبوظبي مع "تل أبيب" في الشهور الأخيرة.
الجدير ذكره أن نتنياهو وصل إلى العاصمة التشادية في 20 يناير الجاري، والتقى بالرئيس ديبي هناك، فيما زار الأخير القدس في 27 نوفمبر الماضي، لينهي الجانبان بتلك الزيارات الرسمية قطيعة استمرت منذ العام 1972، وسط إشادة إسرائيلية بمكانة تشاد ونجاح نتنياهو في اختراق القارة السمراء.
وأعلن نتنياهو، في 24 يناير الجاري، أن لدى "إسرائيل" تحالفات سرية مع بلدان عربية، وقال أثناء تفقده تمريناً عسكرياً لقوات الاحتلال الإسرائيلي يحاكي احتلال قرية في لبنان، إن "إسرائيل" لديها تحالفات سرية وعلنية مع العالم العربي، بحسب ما نقلته شبكة "روسيا اليوم".
ويأتي حديث نتنياهو في ظل موجة تطبيع عربية عالية مع الاحتلال، وسبق تشاد عدة عواصم عربية ركبت قطار التطبيع أبرزها الرياض وأبوظبي والمنامة ومسقط، بعد القاهرة وعمّان اللتين تربطهما علاقات رسمية مع "إسرائيل" لم تنقطع.
تآمر على قضية فلسطين
وفي ذات السياق أكد كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل عام 48، أن للسعودية دوراً مشبوهاً وخطيراً ضد القضية والمشروع الوطني الفلسطيني.
وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، قال: "ما يجري داخل العواصم العربية، وعلى رأسها الرياض، من خطوات متقدمة نحو دولة الاحتلال، والضغط على دول عربية وإسلامية أخرى وإقناعها من أجل فتح باب التطبيع، يعد خيانة وتآمراً على القضية الفلسطينية".
ويوضح الخطيب أن السعودية باتت تلهث خلف "إسرائيل" وإقامة العلاقات السياسية والثقافية والعسكرية والأمنية معها، وهي كذلك تريد أن تهيئ كل الدول العربية والإسلامية لخطواتها القادمة بإقامة علاقات علنية ورسمية مع دولة الاحتلال.
ورأى نائب رئيس الحركة الإسلامية أن أي خطوة تمهد وتعبد للتطبيع وإعادة العلاقات مع "إسرائيل" تعد "خيانة لفلسطين وقضيتها ومقدساتها وشهدائها"، لافتاً إلى أن الدول العربية تريد أن تتجاوز القضية الفلسطينية للوصول إلى الحضن الإسرائيلي بأي ثمن كان لضمان بقاء حكامها على كراسي الحكم.
وضمن خطوات التطبيع والعلاقات المتطورة التي تسير دون حواجز، وجه مديان بار، رئيس "رابطة الطيارين الإسرائيليين"، دعوة إلى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، والطيارين السعوديين للمشاركة في "مؤتمر الطيران الإسرائيلي" بمدينة "تل أبيب" في مايو المقبل.
ووفقاً لما ذكرت وكالة "سبوتنيك"، 21 يناير الجاري، استهل بار رسالته بالقول إن عمره مثل عمر ولي العهد السعودي، وهو العمر المناسب في "إسرائيل" للعمل في الطيران المدني، مضيفاً أن المنطقة "تشهد تغييرات تبشر بمستقبل يسود فيه التعاون"، بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست".
وفي أبريل الماضي صرح بن سلمان أن للإسرائيليين الحق في العيش بسلام على أرضهم، وذلك في مقابلة نشرتها مجلة (ذا أتلانتيك) الأمريكية، الأمر الذي مثّل إشارة علنية إلى أن الروابط بين الرياض وتل أبيب تزاد قرباً يوماً بعد يوم.
وتشهد المنطقة نشاطات تطبيعية بين دول عربية، على رأسها السعودية والإمارات والبحرين، و"إسرائيل"، وأخذ بعضها طابعاً أقرب إلى العلنية بعد سنوات من اللقاءات السرية.